quot;يجب أن يكون احساسك كإحساس الطفل الذي عمره سنة عندما تقذفه في السماء يضحك لأنه يعرف أنك ستلتقطه ولن تدعه يقع... هذا هو التصديقquot;... هكذا تقول الحكمة، وللوهلة الأولى تستسيغها وتقرر أن تعمل بها اذ تدغدغ لاوعيك التائق الى الثقة، ولكن يستوقفك المنطق ويطرح عليك جملة أسئلة تجعلك تعيد حساباتك وتفكر عملياً. هل سيكون احساسك كإحساس الطفل عندما تقذفه في السماء اذا كنت كلّما نظرت من حولك تجد أن ثلة من الشباب تغربوا أو حتى هاجروا لأن هذا البلد الصغير ضاق عليهم وضيّق عليهم الخناق، ومن بقي منهم يسيطر على معظمه اليأس؟

هل سيكون احساسك كإحساس الطفل عندما يكون طموحك أبعد من السحاب فيما تعيش في بلد لا يقدّم لك أدنى المعطيات لتحقّق نتفاً بسيطة من أحلامك؟ هل سيكون احساسك كإحساس الطفل عندما ترى عمالقة في بلدك يهانون بدل أن يكرّموا في نهاية حياتهم، في الوقت الذي تقدّس التفاهات والتافهون؟

هل سيكون احساسك كإحساس الطفل اذا كنت تقدّر في الخارج أكثر بأضعاف من وطنك، وتعامل بانسانية لا تراها فيه؟ هل سيكون احساسك كإحساس الطفل والجنين في بطن أمه عليه دين في بلدك، في الوقت الذي يشيخ أبناؤه ويموتون وهم يعملون والا قد لا يجدوا ما يأكلوه، هذا عدا عن أنهم يعانوا الأمرّين حتى في أدنى الخدمات كالكهرباء والمياة والانترنت؟

هل سيكون احساسك كإحساس الطفل في بلد لا ترى سياسييه الا على المنابر الاعلامية يكيلون الاتهامات لأخصامهم ولا يفعلون شيئاً حسناً في المقابل، والناس ينتخبوهم كل أربع سنوات ولم يتعلموا؟ هل سيكون احساسك كإحساس الطفل عندما تثق بآخرين بعد معاناة مع الثقة لتكتشف لاحقاً أنهم مثل غيرهم اذا لم يكونوا أسوأ..

ولكن ببساطة يحترفون الكذب؟ هل سيكون احساسك كإحساس الطفل اذا كنت مجبراً على درس كلمتك جيداً قبل أن تقولها لأنك ببساطة تعيش في بلد المنطق فيه ان لم تكن معنا أنت ضدنا؟ هل سيكون احساسك كإحساس الطفل اذا كنت كل يوم تسمع عبارة quot;ان لم تكن ذئباً أكلتك الذئابquot; على لسان معظم من تلتقيهم فيما أنت تعمل على بناء سلامك الداخلي؟ هل سيكون احساسك كإحساس الطفل الذي تقذفه في السماء اذا كنت تعيش في بلد على كف عفريت وكل شيء فيه على كف عفريت؟

لا، حتى الطفل ما عاد قادراً على عفوية هذا الاحساس!