لاغرو من الاقرار بأن حزب الله اللبناني، قد تمکن من سرقة الاضواء و ترکيز الاهتمامين الاقليمي و الدولي عليه، وصار اللاعبquot;الاهمquot;وquot;الاقوىquot;في الساحة اللبنانية و مرشحا

انه خريف حزب الله اللبناني 1-2

ساخنا جدا ليصبح اللاعبquot;الاجدرquot; في سوح المنطقة، و من السذاجة المفرطة التصور بأن النظام الايراني قد أغدق المليارات من الدولارات عبثا و من دون طائل على هذا الحزب، ذلك ان رجال الدين المتطرفين في طهران يتحسبون و يدققون لکل شاردة و واردة، ولا يلقون الحبل على الغارب من دون التحسب للمستقبل و تأکيد کل الاحتمالات، ولذلك، فإن إطلاق يد هذا الحزب و بهذه الصورةquot;غير الطبيعيةquot;، کان أمرا مخططا له مسبقا و واضح أنهم(أي رجال الدين الحاکمين في طهران)، کانوا ينتظرون بلهفة لحظةquot;القطافquot;، ولأجل ذلك، فإن النظام الديني المتطرف في طهران قد عول أکثر من اللازم على هذا الحزب الذي صرف عليهquot;دماء قلوب الايرانيينquot;، وجعله رأس الحربة الذي يناور و يقاتل به خصومه و مناوئيه، وقد أدرك هذه الحقيقة کل المعنيين بالامر في المنطقة و تيقنوا من أن المواجهة مع هذا الحزب و التصدي له يعني بالضروة الدخول في مواجهة مباشرة مع النظام الايراني ذاته.

حزب الله، وبحکم الامکانيات الاستثنائية التي وضعت تحت تصرفهquot;من مال وفير و سلاح کثيرquot;، لم يکن بإمکانه التصرف بصورة طبيعية و تقليدية وانما کان على الدوام يميل الى نمط من الطيش و النزق في الخط العام لسياساته و تصريحاته التي يطلقها و التي أثارت و تثير حفيظة معظم دول المنطقة بما فيها تلك الدول التي تربطها علاقاتquot;طيبةquot;مع طهران، وقد کان أکثر شئ يزعج هذه الدول، أن هذا الحزب کان يعتبر نفسهquot;ومن خلال أدبياته و وسائل اعلامهquot; بالاضافة الى مناصريه و مؤيديه المنبهرين به، أنه البديل الافضل للنظام الرسمي العربي، وقطعا لم يتصرف هدا الحزب بهذه الصورة إعتباطا وانما کان ينفذ ثمة سيناريو و مخطط قد سبق وان کلف بهquot;شرعاquot;، من قبل ولاة أمره في طهران، وهي رسالة فهمتها و استوعبتها الاوساط الحاکمة في المنطقة.

وقبل هبوب نسائم الربيع العربي، کان التوجس و القلق يطغيان على معظم الاوساط السياسية و دوائر القرار في المنطقة، وکان الجميع يرنون بأبصارهم صوب الغرب لمعرفة ردود فعله ازاء التصرفاتquot;غير المنطقيةquot;لهذا الحزب، لکن الغرب کان بدور يترقب الامور عن کثب و کان يعد العدة کي يبقي نيران هذا الحزب بعيدا عن دياره، لکن، إطلالة الربيع العربي من تونس و مروره الجارف بمصر وماحققه لحد الان في ليبيا و سوريا، أعاد صياغة الکثير من المعادلات و غير من مضامين الکثير من المفاهيم و الامور المتعارف عليها، ودفع الاوساط السياسية و الاستخبارية لکي تعيد النظر في حساباتها و تسعى لعملية استقراء أدق و أکثر تمعنا للواقع العربي، واسفرت عن حسابات و استنتاجات جديدة على الساحة من أهمها انه لم يعد هنالك من مخاطر(محتملة) من أية نيران او مخاطر محدقة قد يفتعلها حزب الله في ديار إقليمية او غربية، بل وان فرضية إشعال النار في ساحة الحزب ذاته لم تعد في حکم المحال وانما قد باتت قاب قوسين او ادنى من الواقع و هو خيار مطروح و يبدو مصيريا في کثير من الاحيان، ذلك أن حزب الله و في کل الاحوال حالة(عسکرية) على نمط(الطابور الخامس) الذي ينتظر التحرك و المواجهة في أية لحظة و بالاتجاه و السياق الذي يرسم له في طهران و ليس من قبل قيادته و زعامته و هذه حقيقة مهمة جدا يجب الانتباه لها دوما، إذ أن أي قرار استراتيجي و حساس، مهما کان حجمه و طابعه، لابد لهذا الحزب من التوجه الى مرجعيته في طهران لکي يبت في ذلك القرار و يفعله على أرض الواقع، وعندما نجد أن حزب الله أقوىquot;کارتquot; بيد النظام الايراني و هو بمثابة يده الامامية الضاربة، فإن حجم الخطورة التي يشکلها هذا الحزب على أمن و استقرار و سلامة المنطقة يتعدى الحدود الطبيعية، ومن هنا، فإن التفکير في مستقبل هذا الحزب و وضع حد له في خضم هذا الطوفان الذي يجتاح المنطقة و سيصل طهران عاجلا أم آجلا، أمر في منتهى الاهمية و مطلب ملح لابد منه ذلك أن يباغت هذا الحزب المنطقة على حين غرة يختلف تماما أن يحاصر و يحدد نشاطه و تحرکه و هو في عقر داره، وان الوضع الحالي يخدم توجها بهذا السياق، خصوصا فيما لو علمنا بأن الداخل اللبناني ذاته لم يعد بذلك الوضع و الاصطفاف الذي کان عليه خلال الاعوام الماضية، و قطعنا أن الداخل اللبناني يتباين وضعه و بصورة جلية لو قارنا بين مرحلة ماقبل حرب تموز 2006، و مرحلة الاعوام التي تلتها، و المرحلة الحالية(أي مرحلة الربيع العربي)، مثلما أن دول المنطقة بشکل عام و شعوب المنطقة بشکل خاص، قد باتت هي الاخرى تدرك ماهية و معدن هذا الحزب و تعرف خطورته و تداعياته السيئة على عموم الاوضاع في المنطقة، ومن هذا المنطلق، ولاسيما بعد إرتفاع درجة سخونة الداخل السوري و و الإحتمال الکبير في أن يصل نظام بشار الاسد الى مرحلة(الترنح)، قد بات أمرا واردا جدا و هو مايشکل خطورة بالغة على هذا الحزب الذي و طبقا لما تتداوله اوساط دبلوماسية و استخبارية في کل من بروکسل و فينا، قد بدأ يعمل من أجل إيجاد منافذ جديدة لتنفسه عوضا عن سوريا، و ان المنفذ البحري سيبقىquot;طبقا لهذه الاوساطquot;، الخيار الوحيد بيد هذا الحزب و بديهي أن هذا المنفذ سيکون مکلفا و صعبا و معقدا بالاضافة الى خطورته من الجانب الاستخباري، وان قلق الحزب و من خلفه النظام الايراني على النظام السوري و بحثهما عن خيارات بديلة، تطرح في نفس الوقت تراجعا ملحوظا في ظاهرة(الطيش السياسي)لهذا الحزب کما تطرح في نفس الوقت تراجعا واضحا جدا في التصريحات النارية القادمة من طهران بشأن الاوضاع الراهنة و المستقبل المنظور مما يعطي إنطباعا قويا بأن النظام الايراني في حالة ترقب و إنتظار يشوبهما توجس و قلق بالغين من إحتمالات المستقبل بالنسبة للمنطقة و تداعياتها و تثيراتها على إيران و حزب الله.

حزب الله، بعد أن کان رأس حربة موجهة ضد اسرائيل، وبعد تلك الحرب المدمرة الخاسرة مسبقا و التي خاضها ضد اسرائيل و النتائج الکارثية التي ترتبت عليها، انه قد طفق يمنح جل إهتمامه للمنطقة و للداخل اللبناني ذاته، اما اسرائيل، فلم تعد تهم الحزب إلا وفق السياق الاعلامي و الخطبquot;الرنانة الطنانةquot;التي يوجهها قادة الحزب بين الفينة و الاخرى، لکن، يبدو أن حزب الله لم يعد يجيد إستقراء الاوضاع جيد مثلما لم يعد يفهم الشارع الشعبي العربي کما کان يفهمه قبل حرب صيف 2006، حيث أن غلبة الخطاب الاعلامي علىquot;مقاومتهquot; وquot;مواجهتهquot;لإسرائيل، أمر لم يعد الشارع العربي يستسيغه بل و انه عاد يرى فيه ماسبق وان شاهده بعد حرب أکتوبر 1973 و ذلك الانتصار الجزئي الذي حققته القوات المصرية ضد إسرائيل، کما ان تدخلاته الفاضحة في الشأن اللبناني و فرضه إملائاته على الواقع اللبناني من أجل منافع تعود اساسا للنظام الايراني نفسه، بات يثير الريبة و النفور داخل مختلف اوساط الشارع الشعبي العربي الذي لم يعد ينظر الى هذا الحزب بتلك النظرةquot;الانبهاريةquot; أيام کان يخوض حروبه الخاسرة ضد اسرائيل، وهي حروب لم تکن موجهة ضد اسرائيل بقدر ماکانت موجهة ضد العرب ذاتهم ويظهر جليا ان المنطقة قد بدأت تفهم و بشکل واضح هذا التوجه الجديد لحزب الله والذي هو اساسا توجه خاص للسياسة الايرانية في ظل مستجدات الاوضاع القليمية و الدولية الراهنة و آفاقها المستقبلية و التي يستشف منها ان النظام الايراني قد يلجأ الى الاستخدامquot;الکاملquot;لکارت حزب الله من أجل أهدافه و مصالحه الخاصة، وهو استخدام سيکون بإحتمالين؛ اما فرض الخيار الايراني على المنطقة و العالم(وهو أمر مستبعد جدا و لايمکن الرکون إليه لأسباب و معطيات متباينة کثيرة)، او رضوخ النظام الايراني للمنطق الاقليمي الدولي و الذي يعني بالضرورة بتر أذرعه الاقليمية و على رأسها و في مقدمتها حزب الله ذاته، و الجميع ينتظرون لحظة الحسم هذه و قطعا أن الانتظار لن يطول کثيرا!