عاد الحديث عن اقتصاديات مواجهة التغيرات المناخية يطفو على السطح مرة أخرى، خاصة وأن الظروف السياسية والاقتصادية قد صرفت عنه الانتباه في الآونة الأخيرة، ولكن البنك الدولي لم يتناس مهمته في الوقوف إلى جانب الدول النامية في هذا الصدد وأصدر تقريراً عن تأثير التغير المناخي في اقتصادات الدول النامية.

حسام المهدي من القاهرة: يتوقع تقرير البنك الدولي أن يؤثر التغير المناخي على الدول النامية، بما فيها مصر، بدرجة كبيرة أكثر من غيرها، ويرى أن الآثار المترتبة على التغير المناخي، من ارتفاع في درجات الحرارة وتقلبات في كميات الأمطار وارتفاع مستويات مياه البحار والكوارث المناخية التي تحدث على فترات متقاربة، تشكل خطراً على الزراعة والمياه والغذاء، الأمر الذي من شأنه أن يهدد محاولات البنك الدولي لتخفيض معدلات الفقر والجوع والمرض، مما يستلزم بالضرورة وضع استراتيجيات للتخفيف من العوامل، التي من شأنها أن تؤدي إلى التغير المناخي، إضافة إلى تبني استراتيجيات للتخفيف مع تلك التغيرات، وذلك يتطلب تعاوناً دولياً يتخطى حدود الدول.

أولاً: استراتيجيات الحد من أثر العوامل المؤدية إلى التغير المناخي
هي استراتيجيات يتبناها البنك الدولي، وتركز على الطاقة وإدارة النفايات الصلبة والزراعة والمواصلات، حيث يتبى البنك الدول مشاريع في الدول النامية، من شأنها التشجيع على إيجاد مصادر جديدة ونظيفة للطاقة ذات انبعاثات كربونية منخفضة والاعتماد على أساليب تكنولوجية جديدة للحد من انبعاث الكربون في المواصلات وتقنيات أكثر كفاءة لاستخدام الأراضي الزراعية والحد من تعرية التربة وحماية التنوع البيولوجي.

ثانياً: استراتيجيات التكيف مع آثار التغير المناخي، فقد شهدت العقود الأخيرة ارتفاعاً في درجات حرارة العالم، وتزايد هطول الأمطار بغزارة، وحدثت الفياضانات وحالات جفاف متزايدة ومستمرة لفترات طويلة، وقد انعكست هذه التغيرات المناخية على مستوى إنتاج المحاصيل الزراعية، واضطرابات في الإنتاج الزراعي، وخاصة في الدول الأقل استعداداً لمواجهة هذه التغيرات المناخية على مستوى إنتاج المحاصيل الزراعية.

ومن المتوقع تزايد آثار الآثار السلبية المترتبة على التغيرات المناخية على الزراعة خلال العقود المقبلة نتيجة تزايد التقلبات الجوية، وفي الأجل الطويل يتوقع التقرير أن تعيد التغيرات المناخية تشكيل جغرافية الأراضي الزراعية، وأن تكون الأنظمة الزراعية أكثر عرضة للتقلبات في المناطق الجافة وشبه الجافة والمناطق الجافة شبه الرطبة في الدول النامية، وحيث إنها تتسم بتقلبات في مستوى الأمطار وحالات جفاف متكررة وفيضانات.

من جانب آخر، يمكن أن تؤثر التغيرات المناخية في حالة ارتفاع درجات الحرارة ارتفاعاً محدود بالإيجاب على مناطق محدودة، ومنها شمال الصين وأوروبا الشرقية وشمال الولايات المتحدة والمنطقة الجنوبية في أميركا الجنوبية، لذلك تبنى البنك الدولي استراتيجيات، تهدف إلى إيجاد وسائل تمكن من التكيف مع التطورات المناخية التي لا مفر منها، وتشمل تحسين أساليب جمع البيانات عن حالة الطقس والتوقعات المناخية، وتوفير مساعدات فنية مثل تطوير أنظمة صحية لمواجهة الأمراض الجديدة، وتطوير خيارات جديدة وتبادل المعرفة بشأن أفضل الطرق لاستخدام الأراضي الزراعية. إضافة إلى تقييم المخاطر ودرجة التأثر بها، والعمل على تطوير محاصيل زراعية أكثر مقاومة لنقص المياه والظروف المختلفة.

في سياق متصل، أشار أمين أباظة وزير الزراعة المصري أن مصر من جانبها تعطي هذا الملف اهتماماً كبيراً، وتتكاتف مع أية جهة دولية، ولا سيما البنك الدولي، لمواجهة تأثيرات التغير المناخي، موضحاً أن مركز البحوث الزراعية من أوائل الجهات البحثية التي بدأت العمل في دراسة الآثار المترتبة على ظاهرة التغيرات المناخية، من خلال إنشاء لجان وكيانات بحثية في المركز، خاصة بالتغيرات المناخية، منها إنشاء المعمل المركزي للمناخ الزراعي وإنشاء اللجنة العليا للتغيرات المناخية، التي يرأسها وزير الزراعة واستصلاح الأراضي وإنشاء اللجنة التنفيذية للتغيرات المناخية، التي يرأسها الدكتور أيمن أبو حديد رئيس مركز البحوث الزراعية وإنشاء مركز معلومات التغير المناخي، الذي من شأنه تجميع المعلومات ونتائج الدراسات والأبحاث التي أجريت على إثر التغيرات المناخية المستقبلية على قطاع الزراعة في مصر.

من جانبه، أكد الدكتور فوزي الشاذلي مدير معهد بحوث الاقتصاد الزراعي أن هناك خطة عمل للوزارة في العمل العلمي والتنمية الزراعية ومواجهة أي متغيرات بيئية. مشيراً إلى أن معهد بحوث الاقتصاد الزراعي قد قام بإجراء 76 دراسة في إطار الخطة، علاوة على 22 دراسة ميدانية لمعالجة قضايا تواجه القطاع الزراعي والتنمية الاقتصادية والاجتماعية.

ولفت إلى أن موضوع التغيرات المناخية من الموضوعات المهمة التي حظيت باهتمام المجتمع الدول في الآونة الأخيرة، لما لها من انعكاسات اقتصادية وبيئية واجتماعية، تؤثر على قضايا التنمية في البلدان المختلفة، ومن بينها مصر، ولذا فالميزانية مفتوحة وغير محددة لمواجهة هذا الخطر، كما إن جهات دولية عدة مهتمة بالأمر، وخاصة الاتحاد الأوروبي والبنك الدولي.