قال الخبير المائي مغاوري شحاته أن منابع انهار أغلب الدول العربية تقع في بلدان أخرى تتحكم بمعظم مياهها. ويرى مغاوري الذي يعتبر خبيرا دوليا في الموارد المائية وأستاذ جيولوجيا المياه ورئيس الجمعية العربية للمياه صاحب العديد من المؤلفات والدراسات الهامة عن قضايا المياه العالم العربي خلال حوار مع إيلاف أن مشكلة دول منابع النيل الاخيرة مع دول المصب ( مصر والسودان) هي نتاج هذه الحالة.


هنا نص الحوار الذي اجراه في القاهرة فتحي الشيخ:

كثير من الدراسات تتكلم عن أزمات المياه في العالم، وحروب المياه القادمة، اين العالم العربي من هذا؟
معظم الدول العربية تعانى من ندرة المياه العذبة المتجددة، نحن مساحتنا 10% من مساحة العالم ومصادر المياه لدينا تمثل 2% فقط من مصادر المياه العذبة بالعالم، ويصل عدد الدول العربية التي تقع تحت خط الفقر العالمي للمياه والذي حددته الأمم المتحدة بأقل من ألف متر مكعب سنويا للفرد إلى (19) دولة، والمشكلة الخطيرة هنا، هي أن أغلب البلاد العربية لا تملك السيطرة الكاملة على منابع مياهها، لان منابع هذه الانهار تقع في بلاد آخرى مثل تركيا وإيران بالنسبة لدجلة والفرات واثيوبيا وغينيا والسنغال وكينيا وأوغندا وزائير بالنسبة لنهر النيل، وهذه الدول تتحكم بأكثر من 60% من منابع الموارد المائية للوطن العربي،ومشكلة دول منابع النيل الاخيرة مع دول المصب (مصر والسودان) هي نتاج هذه الحالة.

في ضوء هذه المعطيات كيف تتوقع ان تنتهي الأزمة الحالية بين مصر وبين بعض دول المنبع بسبب تقسيم حصص مياه النيل؟
أولا يجب العلم أن حصة مصر من المياه التي تبلغ 55 مليار متر مكعب تمثل أقل من 5% من إجمالي المياه المتساقطة على حوض نهر النيل، حيث هضبة الحبشة يسقط عليها كل عام نحو 840 مليار متر مكعب، و1660 مليار متر مكعب تسقط على هضبة البحيرات التي تطل عليها أوغندا، وكينيا وتنزنيا،وأعتقد أن هناك أطراف خارجية تقوم بأدوار تحريضية لاثارة هذه الدول ضد مصر، ولكن هناك تحركات الان في مصر من القيادة السياسية لاحتواء هذه المشاكل وحلها في اطار التفاوض الذي تنتهجه مصر طريق لحل مشاكلها مع دول حوض النيل.

هل إسرائيل هي المقصودة بالاطراف الخارجية التي تقوم بادوار تحريضية؟
إسرائيل تقوم بهذا الدور ضد مصر، وتتواجد في دول المنبع عبر مشروعات تعاون مع هذه الدول بعضها زراعي أو متعلق بالري والمياه، وكذلك تستغل النزاعات في هذه المنطقة للقيام بتعاون عسكري مع أنظمة هذه الدول، وأغلب الشركات ldquo;الإسرائيليةrdquo; العاملة في هذه المناطق هي شركات استخباراتية بثوب مدني.


لكن مصر بها فعليا مشكلة في المياه قبل حتي التحركات الاخيرة لدول حوض النيل كيف تري أزمات المياه التي تتكرر كل عام في مصر؟
نصيب الفرد من المياه العذبة في مصر يأخذ اتجاه التناقص لان الحصة تكاد تكون ثابتة في نفس الوقت الذي يزداد فيه عدد السكان، موارد المياه العذبة في مصر تصل الي 65 مليار متر مكعب وان اقصي طاقة متوقعة لمصر سنة 2020 من الممكن ان تصل 70 مليار متر مكعب وهذه المصادر تتمثل في مياه نهر النيل والابار ومياه الامطار وناتج معالجة مياه الصرف الصحي، في نفس الوقت الذي سيصل عدد السكان إلى 90 مليون نسمة، وبالتالى هناك عجز سوف يصل إلى 15 مليار سواء مياه الشرب أو الري لهذا تتكرر أزمات المياه في بعض محافظات مصر.

هل هناك سبل لمعالجة هذه الأزمات؟
بالتأكيد يمكن توفير 9 مليارات متر مكعب سنويا من مياه الصرف في حالة معالجتها، فمياه الصرف في مصر ثروة مهدرة لا يستخدم منها سوي القليل، ولابد من معالجتها وتدويرها حتى تصبح صالحة للاستخذام،وهناك دول في المنطقة تقوم بهذا مثل السعودية واسرائيل وتستخدم هذه المياه بعد تدويرها في الزراعة،ايضا العمل على تحلية مياه البحر، ووجود مخطط قومي لادارة المياه في مصر ادارة رشيدة خاصة المياه الجوفية ومياه الامطار.

وماذا عن المشاكل المتعلقة بتلوث المياه؟
المفروض هناك ثلاثة أنواع لتوصيل المياه في مصر الاولى هي شبكة توصيل المياه حتى المنازل والثانية هي الحنفيات العمومية والثالثة هي الترمبات الحبشية شبكات مياه الشرب التي تصل إلى المنازل تصل نسبة تغطيتها الي 65 % من عدد السكان وتصل نسبة الاماكن التي بها حنفيات عامة الي 9% الي 10 % من عدد السكان خاصة في القري ايضا الترمبات الحبشية تغطي نسبة 11.5 % من السكان و المفترض ان95 % من القري المصرية مغطاة بمياه عذبة نقية لكن هذه ليست الحقيقية، لان هناك مناطق مغطاة بشبكات المياه ليست على الكفاءة المطلوبة، حيث تصل كفاءة الشبكات بها إلى 20 % من الكفاءة المطلوبة نتيجة سوء تصميم الشبكات وقدمها وتهالك معظمها بجانب عدم وجود صيانة،ايضا محطات المعالجة الموجودة ليستكلها على كفاءة واحدة، حيث تتركز في العواصم والاماكن المهمة مثل القاهرة والاسكندرية المحطات ذات الكفاءة في كمية الانتاج ونوعيته لانها تستخدم طرق معالجة للخاصة أكثر فاعلية وتكلفة عن المحطات الموجودة في القري والنجوع وعواصم المحافظات وسبب ذلك هو ارتفاع تكلفة المعالجة، فاذا كان في المياه 50 ملوث فانه يتم إزالة الملوثات الأشد خطورة فقط لان كل ملوث يتم ازالته يستلزم نفقات مضافة،ايضا هناك سبب اخر قوي،وهو ان 90 % من القري في مصر غير مغطاة بالصرف الصحي وهذه القري ستحل مشاكلها عن طريق بيارات صرف ينتج عنها تلويث للمياه الجوفية القري التي تعتمد على الترامبات،وهذه مشكلة كبيرة يجب ان يكون هناك برنامج متكامل من الدولة لحل هذه المشكلة.

تصوير: محمد علي الدين