د. فيليب حرو: المسبحة أو السبحة أو (الوردية في المسيحيه) هي عبارة عن مجموعة من الخرز أو الأحجار بعدد معين منظومة في خيط تستعمل لأسباب اجتماعية أو دينية أو للزينة. وكلمة (المسبحة) أو (السبحة) اشتقت من كلمة التسبيح بتحريك حباتها بين الأصابع اختلفت المصادر التاريخية في تحديد نشأة المسبحة اليدوية وبدايتها، فقد ذكرت بعض هذه المصادر أن الهنود هم اول من استخدمها وبعضهم الاخر أرجعها الى اقدم من ذلك وقد ربطهما بعلاقة وطيدة مع كل الديانات القديمة وفي ممارسة السحر والشعوذة.
وكشفت حفائر الحضارات في بلاد الرافدين ووادي النيل عن استخدام أحجار مدورة مختلفة ربما لأغراض دينية وطقسية.

انتشارها:
من الملاحظ أن المسبحة عمومًا تنتشر في المناطق الحارة والمشمسة مثل أفريقيا وآسيا واالشرق الأوسط وخاصة في العراق ومصر وتركيا وبلاد الشام وإيران ودول الخليج. وأيضًا في قبرص واليونان ولكنها نادرة بشكل عام لدى الشعوب الأوروبية. ومن الطريف أن المسبحة لا تتواجد في المناطق الباردة جدًا مثل اسكاندينافيا وآلاسكا لسبب بسيط وهو قساوة الطقس. ومن الملاحظ أيضًا ان شعوب الدول المتطورة لا تستعمل المسبحة في الحياة اليومية، فهل هناك للمسبحة تأثير سلبي على إنتاجية المجتمع؟
ما هي أستعمالات وفوائد المسبحة؟

لقد استفاد الإنسان ولربما بالتجربة من حبات المسبحة والتي تقرب اليدين إلى بعضهما البعض وبشكل لاشعوري الى تحريك مشاعره وتأمله الروحية والأمتلاء بالسكينة ومن ثم استعمالها في الحياة لأجتماعية والطقوس. وفي بعض المناطق تستعمل المسبحة كهدايا أو للزينة

وربما تكون فكرة الصلاة بالمسبحة عند مختلف الديانات نجمت عن تطور طبيعي في استعمالها بهذا الشكل. وبعد مجيء الدين المسيحي ارتبطت المسبحة الوردية بالرهبان والراهبات والمتعبدين في أداء صلواتهم. فمن الناحية الدينية فاستعمالها فعلا يعطي الراحة والسكينة للمتعبد. ففي دراسة علمية جيدة من روما طبعت في مجلة ال ب. م. ج. BMJ الطبية البريطانية (٣٢٣) عام ٢٠٠١ تبين إن الصلاة باستعمال الوردية ساعدت على الأسترخاء وفي تخفيض ضربات القلب ومرات التنفس وضغط الدم. وفي دراسة حديثة من جامعة بنسلفانيا - أمريكا تبين أن الصلاة بمسبحة الوردية تخفض مستوى القلقل النفسي. وهذه النتائج تشير إلى راحة الدماغ والأعصاب وانتظام هرمونات الجسم

واليوم لم تعد المسبحة مظهرًا دينيًا فحسب، بل أصبحت عادة اجتماعية. فالمسبحة quot;الأجتماعيةquot; تعتبر في بعض المناطق وخاصة الدافئة منها جزًا مهمًا من طقوس الجلسات الاجتماعية والسمر فتجلب معها الحيوية والنشاط الى النقاش. وتنوعها لا حدود له فإنك تجد المسابح في الأيادي باشكالها وألوانها وقيمها المختلفة

أما من الناحية الاجتماعية فشكل المسبحة وطريقة استعمالها قد تعكس شخصية صاحبها. وحسب لغة الجسم Body Language فانه بتأمل طريقه وأسلوب حركات الاصابع والمسبحة بين اليدين مغزى ودلالة على سلوك ونفسية الشخص في تلك اللحظة. فمثلاً ، لو كانت خرزات المسبحة تتحرك بسرعة ثابتة بين الأصابع فانها قد تدل على قلق أو فرط نشاط أو تهيج. أما عندما تتحرك الحبات ببطء فقد تدل على الاسترخاء أو التفكير العميق. وعندما تتحرك الحبات بشكل متقطع وغير منتظم فقد تشير الى شرود في الأفكار أو التخطيط لشيء ما. وإمتداد الذراع للأسفل يدل على الراحة وطلب الهدؤ. واما ابقائها مضوية في اليد فيدل على أن الأصابع هي بحاجة الى بعض الراحة. وأما وضع المسبحة في الجيب فقد يشير الى الأكتفاء منها أو رفضها كما في حالات الغضب الشديد الى درجة المواجه

هل للمسبحة مضار؟

هذا الجانب من الموضوع يبدو منسيًا ولم أجد له تقارير أو تنبيهات لكن هناك ذكر للعديد من حالات اختناق الرضع أو الأطفال في المجلات الطبية بسسب ابتلاع حبات المسبحة أثناء اللعب بها. وكطبيب أود أن أنوه بأن حبات المسبحة قد تكون مصدرا لنقل وحمل الجراثيم والفيروسات من مكان لآخر ومن يد إلى يد. والبرغم من عدم وجود دراسات علمية في هذا المجال فأنا أعتقد بأنها قد تنقل بكتيريا التيفوئيد أو الجاثيم البوابية، أو المسببة للتسمم الغذائي في فصل الصيف. كما أنه مع انتشار أنفلونزا المكسيك بهذه السرعة فهل هناك داعي للقلق حول كون المسبحة مصدر لانتشار المرض بين المصلين في دور العبادة؟

وكما هو الحال بالنسبة للتدخين فأنا أقترح بحظر المسبحة من المستشفيات خوفا لنشر الأمراض

ولا بد لي أن أذكر أخيرا بأن استعمال المسبحة هو غيرمحبذ وقد لا يكون مناسبا في بعض المناسبات الاجتماعية مثل التعرف على شخص للأول مرة أوعند عقد الصفقات التجارية والذهات الى فحص مقابلة وكذلك حين حضور المحاضرات وخاصة التعليمية منها. وإجتماعيًا أيضًا، انصح الشاب بتجنبها عندما يكون بصحبة خطيبته لكي يظهر بانه يعطيها الأهتمام التام

د. فيليب حردو- لندن
[email protected]