يقول مناهضو السياسة التي تتبعها البرازيل والداعية للاكثار من المزروعات التي ينتج منها الوقود الحيوي وعلى رأسها الايتانول إنها تفقد الملايين قوت يومهم.


نهى احمد من سان خوسيه: علينا ان نطعم السيارات ونترك الناس يموتون جوعا، هذا هو الشعار الذي ينشرهمناهضو السياسة التي تتبعها البرازيل حاليا والداعية الى الاكثار من زراعة المزروعات والحبوب التي ينتج منها الوقود الحيوي وعلى رأسها الايتانول. ويقول تقرير لجمعية حماية البيئة والطبيعة في البرازيل ان 800 مليون سيارة في العالم تسير حاليا على الوقود الحيوي في الوقت الذي يشكو فيه نفس العدد من الجوع في العالم ودخل بضعة ملايين منهم خانة المجموعات التي تعاني من امراض شديدة بسبب قلة التغذية او بسبب وصولهم الى الخط الاحمر للجوع، واستندت الجمعية في ذلك الى بيانات منظمة التغذية العالمية التابعة للامم المتحدة.

وحسبما ورد أيضا في تقرير هذه المنظمة البرازيلية بناء على دراسات اجرتها في اكثر من عشرة بلدان في اميريكا اللاتينية فان هذا النوع من الزراعة من اجل انتاج الوقود الحيوي كان له تأثير سلبي كبير على اقتصاديات الزراعة في العامين الماضيين وسوف يظل هذا التأثير حتى ما بعد عام 2020. كما وان المنتجات الزراعية ارتفع سعرها لانه قل تواجدها في الاسواق ومن المتوقع ان يتواصل الارتفاع في السنوات العشر المقبلة. فسعر القمح سوف يرتفع حتى ال 50 في المئة، وفي البرازيل مثلا اضطر البرازيليون الى دفع سعر االمنتجات الزراعية ثلاثة مرات اكثر هذا السنة مقارنة مع العام 2009.

وهذا الوضع ينطبق على العديد من بلدان هذه القارة الا ان الحكومات لا تعطي اية اهمية لذلك وتواصل سياسة تشجيع زراعة المواد التي ينتج منها الوقود الحيوي بحجة مساهمتها في حماية البيئة والطبيعة، والشركات المصنعة للسيارات تتصرف وكان الامر لا يعنيها ابدا.

ولقد شهدت الذرة على سبيل المثال ارتفاع في السعر وصل الى 24 في المئة مقارنة مع العام الماضي، الا ان مبيعاتها فاقت التوقعات ، ومعظمها ذهب من اجل انتاج وقود الايتانول، فيما ارتفعت اسعار العلف وبالتالي اللحوم اكثر من 30 في المئة والحليب حوالي 15 في المئة، ما رفع سعر التورتيا( وهي نوع من الخبر يحضر من الذرة) اكثر من 60 في المئة في المكسيك والبرازيل وكوستاريكا وتشيلي وسبب احتجاجات شعبية عارمة في المكسيك .

والمشكلة الاخرى هي عزوف مزارعين عن زرع اراضيهم بالصويا والقطن من اجل زراعتها قصب السكر لانتاج مادة الاتانول التي اصبح يمثل لهم الذهب السائل. ومواصلة هذا النمط من الزراعة لا يلحق الضرر فقط بتربة الاراضي الزراعية لانها تزرع بنوع واحد من المزروعات بل ويسبب الجوع لاكثر من 52 مليون شخص في اميريكا اللاتينية، اي ما يعادل 10 في المئة من تعداد سكان القارة الاميريكية.

والى جانب تسبب الايتانول بالجوع للملايين كشفت منظمة حماية البيئة والطبيعة ان حقول زراعة قصب السكر تحول في البر ازيل خاصة في الغابات الامازونية الى قطاع يتم فيه استغلال العاملين بابشع الاشكال ما يدفع الى القول بان العبودية قد عادت بشكل حديث. اذ ان الاجر يتم بناء على الكمية التي يقطفها العامل، وليس بناء على ساعات العمل، ما يجعل بعض العمال يشتغلون اكثر من 20 ساعة يوميا ، ولا يمر على العامل عام او اكثر ويكون قد اصيب بامراض كثيرة، فهو لا يجهد فقط بل ولا يتناول الغذاء الكافي والمطلوب لمثل هذا العمل، وفي سنوات العبودية كان يسمح للعمل لمن فوق سن ال 15 عاما، اما اليوم فيعمل من دون هذا السن على الرغم من الحظر الدولي لتشغيل الاطفال.

وفي اقل من اربع سنوات زادت البرازيل مساحات زراعة قصب السكر التي يصنع منه الايتانول اكثر من 300 الف هتكار وكانت هذه الاراضي لزراعة مزروعات مختلفة، ما وفر عشرة الاف مكان عمل وسمع للبرازيل بزيادة انتاجها من الايتانول ليرتفع من 630 مليون ليتر قبل ثلاثة اعوام الى 1،7 مليار ليتر سنويا.