اختصاصي يتحدث لـإيلاف عن مرض العصر:
علاقة الاضطهاد النفسي للنساء بالسرطان

سمية درويش من غزة:قال الدكتور حسين جهاد رئيس قسم التغذية والتحليل الغذائي في المركز القومي لبحوث الأغذية في بودابست في مقابلة خاصة لإيلاف ان الأسباب التي أدت إلى انتشار مرض السرطان متعددة، ولكن أبرزها وأكثرها خطورة هو التلوث البيئي الناجم عن التطور الصناعي الهائل وعدم ترافقه بالتكنولوجيا الفاعلة في معالجته وتقليل مستوى الملوثات في البيئة إلى الحد الذي لا يشكل خطرا على صحة الإنسان والكائنات الحية التي تعيش معه وترتبط به بأكثر من وشيجة أو صلة .

ولفت جهاد الباحث في المواد المؤكسدة والمضادة للأكسدة من الناحية التحليلية وتداخلاتها بالنظم الغذائية والبيولوجية إلى أن تسريب الملوثات من مخلفات الصناعة إلى الهواء والمياه والتربة هو الخطوة الأولى نحو الكوارث الصحية حيث ستصل هذه الملوثات الخطرة بطرق عديدة أهمها الانتقال المباشر أو غير المباشر عن طريق الأغذية نباتية كانت أم حيوانية ، منوها بأن معظم الملوثات الصناعية هي ذات قدرة تأكسدية عالية تؤدي إلى الإخلال بالموازنة الطبيعية بين الأكسدة والتضاد للأكسدة داخل النظام البيولوجي في جسم الإنسان أو الحيوان وكنتيجة لهذا الإخلال تتولد بكميات متزايدة الجذور الحرة والتي تأخذ بالانتشار داخل الأنسجة والخلايا حتى تصل محيط الأحماض النووية في الكروموسومات وتحفزها على الانشطار أو الانقسام غير الطبيعي الذي يكون البداية لتكون الأورام السرطانية .

وأكد المتخصص في التحليل الغذائي ، عما تسببه التجارب النووية والحروب واستخدام أسلحة جديدة غير تقليدية ، وغير معروفة في تأثيراتها المباشرة على تحفيز تكون السرطان أو بصورة غير مباشرة في إضعاف جهاز المناعة عند الإنسان.
وبحسب جهاد ، يأتي العامل الآخر مرتبطا بالعامل الأول وهو عدم ملاءمة التغذية اليومية لمتطلبات مواجهة وتخفيف أو معادلة التأثيرات الضارة للتلوث البيئي داخل أعضاء جسم الإنسان وأنسجته المختلفة ، موضحا ان ارتفاع معدلات التلوث تتطلب تغييرًا في النمط الغذائي بما يضمن تزويد الجسم يوميا بالقدر الكافي من المكونات الغذائية التي لها قدرة عالية لمعادلة التأثير التأكسدي للملوثات ، وهذه المواد هي مضادات الأكسدة الطبيعية مثل فيتامين quot;س وأي quot; ، والكاروتينات والفينولات المختلفة والتي تعتبر الفواكه والخضروات المصادر الرئيسة لها.

مخاطر الوجبات السريعة

وأشار جهاد ، إلى المؤتمر الأول حول علاقة التغذية بالمخاطر الناجمة عن مرض السرطان والذي عقد في ستوكهولم عام 1993 ، والذي أكد أن التغذية الأحادية الجانب وغير المتنوعة قد تكون بأهمية التلوث نفسه كسبب في حدوث المرض ، بالإضافة إلى الآثار الخطرة الناجمة عن الاعتماد على الوجبات السريعة مثل quot;الهمبرغرquot; ، وما شابه ذلك والتي تفتقر إلى شروط التغذية الصحية من قبل قطاعات واسعة في المجتمعات الحديثة ، وخاصة الشباب ومن هم دون الثامنة عشرة.وأوضح ان هناك الكثير من الدراسات والبحوث قد أكدت أن الاعتماد على الوجبات الغنية باللحوم ، خاصة الحمراء يقف وراء الزيادة المضطردة في الإصابة بسرطان القولون ، وخاصة عند المدخنين وأولئك الذين يتناولون المشروبات الكحولية بإفراط يوميا.

التدخين وسرطان الرئة

أما السبب الثالث فقال جهاد لـquot;إيلافquot;،إنه التدخين فهو المسؤول عن زيادة معدلات الإصابة بسرطان الرئة والجهاز الهضمي لاحتواء الدخان الناتج من احتراق التبغ على أكاسيد قوية التأثير إضافة إلى النيكوتين ما لم يخفف تأثيراها بتناول كميات متزايدة من الفيتامينات المضادة للأكسدة.

وفي العصر الحالي برز عامل جديد لزيادة الاصابة بالسرطان وهو الشد والتوتر والإجهاد النفسي والفيزيائي والتي تقع ضمن الأسباب الاجتماعية الناتجة من المتغيرات السلبية في الأوضاع السياسية والاقتصادية للشعوب ، مشيرا إلى ما توصلت إليه إحدى الدراسات المقدمة من فريق بريطاني إلى المؤتمر الذي ذكره آنفا والتي أكدت أن أحد الأسباب وراء زيادة معدلات الإصابة بالأورام عند النساء هو الوضع النفسي لهن والاضطهاد والوحدة بالإضافة إلى ظروف عملهن السيئة.

الوقاية من السرطان

وحول كيفية الوقاية من المرض أكد جهاد ، أن الوقاية فعلا خير من العلاج في مثل هذا المرض الخطر ، والوقاية ترتبط بالابتعاد عن أو تجنب المسببات بالقدر الممكن ، حيث قال ، إذا استثنينا التلوث البيئي الناجم عن التطور الصناعي دوليا فإن المسببات الأخرى قد تكون معالجتها خاضعة لإرادة وإصرار وحكمة وإدراك الإنسان نفسه ، فالمدخن الذي يدرك مخاطر التدخين عليه ان يقلع عنه أو يقلله إلى المستوى الأدنى مع استخدام نظام غذائي يتزود به الجسم بالقدر المطلوب من المواد المضادة للأكسدة خاصة فيتامين quot; سي quot;، حيث يحتاج المدخن ثلاثة أضعاف ما يحتاجه غير المدخن يوميا لتجنب الإصابة بمثل هكذا مرض .

ونوه المتخصص بتحليل الأغذية ، بان العلماء في المجال الطبي والبيولوجي والغذائي ، اجمعوا على أن الوقاية تكمن في إجراء موازنة صحيحة في النظام الغذائي اليومي لصالح الفواكه والخضروات والحبوب على حساب المنتجات الحيوانية ، خاصة اللحوم الحمراء والبيضاء والتي ينصح بتعويض بروتيناتها بأخرى من مصادر نباتية ، أو منتجات الثروة السمكية النهرية أو البحرية مع عدم الإفراط في استهلاكها ، فالإفراط بالتغذية حتى الصحية منها ستنجم عنه أضرار معينة وهنا أذكر بالحكمة القائلة من زاد عن حده انقلب ضده .
وينصح الأخصائيون في التغذية الحديثة بتناول الفواكه والخضروات ثلاثا إلى خمس مرات يوميا وإدخالها في الوجبات الرئيسة بكيفيات مختلفة إضافة إلى ممارسة الرياضة وتخفيف الوزن الزائد لأن السمنة الزيادة في الوزن هي معرقل كبير لعمل جهاز المناعة ويعرقل عمليات الميتابولزم المختلفة وبالتالي يضعف مقاومة الجسم للأمراض .

واستطرد جهاد قائلا ، إن أهم شروط ومتطلبات الوقاية هي توزيع تناول الأغذية الغنية بالفيتامينات والمواد المضادة للأكسدة بشكل صحيح خلال اليوم وأن لا يتم تناولها بوقت دون آخر ، ناصحا بالبدء صباحا بعصير فاكهه قبل الإفطار والذي يجب أن يجري الاهتمام به لأن الجسم في فترة الصباح بحاجة ماسة إلى المواد الأساسية والضرورية لعمل كل الأعضاء والأنظمة خاصة جهاز المناعة.
ولفت إلى العديد من البحوث والدراسات المتخصصة التي أثبتت أن تناول كوب من عصير الطماطم المصنع في الصباح كل يوم يضمن وقاية بنسبة 80% من الإصابة بسرطان الثدي والرحم عند النساء والقولون عند الرجال.

الأغذية المسببة للسرطان

وفي ما يتعلق بالأغذية أو الأدوية التي تسبب مرض السرطان ، قال جهاد ، لا اعتقد أن هناك أدوية تسبب السرطان ، فالأدوية تمر في اختبارات عديدة قبل السماح باستخدامها كأدوية ، ولا يوجد لدي معلومات أكثر من هذه لأني مختص في علوم الأغذية ، أما في ما يتعلق بالأغذية التي تسبب السرطان ، نعم هناك الكثير ، منها اللحوم والزيوت النباتية المستخدمة لأكثر من مرة وهي ذات رقم بيروكسيدي عالٍ وهذه الزيوت تستخدم في القلي في المطاعم التي تقدم الوجبات السريعة ، إضافة الى ذلك كل المشروبات الحاوية على نسبة عالية من الفوسفات مثل الكولا وغيرها.

وأوضح ان المواد الغذائية المعلبة التي تحتوي على مواد حافظة بتراكيز عالية تعرض الجسم وخاصة الجهاز الهضمي لسرعة الاصابة بالمرض ، مشيرا إلى أن دراسات حديثة أكدت أن الإفراط بتناول البهارات الحارة جدا مثل الفلفل الأحمر ( الشطة أو البسباس) يجعل من بعض أنسجة الأعضاء عرضة للاصابة ، وإن استهلاك هذه المواد بكميات قليلة أي بتراكيز منخفضة للمادة الحارة فيها وهي الكابسائتسين يساهم بشكل ملحوظ وايجابي في الوقاية من السرطان.