quot;ماذا حدث لى فى الأتوبيس؟... لماذا عندما غفوت لحظات على مقعدى ثم إستيقظت وجدت مشهداً مخجلاً... إنتصاباً ظاهراً لكل ركاب الأتوبيس.. إنى لم أحلم بشئ، والجالس على المقعد المجاور رجل غارق فى سابع نومه، وكل الظروف غير مهيأة للحدث... إنى حائر فعلاً!!quot;.

سألنى الفتى هذا السؤال وهو فى غاية الفزع والهلع عن معنى هذا ومغزاه، وتحول صوته الجسور أو الذى كان جسوراً إلى مجرد همس خافت، وصارت جبهته النافرة مجرد إطراقة.
مثل هذا الفتى هل ننتظر منه ومن أقرانه أن يظلوا واضعين الأيدى على الخدود واقفين عند حدود منطقة النظر فقط أم يقتحمون التخوم ويدخلون إلى معسكر الكشف، أعتقد أن جميعهم سيفعلون ذلك حتى ولو كان المعسكر مليئاً بالألغام.

إن الفتيان يقضون الساعات فى تلمس أعضائهم التناسلية وقياسها ومقارنتها، والغالبية تقع صرعى لأسطورة طول القضيب وحجمه.
الفتيات أيضاً يصيبهن وسواس الثدى الأزلى.. الفرق بين حجم الثديين ومدى إستدارتهما والشعر الذى يحيط بالحلمة، وشكل الحلمة ومدى بروزها....الخ.

كل هذا موجود وأيضاً مشروع، ومع هذا الكشف تتم الإثارة التى تكون فى البداية مجرد صدفة ثم تتحول إلى غاية، وتبدأ التفاصيل فى التزايد والتراكم، فبعد إكتشاف الترابط بين هذا الكشف والإثارة نجد أن الباب الموارب يفتح لتتسع المسافة المتاحة لمثل هذه الرغبات والأسئلة، ما الذى يجعل هذه الإثارة تأتى بسرعة؟ كيف أربطها بالفانتازيا؟ ما هى المدة التى أستطيع أن أحافظ فيها على هذه الإثارة؟ كيف أستطيع إشعالها بعد الإنطفاء؟ ما هو الأورجازم؟؟ ...الخ، كل هذه الأسئلة وغيرها هى أجهزة الرصد التى يستخدمها المراهقون فى رحلة إستكشاف الجسد وتضاريسه ومنعطفاته وطرقه السالكة والوعرة، وأيضاً الفخاخ المنصوبة فى دروبه!! وبالطبع يحدث هذا فى البداية على إنفراد بين المراهق ونفسه، ولكنه بمرور الوقت يصبح هذا الإستكشاف مهمة مشتركة، فيكتشف المراهق جسده بواسطة من تعينه وتساعده على رسم الخريطة الصحيحة وبكل دقة، لأنك مهما بلغت من خبرة فى متاهات الجسد فإنك حتماً تحتاج إلى مرشد، ومهما أتقنت اللغة فإنك بالتأكيد ستحتاج إلى من يساعدك على الترجمة.

ثالث المفاهيم التى تتحكم فى ميكانزم المراهقة هو ما يسميه ماسترز وجونسون تزييف الهوية، تلك التى يعد البحث عنها هو جوهر هذا السن، كما يصفها العالم النفسى إريكسون، والهوية ليست هى البطاقة الشخصية كما يطلق عليها أبناء الشام، ولكن للأسف كما اخترع المجتمع السجل المدنى لكتابة بيانات البطاقة الشخصية اخترع لنا المفاهيم الجاهزة لصياغة بيانات الهوية، ولذلك فنحن نظل نخضع لهذه المواصفات القياسية، ولكى ينجح المراهق quot;الصحquot; من وجهة نظرنا لا بد أن يعلق اليافطة التى خطتها يد المجتمع، فإذا أحبت الفتاة لعبة الرماية فهى إنسانة quot;مسترجلةquot;، وإن مارس الفتى quot;الباليهquot; فهو شخصية quot;منسونةquot;!! وهكذا فلا بد للمراهق أن يزيف هويته لكى تتطابق مع العملات التى اعترف بها المجتمع وإلا لن تصرف من أى بنك، وهذا فى إعتقادى الشخصى التزييف الوحيد الذى يقره المجتمع ولا يعاقب عليه القانون ولا يقبض على صاحبه بتهمة التزييف والنصب وكما تعلم المراهق أن يرسم صورة الجسد والنفس والهوية، فهو يتعلم ايضاً فى هذه العمر أن يرسم ملامح العلاقات الرومانسية والجنسية أيضاً، وهنا لن ينفع أن يرسمها بريشته وحده ولكنه لا بد أن يرسمها بريشة مشتركة وأن يستعير بعض ألوانه من الآخرين، وهنا يبرز مفهوم الشلة التى كثيراً ما يهاجمها الأب وتتذمر عليها الأم، ولكنها تقف كالجبل، فالشلة مكان الهروب والتمرد والفهم وأيضاً الممارسات الرومانسية وبذور الممارسات الجنسية، ويتصور المراهقون وقتها أن الشلة أبدية لن تنفصم عراها أو ينفرط عقدها فهى المدرسة البديلة التى تتسامح معه إن أخطأ، وتحتويه إن أحس بالوحشة.

نأتى إلى آخر هذه المفاهيم التى تنمو خلال سلم المراهقة المعقد والملتوى، وهو نمو قيم المراهق الجنسية الخاصة وتشكيله لنظامه الجنسى الخاص، فالبعض منهم يمارس الجنس كنوع من المشاركة والحميمية، والبعض يمارسه كمتعة عرضية تطفئ لهيب الرغبة المشتعلة بداخله، والبعض يتوج به علاقة حب.

كل هذه الأنواع من الممارسات يضبط عيارها وتشكل ملامحها تبعاً لعدة مؤثرات منها الدينى والأخلاقى والإجتماعى، وفى بعض الأحيان آراء الأصدقاء المقربين التى غالباً ما تتفوق على كل هذه العوامل مجتمعة.


[email protected]

الحلقة الاولى