بانهيار نظام معمر القذافي ونجاح ثورة الشعب الليبي يحقق ربيع ثورات الشعوب في الشرق الاوسط وشمال افريقيا تقدما جديدا نحو الامام بعد نجاح الثورتين التونسية والمصرية ووصول الثورات الى سوريا واليمن وامتداد آثارها الى بعض المدن الكردستانية وساحة التحرير في بغداد.

والمشكلة في العراق ان القادة ومنهم رئيس اقليم كردستان ما زالوا لم يدركوا آثار وامتدادات هذه الثورات، ولم يقوموا بأي اجراء كبير وجذري لاصلاح ملموس لحد الان، وموقفهم هذا لا يتصف بالتعقل لقراءة الواقع والمستقبل بسبب عدم اداركهم لحقيقة المشاكل السياسية والحياتية والمعيشية والخدماتية والصحية والاجتماعية والاقتصادية والمالية التي يعاني منها المواطن، لذا باتت مساحة الجدار الفاصل بين السلطة والشعب تتوسع وتنذر بانفجار شعبي في مستقبل ليس ببعيد، ولو ان الكثير من المتابعين لا يتوقعون هذا الامر في العراق وكردستان ولكن للشعب بركان صامت لا يزلزل الا عندما تحين الساعة وساعتها لا تنفع الندم.

ما يهمنا في هذا الرأي هو واقع كردستان العراق لان الاقليم تتواجد فيه معارضة فعالة مقارنة بالعملية السياسية في بغداد، وهذه القوة المطالبة بالتغيير والتجديد تمكنت من فرض نفسها على السلطة وعلى الواقع الحركي والشعبي في الاقليم، ولغرض تقعيل دور السلطة والمعارضة ولارساء أرضية ملائمة للبدء بعملية اصلاح حقيقية نطرح حزمة اصلاحات من باب استباق الامور للأخذ بها من قبل مسعود البرزاني رئيس اقليم كردستان والإقرار بتنفيذها لصالح الشعب الذي يستحق كل غال ونفيس وخاصة الطبقة الفقيرة التي تعاني من شغف العيش في ظل أجواء اقتصادية قاسية وأعباء مالية كبيرة لا قدرة لها على توفيرها لتأمين مستوى مناسب من الحياة الكريمة تليق بافرادها خاصة في المدن الكبيرة والصغيرة في الاقليم والتي تحولت الى مستعمرات رأسمالية جشعة ومتوحشة لرؤس أموال طفيلية تنهب من المواطنين ومن موارد الشعب وممتلكات دولة الاقليم.

لهذا ندعو الرئيس البرزاني الى تبني الأفكار الواردة في حزمة الاصلاحات المدونة ادناه للاخذ بها وطرحها كمبادرة وطنية على مستوى الاقليم وفي اقرب وقت لا يتجاوز شهر بعد عيد الفطر المبارك لارساء توازن حقيقي للعملية السياسية وازالة معاناة المواطنين والقضاء على الاحتكار الفاحش والاستغلال المقيت والفساد الرهيب المستشري في الاقليم، والافكار الرئيسية للمبادرة المقترحة هي ما يلي:

1.تعهد الرئيس البارزاني باجراء اصلاحات جذرية وفورية وفقا لخارطة طريق تعلن للرأي العام لتحقيق العدالة الاجتماعية والمساواة وتكافؤ الفرص والتكافل الاقتصادي للفرد الكردستاني وقطع الطريق امام الأقلية المتوحشة من أصحاب الرأس المال المتسم بالجشع الرهيب وسحق الوطنية والتي تشيطنت ببراعة في استغلال المواطنين ابشع استغلال بطرق غير شرعية.
2.اعفاء أقارب الرئيسين البارزاني والطالباني من المواقع والمناصب الحكومية لارساء مفاهيم ومباديء النظام الديمقراطي بحق في الاقليم والغاء الطريقة الحزبية والعائلية المتبعة بمنح المواقع والمناصب والامتيازات على اساس المحسوبية والمنسوبية وازالة النهج المتبع منهما بفرض حكم العائلة المالكة على مؤسسات الحكومة وموارد الاقليم بقصد احتكار المال والسلطة في آن واحد، وخاصة في منطقة نفوذ الحزب الديمقراطي الكردستاني.
3.إعلان كل من الرئيسين بارزاني وطالباني بشفافية تامة ومسؤولية كاملة عن كل ما يمتلكه كل منهم من أموال وأملاك وأرصدة في داخل وخارج الإقليم، وعلى التوالي تطبيق هذا الإعلان على كل اعضاء الحكومة والبرلمان وجميع أعضاء المكتبين السياسيين للحزبين الحاكمين وكل المسؤولين، وأن تكشف هذه الحسابات من قبل هيئة نزاهة مستقلة محايدة تعلن هذه الكشوفات للرأي العام، وتحديد ملكية الممتلكات المستغلة من قبلهما ومن قبل كبار المسؤولين.
4.الإعلان بشفافية تامة ومسؤولية كاملة عن جميع ممتلكات وأموال وأرصدة الحزبين الرئيسين داخل الاقليم وخارجها، وكل الاحزاب الكردستانية، للرأي العام وتدوين هذا الإعلان بشفافية وبإشراف هيئة نزاهة مستقلة.
5.تكليف كوسرت رسول علي نائب رئيس الاتحاد الوطني الكردستاني بالمهام الرئيسية كنائب للرئيس بصلاحيات نافذة وتقيد والتزام البرزاني بالمشاركة القيادية للحزبين في رئاسة الاقليم كما في رئاستي الحكومة والبرلمان.
6.طرح مبادرة سياسية على ممثلي القومية التركمانية في كردستان وكركوك للاشتراك في العملية السياسية في كردستان للمساهمة في حل قضية كركوك وتسهيل انضمامها الى كردستان.
7.استحداث منصب نائب ثاني وثالث لرئيس حكومة الاقليم الاول للمعارضة والثاني للتركمان لارساء التوازن في العملية السياسية.
8.ضمان تكليف دولة الاقليم كحق دستوري بتوفير السكن لكل عائلة في كردستان للقضاء على الاستغلال البشع والاحتكار الجشعي في مجال العقارات والاراضي السكنية.
9.تشكيل هيئة مستقلة باسم quot;جهاز الكسب المشروعquot; في كردستان للبحث والتحقيق والتقصي عن طريقة جمع الثروة من قبل جميع المسؤولين والأثرياء وأصحاب المال في الاقليم، والتقصي عن جميع الأمور المالية العامة المتعلقة بالشركات والمصارف والمكاتب التجارية والاعلان عن نتائج التحقيق للرأي العام.
10.تأسيس شركات حكومية وطنية بمساهمة مختلطة محددة بأهداف وطنية وغايات تجارية واقتصادية مشروعة في كافة المجالات لقطع الطريق امام الأقلية الفاسدة من أرباب السلطة والمال المحتكرة للاسواق والقطاعات الاقتصادية والتجارية والتي لا تهمها لا مصالح الشعب ولا مصالح الوطن.

بعد سرد مفردات الحزمة الاصلاحية لتبنيها واطلاقها كمبادرة وطنية من قبل الرئيس البرزاني، لا بد لنا من القول أن هذه الحزمة تلزمها اجراءات وقرارات فورية على مستوى الرئاسة والحكومة والبرلمان للعمل بها لتثبيت التوازن في العلمية السياسية ولارساء البنية التحتية للعدالة الاجتماعية المفقودة والغائبة كليا من فكر وعقيدة الرئاسات الثلاثة الرئاسة والحكومة والبرلمان والحزبين الحاكمين، ومن خلال اطلاق وتنفيذ هذه المبادرة فانها سترسم أمامنا واقعا عمليا للتغيير والاصلاح الحقيقي وتحسين الواقع الاقتصادي والمعيشي والحياتي للمواطنين في الإقليم خاصة للطبقة الفقيرة منهم، لذا نأمل من الرئيس البرزاني النظر الى هذه الحزمة بجدية لابعاد الاقليم من شرارات غير متوقعة قد تعم المنطقة والعراق ولضمان واقع متسم بالكرامة والحياة الكريمة اللائقة لكل مواطن في اقليم كردستان.

كاتب صحف ndash; اقليم كردستان
[email protected]