يبدو أنّ التغيرات المناخيّة التي يشهدها لبنان كنقص الأمطار وبقاء حرارة الطقس مرتفعة مع انحسار موجات البرد، فرضت على السياسيين الاهتمام بالموضوع. وناشد وليد جنبلاط اللبنانييّن التقشف في استخدام المياه quot;ضمانا لحصانة المجتمع وتجنبا لحصول تقاتلquot;، على حدّ تعبيره.
وزير الطاقة والمياه اللبنانيّ جبران باسيل |
بيروت: استأثر موضوع تغير المناخ الذي يشهده لبنان وانعدام هطول الأمطار في مثل هذه الايام من السنة التي يحل فيها فصل الشتاء، وبقاء حرارة الطقس مرتفعة مع انحسار موجات البرد، باهتمام رجال السياسة ايضاً لا خبراء الارصاد الجوية والطبقات الشعبية فحسب، إذ خرج رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط بتصريح بعيد عن السياسة، هو الأول من نوعه، يتناول فيه الأحوال الجوية التي يعيشها لبنان محملاً quot;النظام الرأسماليquot; المسؤولية.
وقال إن ثمة مواجهة أيضاً صعبة (بعد إشارته الى مواجهة القرار الظني المرتقب صدوره عن المحكمة الدولية) وقد تكون مستحيلة وهي مواجهة التغيرات المناخية متسائلاً عن سبب حصول هذا التغيير ومجيباً quot;بان النظام الرأسمالي الذي أدانه ماركس ولينين في القرن التاسع عشر لا يرحم وها هو اليوم، وبعدما سقطت الشيوعية والاشتراكية العالمية، يستغل خيرات الارض ومناخها واستقرارها وكأنه يريد ان يسير بنا إلى الخرابquot;.
وفيما أسف جنبلاط quot;لعدم حصول دورات ارشاد في كيفية استخدام المياه كي لا تصل الى التقاتل بعضنا مع بعضquot;، ناشد الجميع quot;اعتماد التقشف في استخدام المياه كي يبقى المجتمع محصناً الى حد ما وكي لا نقع في تقاتل معين او مشاكل معينةquot; ، وأضاف:quot;إذا كان لي من نصيحة اخيراً اتركوا جبل الشيخ بعيداً من الرحلات. اتركوه كما هو صامتاً وحيداً نظيفاً من يد الانسان اكبر مخرب على مر التاريخ، اتركوا جبل الشيخ لا طرق زراعية ولا غير زراعة، اتركوه للعمامة البيضاءquot;.
ويأتي كلام جنبلاط ليتزامن مع تحذير جديد اطلقه وزير الطاقة والمياه جبران باسيل في حديث إذاعي الاثنين عن تعرض لبنان لازمة شح هائلة في المياه اكبر بكثير من ازمة انقطاع الكهرباء التي يعاني منها منذ سنوات حتى بلغت المعاناة الذروة في الصيف الماضي (الذي لم يرحل بعد) اذ بلغت درجات الحرارة في بعض المناطق الساحلية اكثر من اثنتي واربعين درجة مئوية واضحت شبيهة بحالة الطقس في العديد من دول الخليج المعروفة بمناخها الصحراوي.
وإذا كان الوزير باسيل الذي اطلق الصرخة قبل اشهر لا يعزو الانقطاع الحاصل في المياه الى تبدل المناخ فحسب بل الى انعدام السدود ايضاً وتلكؤ الدولة في إنشائها، فان خبراء الأرصاد الجوية يرسمون صورة قاتمة ايضاً لما سيكون عليه وضع المياه في لبنان الذي طالما تغنى بجمال طبيعته والثلوج التي تكسو جباله في فصل الشتاء مشكلة موسماً سياحياً لهواة التزلج الذين يأتونه من الدول العربية المجاورة مع ما يعني ذلك من مردود مالي للخزينة اللبنانية افتقدته هذا العام.
وكان فريق من الخبراء قام قبل ايام بجولة استكشافية لمرتفعات القرنة السوداء التي تعد الاعلى في لبنان وتعتبر أشبه بـ quot;ثلاجةquot; طبيعية تعمل على مدار العام ليتبين له عدم تشكل اي طبقة جديدة من الثلج وكذلك الحال في جبال الأرز.
التغييرات المناخيّة تهدّدُ أرز لبنان الشهير |
ويسجل رئيس مصلحة الأبحاث العلمية والزراعية في تل عمارة في البقاع الدكتور ميشال إفرام ما يسميه بـ quot;بوادر سمة مناخية في لبنان تتمثل بنقص الامطارquot;، لافتاً إلى quot;أننا لم نشهد هطولاً فعلياً لها منذ بداية هذا الخريف ولم يتجاوز معدلها الـ 27 ملليمتراً في البقاع الأوسط، بينما بلغ 176 ملليمتراً في العام الماضي ، في مقابل 90 ملليمتراً للمعدل العام التراكميquot;.
وفيما توقع إفرام ألا يهطل المطر في لبنان قبل مرور الاسبوع الأول من الشهر المقبل، نبه إلى تفشي الآفات الزراعية بشكل مؤذ ومكثف بالاضافة الى تدني المنتوجات البعلية وجفاف الآبار والينابيع.
كما رأى أن دفء الطقس الذي نعيشه ادى الى تكاثر فأر الحقل ودخوله من الحقول إلى المنازل، علماً أن الأمطار والصقيع كانا يقتلان هذا النوع من الزلاحف مع بداية فصل الأمطار، كما أن quot;عتةquot; الطماطم التي كانت تضرب هذا النوع من الخضار في السهل وصلت الى حقول الجبال والداخل بشكل كبير.
وطالب افرام بضرورة إعلان حالة طوارئ مناخية في لبنان وقيام حملة وطنية لترشيد الطاقة واستهلاك المياه والبحث الجدي في كيفية تجنيب لبنان ذيول اي تغيير مناخي آت.
تبقى الإشارة إلى أن الدعوة التي اطلقها عدد من ائمة المساجد وخطبائها يوم الجمعة الماضي للصوم ايام الثلاثاء والاربعاء والخميس من هذا الاسبوع والاستعداد لاقامة صلاة الاستسقاء ظهر يوم الجمعة المقبل آخذة في الاتساع ، حيث علمت quot;إيلافquot; ان صلاة الاستسقاء هذه قد تعم جميع المساجد في لبنان وذلك للمرة الاولى في تاريخ بلاد الارز المتعطش لرؤية حبيبات الماء تهطل فوق رأسه المتعب اصلاً من السياسة والذي زاده المناخ تعباً.
التعليقات