طلال سلامة من روما: تطور شركة (Xenova) البريطانية لقاحاً جديداً لمكافحة الإدمان على المخدرات(الكوكايين) الذي لم يستطع كبار العبقريين، لغاية اليوم، معالجته في الطريقة الصحيحة. ويعتبر الكوكايين حلاً طبيعياً يحسٌن مزاج المرء كونه عاملاً يسبب تأثيراً فسيولوجياً مشابهاً لذلك المنتج نتيجة حفز الجهاز العصبي الودي (Sympathetic Nervous System).
وسرعان ما أضحى الكوكايين مخدّراً أسيء استعماله بسبب ملكيته التي تختلق الشعور بالنشاط والخفة والمرح، ما يجعل المرء يعتمد عليها وكأنها quot;رفيقة الدربquot; لمعالجة وضعه النفسي ذاتياً دون استشارة الطبيب. لكن الكوكايين منبّهاً ومسبّباً رئيسياً للإدمان بدأ تزايد استعماله يقلق المراجع الصحية، حول العالم. وأغلب المدمنين على الكوكايين مُعَالَجون من قبل طبيب اختصاصي أو طبيب نفساني في مراكز العلاج والتأهيل. في أي حال، ونظراً لنسبة معاودة تعاطي الكوكايين العالية، المسجلة عبر المعالجة الحالية، فإن هناك الحاجة لاتباع معالجة متطورة بجانب برنامج العلاج المعياري.
وتكمن تأثيرات الكوكايين الأبرز في اختلاق حالة نفسية مبتهجة من طريق مَنْع إعادة امتصاص المستقبلات العصبية(مثل الدوبامين) في نقاط الاشتباك العصبي، في الدماغ. هذا ويُنسب الإدمان على الكوكايين الى الاختلال الوظيفي الاجتماعي، و76 في المئة من المدمنين يعانون من اضطرابات نفسية، مثل القلق أو الكآبة. أما التداعيات الطبية المتعلقة بالكوكايين فتتفرع لتشمل الأوعية القلبية والجهازين العصبي والتنفسي إضافة إلى تسبيب التعقيدات المعوية بما فيها الغثيان وألم البطن.
واللقاح عبارة عن بروتين ثنائي الاشتقاق. إذ يوحٌد أحد مشتقات الكوكايين بالتُكسين المسمى (Recombinant Cholera Toxin B)، أو (rCTB)، المُحرٌر من كائنات متناهية الصغر تعيش في المعي الدقيق. ويُعطى اللقاح بواسطة حقنة عضلية، وتستلزم المعالجة عدة حقنات منه لحفز ردة فعل المضادات الحيوية أمام مادة الكوكايين.
وتشير المرحلة الثانية من الاختبارات السريرية الى أن مستوى مضادات الكوكايين الحيوية، المسماة (IgG)، وصل الى ذروته بعد أربع حقنات عضلية تمت في أوقات متتالية مختلفة.
وهو ما يعني أن مفعول تلك المضادات الحيوية يسري في فترة ما بين 70 و90 يوم على تناول اللقاح. كما بقيت تلك المضادات فعالة في الجسم لمدة ستة شهور، على الأقل. حتى اليوم، على الصعيد البريطاني، نجح 75 في المئة من المدمنين، الذي خضعوا طوعاً لهذا اللقاح، في التوقف عن تعاطي الكوكايين. أما هؤلاء الذين علقوا مجدداً في دوامته، فسجل عندهم تراجعاً في الشعور بالنشوة الذي تثيره الخلايا الدماغية نتيجة مفعول الكوكايين.
هكذا، يستنتج الخبراء الأوروبيون أن تركيبة اللقاح الجديد، المسمى (Ta-Cd)، تساعد في إنتاج المضادات الحيوية التي تمنع الكوكايين من الوصول الى دماغ المدمن. بالفعل، يشكل اللقاح حاجزاً أمام المفعول النفسي لهذا المخدر، المرتبط بشدة بالشعور بالسعادة والنشاط المتدفق في النفس.
وفي ايطاليا، ثمة حوالي 300 ألف مستهلك للكوكايين، الذي بدأ تعاطيه يزداد مؤخراً اثر تدني سعر الغرام الواحد ليصبح بالتالي متلائماً أكثر فأكثر مع quot;جيبةquot; كافة الفئات الاجتماعية. والعديد منهم لا يشعر أو يعترف بتعلقهم بهذا المخدر. وحتى لو توفر اللقاح في صيغته النهائية بإيطاليا، فإن العديد من المدمنين على الكوكايين لن يشترونه بسبب قلة إدراكهم الحسيٌ بالمخاطر التي تحيطهم. وفي الوقت الحاضر، يدرس معهد الصحة العامة والمجتمعية الإيطالي كيفية استثمار الأموال وتجنيد الباحثين الإيطاليين في المرحلة النهائية من اختبار لقاح قد يقف نهائياً في وجه آفة الكوكايين الاجتماعية المنتشرة بشكل مهول داخل كل المجتمعات.. الغنية والفقيرة.
التعليقات