د. مزاحم مبارك مال الله: من الأمراض المهمة والتي لها علاقة مباشرة بطبيعة الصيام هما قرحة المعدة وقرحة الأثني عشري لما لهذين الجزئين المهمين من أجزاء الجهاز الهضمي من حالة تتأثر مباشرة بوجود أو عدم وجود الطعام فيهما. القرحة عبارة عن تمزق في النسيج المبطن للمعدة أو الأمعاء، ولازالت الأسباب متعددة الأوجه كالأستعداد الوراثي، ألتهاب جرثومي، صدمة، حادث، التغذية، المواد الكيمياوية بما فيها بعض الأدوية ...الخ ، ولكن وبعد حصول هذا التمزق أو التآكل ( أي بمعنى بعد حصول القرحة ) فأن الحامض الذي تفرزه المعدة وهو حامض الهيدركلوريك والذي مهمته المساهمة في هضم الطعام سيؤثر مباشرة على النسيج الذي حصل فيه التمزق أو التهتك أو التآكل ، هذا التأثير ينعكس على شكل آلام وفي بعض الأحيان آلام مبرحة ، كما يمكن أن ينتج عن هذا التأثير نزفاً يظهر أما على شكل تقيؤ دموي أو ظهور دم مع الأخراج .
وفي أحدث نظرية لسبب القرحة وجد العلماء إن أحد أسبابها هو الأصابة بنوع من البكتيريا والتي يتم علاجها بكبسول الأموكسيل 500ملغم كل ثمان ساعات لمدة عشرة أيام مضاف أليه حبوب أمبرازول 40 ملغم مرة واحدة باليوم قبل الطعام بربع ساعة ولمدة 14 يوم ، فهذه الطريقة من العلاج ناجحة جداً .
والقرحة تشخّص بعد سلسلة من المعاناة للأسف الشديد ، والمصاب بالقرحة يعرف تماماً وحسب توجيهات طبيبه الحمية الغذائية وكذلك طبيعة تناول الطعام سواء من ناحية الوقت أو النوع أو الكمية ، ولكننا في جميع الأحوال ننصح المريض بتناول وجبات خفيفة متعددة وكذلك بتناول الحليب .
ان علاج القرحة سهل في أغلب الأحيان إلاّ في بعض الحالات التي تتطلب التداخل الجراحي ، ولكن عموماً فأن علاج القرحة لايتجاوز العشرة أسابيع في الأغلب من الحالات وخصوصاً الأن فقد توفرت مجموعة من العلاجات الحديثة والتي تعجّل من سرعة الشفاء .
أن المصاب بالقرحة يستطيع أن يستشير طبيبه في حالة رغبته بالصيام لأن وكما قلنا مراراً أن لاحرج على المريض ، لأن تحديد القرار يعتمد كلياً على الحالة العامة للمريض وعلى درجة شفاء القرحة ، وكذلك على وجود أو عدم وجود المضاعفات وهي ليست بالنادرة الحصول .
أن القرحة ليست من الأمراض التي يمكن أن نجازف بالتعامل معها ، لأن زيادة نشاط القرحة وتهيجها يحصل في غالب الأحيان بسبب عدم وجود الطعام فترات طويلة ، لذا ومن أفضل الوسائل العلاجية للقرحة كانت توصيات الأطباء بضرورة تعدد الوجبات الغذائية وبكمياتها القليلة حتى لاتعاني المعدة من طحن وهضم الغذاء وكذلك حتى لايعاني الأثني عشري من عمليات هضم وأمتصاص ذلك الغذاء .
أن التوجيهات الطبية التي نرشد مريض القرحة بها قبل شهر الصيام هي نفسها حينما يبدأ الشهر الفضيل ، ومع كل هذا وذاك فنحن لانمنع أي أنسان يرغب بممارسة فرائضه إلاّ بقدر ما يتعلق الأمر بصحته بشكل عام وبحياته وهناك فرصة أكيدة من أستطاعة الأخ الكريم في الصيام وذلك بالعام المقبل حيث ستكون قرحته قد شفيت تماماً .