ينبه الأطباء النفسيون إلى مشكلة التجاهل القائم من قبل الكثير من الأهل لإمكانية إصابة أطفالهم بمرض الاكتئاب ليس بسبب الإهمال بقدر ما يعود ذلك إلى اعتقادهم بان الإصابة بهذا المرض تقتصر على الكبار.


يؤكد الأطباء أن الأطفال ليسوا صورة مصغرة عن الكبار وإنما يختلفون عنهم لأن الكثير من الأمور تجري وتتطور في أجسامهم ونفسياتهم بشكل مختلف ومنها الأمراض فكيف يمكن للأهل التعرف على أن أطفالهم يعانون من الكآبة مثلا ؟

نفس المشاكل لكن بمظاهر مختلفة

تتصف أمراض الأطفال النفسية على خلاف الكبار بإشكالية كبيرة وهي أن الأطفال لا يجيدون التعبير عنها فالطفل يستطيع أن يشير للطبيب إلى مكان في بطنه يشعر فيه بالألم لكنه لا يستطيع أن يعبر له بالكلمات عن أحاسيسه وعواطفه ومزاجه وعن كيفية من الأشياء المحيطة به ومشاعر الخوف والشعور بالضيق ...
الأطباء يشيرون إلى أن بعض الأطفال عندما يعانون من الكآبة يظهر ذلك عليهم من خلال تحولهم إلى غاضبين ومتوترين ومثيرين للإشكالات غير أن بعضهم الآخر بالمقابل ينطوون على حالهم وينغلقون على أنفسهم وتتراجع نشاطاتهم بشكل ملحوظ .
ويضيفون لكن في الكثير من الأحيان تظهر الإشكالات النفسية لدى الأطفال أولا من خلال تغييرات تحدث على أجسادهم فالطفل يصبح وضعه الصحي سيئا ويفقد الشهية إلى الطعام أو يفرط في تناول الطعام.

الطفل والكآبة

على خلاف الكبار فان الأطفال لا يصابون عادة بالمزاج الصباحي السيء الذي يتمثل (بعدم الرغبة بالحياة غير أن هذا الوضع يتغير خلال النهار) ولا تظهر لدى الأطفال أفكار بالانتحار إلا بعد أن تتطور لديهم الأفكار التجريدية كما تظهر لدى الأطفال بعض المظاهر نفسية لكنها على خلاف الكبار قد لا تؤشر إلى جدية الكآبة .

وتؤكد الدراسات المختلفة بان 2% من الأطفال يعانون من الكآبة في السن التي تسبق دخولهم المدرسة أما في حال معاناة احد الأهل من الكآبة فان احتمالات إصابة أطفاله بها ترتفع بمقدار 3ــ 4 مرات أما خلال سن المراهقة فان حالة الكآبة تظهر بشكل أكثر حيث يصاب فيها واحد من اصل كل 10 مراهقين أما بعد الانتهاء من مرحلة المراهقة فان الفتيات يملن أكثر إلى الإصابة بها ولكن السؤال الذي يطرح نفسه بقوة على المختصين وعلى الأهل على حد سواء هو لماذا تظهر الكآبة عند بعض الأطفال ولا تظهر عند البعض الآخر ؟
تؤكد بعض الدراسات النفسية الحديثة بان السبب في ذلك يعود للاستعدادات الوراثية وتعرض الطفل لمرض فيروسي أم لا أما السبب الثالث فيعود لظهور اضطرابات في تطور الغدد النخامية والكظرية وتحت المهادية التي تساعد في ردود الفعل الهرمونية والعصبية التي تصدر عن الجسم لتحمل الضغوط النفسية التي يتم التعرض لها .

ويجمع جميع المختصين الطبيين على أن معالجة الاكتئاب لدى الأطفال معقده غير أنها ضرورية لأنه في حال تعرض الإنسان أثناء مرحلة الطفولة المبكرة لفصل من فصول الكآبة ولم يتم معالجته فان احتمالات تعرضه في المستقبل للكآبة هي أكثر من أقرانه لأنه يكفي للإقلاع بها أي عامل تحريضي ولو كان صغيرا.