لقد أفرزت البحوث الحديثة ان الانسان يولد مع بعض الصفات والقابليات التي تميزه عن الآخرين منذ اليوم الاول، كما أكد ذلك البحث الذي شمل اكثر من مائة طفل بعمر السنة مع أمهاتهم، بان العامل الأكبر الذي يؤثر على مقدار المرح والحيوية عند الانسان هو وراثي يولد معه، وان الانفعالات السلبية يتعلمها الانسان من التربية.

___________________________________________________________________________________

أكد العالم الأميركي توماس بوكارد في دراساته حول بناء وتطور الشخصية واختلافها عند التوائم، انها تعتمد بدرجة كبيرة على العوامل الوراثية بدرجات متفاوتة وكما يلي:ـ
٥٤ ٪ من الصفات الخارجية والداخلية
٤٢٪ من الصفات العدائية أو اللطف
٤٨٪ من صفات المزاج والعصبية، الحساسية
٥٧٪ من الانفتاح والانغلاق أمام التعرف على الأشياء الجديدة

كما اكد ان التربية والبيئة المحيطة تؤثر بشكل كبير على القيمة الذاتية وبناء الشخصية وخصوصا في السنوات العشرة الاولى
هناك بعض الصفات تظهر عبر مراحل تطور الطفل اللاحقة وتبنى عليها الكثير من التجارب والمعارف لكي تصبح بعد ذلك صفة واضحة من صفاته، مثل موهبة الرسم او النحت او الموسيقى او الابداع في مجال علمي او رياضي اوغيرها. وكثير من الناس جرب ان اكتشف صفة فى داخله وطورها، وخصوصا عندما أحيط بأجواء مشجعة، وتتملكنا الفرحة حينها وينتابنا التعجب من هذه الموهبة المفاجئة، وقد تصبح هذة الموهبة مفتاح الى طريق النجاح فيما بعد.

كل الصفات منذ الولادة وتلك التى تظهر فيما بعد تدخل كعناصر أساسية في بناء القيمة الذاتية وبالتالى تشكّل ملامح شخصيتنا خلال حياتنا نستمر في تعلم القدرات والمهارات مثلا الرقص، العمل، القراءة والكتابة والسباحة وغيرها الكثير، التى تعزز من قيمتنا الذاتية وتعطينا الثقة بالنفس وبالتالي تشعرنا باننا قادرين على عمل هذا الشى او ذاك. مثلا يحس الشخص انه شاطر في مجال معين، قادر على لعب كرة القدم، يستطيع ان يقارن كفاءته مع الاخرين، يحترم العمل الذى يقوم به ويحترم فى نفس الوقت أعمال الآخرين، يعرف انه جيد في هذا المجال او ذاك، وان الآخرين يقيمون أدائه .

ان الجدير بالذكر ان كل المهارات تبنى فوق الصفات التى ولدنا بها او التى تظهر لاحقا. صفاتنا هي الحجر الأساس والداعم القوي لمهاراتنا وكفائتنا طوال حياتنا.

ـ ان العوامل الوراثية لها دور كبير في صفاتنا، ولذا فان قبولها واحترامها كما هى شيء مهم جدا. من المهم دائما تذكر اننا مختلفون وكل منا متفرّد بما لديه من صفات وقدرات، وان قبول الآخر كما هو والاقرار بتميّزه واختلافه عنّا في نفس الوقت الذي نحترم في ذاتنا وتميّزنا عنه هو أساس السعادة والاسترخاء الداخلي.

من الضروري ان نؤكد هنا على ان الاحترام الكامل لجميع صفاتنا تجعل القيمة الذاتية عالية و موزونة وتجعلنا متصالحين فى اعماق انفسنا
ان الاحساس بالراحة والسعادة يعكس الاحساس بالقوة من الداخل. ان قوّة الانسان تنبع من شكل ملامحه، قوة مشاعره ومواهبه التى تحتاج الى التدريب والمعرفة، كلها تضيف ملامح اخرى الى الشخصية. ان الشخص الذى يتجانس مع ذاته ويتعامل معها باحترام وحب يستطيع فى نفس الوقت ان يتعامل مع الاخرين بنفس الاحترام ونفس الحب. انت لا تقارن وتتسابق طول الوقت مع الاخرين، وانما لديك الاحساس والاحترام الكامل فى داخلك بانك متميز في مجالك حتى لو جاء شخص اخر واظهر كفاءة اخرى ربما افضل مما تقوم به
في النهاية يجب القول انه من الضروري التدرّب على التأمل والتوقف المستمر لاعادة التقييم الايجابي حول امكاناتنا الداخلية واحترام ذاتنا واحترام الآخرين كما هم، لكي نحصل في النهاية على الراحة الداخلية.

ان التأمل والتذكر اليومي حول تقييمنا لذاتنا وتقييمنا للآخرين هو موضوع جدير بالاهتمام والتحاور وإشراك الأصدقاء والمقربون حوله، انه يحتاج الى وقت وتدريب يومي، مثلا السؤال:ـ هل انني أعمل هذا الشيء او ذاك من أجل نفسي أو إرضاءا للآخرين؟ هل انا صادق مع نفسي أم ان ما أقوله أو أفعله من أجل إرضاء الآخرين؟