السؤال الذي يتبادر إلى ذهن كل مواطن داخل سوريا وخارجه؛ ماهي أسباب رفض بشار الأسد ونظامه لكل المبادرات التي طرحت عليه من قبل الدول العربية، تركيا، إيران و الدول الغربية؟ الجواب واحد وهو: أن نهايات كل المبادرات، ستؤدي إلى نتيجة واحدة في المحصلة (كما هو المنطق) وهي رحيل بشار الأسد ونظامه من سدة الحكم. لهذا يرفض كل النداءات والمحاولات التي تدعوه إلى وقف القتل وسحب قواته وجيشه من شوارع سوريا وترك الشعب يتظاهر بحرية. كونه يدرك، بعد الساعات الأولى من وقفه للقتل وسحب جيشه من المدن والبلدات السورية، ستخرج كافة فئات الشعب السوري إلى الشارع وستطالبه بالتنحي عن السلطة و ترك القصر الجمهوري، وبالتالي القبض عليه وإحالته إلى القضاء لإرتكابه أفظع الجرائم بحق هذا الشعب، و في هذه اللحظة ستحسم نهايته ونهاية نظامه. لذلك، لن يسحب أي جندي أو شبيح من الشوارع حتى يقضي على آخر متظاهر في سوريا، كما يخيل له ولنظامه الدموي.
لنعود إلى المبادرات التي طرحت على الرئيس السوري ونظامه كحل للأزمة القائمة في سوريا. ونأتي على المبادرة الأخيرة والصادرة من جامعة الدول العربية والتي كشفت جريدة القبس الكويتية عن الخطوط العريضة لهذه المبادرة، وإذا ماتأكدنا أن المبادرة المطروحة هي فعلا نفس الرسالة التي كان سيحملها نبيل العربي، رئيس الجامعة، إلى بشار الأسد، فأنا كمواطن سوري، أقبل بها جملة وتفصيلا، لكنني أشك أن يقبل النظام السوري بأي فقرة من فقرات هذه المبادرة، لأنه (أي النظام) لم يقتنع حتى الساعة بأن الشعب لم يعد يقبل به كنظاماً، ورئيساً وحزباً. وإذا ماعدنا إلى فقرات المبادرة وحللناها قليلا، لرأينا جميع بنودها تتجه لصالح السوري العام، لكن النظام يعتبرها تدخلا في شؤونه الداخلية وهو لا يقبل إملاءات من أحد. إلا أن الرد الكويتي وعلى لسان وزير خارجيتها كان أسرع عندما قال، quot; الأزمة السورية قضية عربية لا شأنا داخلياًquot;، وهذا مايأمله الشعب السوري من الأشقاء العرب، عندما يسعون لوضع حد لنظام بشار الأسد لمنع إراقة الدم السوري بهذه الوحشية، والوقوف إلى جانب الشعب السوري الأعزل وتطلعاته في الحرية والديمقراطية.
في هذا المجال تصاعدت الضغوط الإقليمية والدولية على النظام السوري،عندما صرح عبدالله غول (الرئيس التركي)، بأن تركيا فقدت الثقة بنظام بشار الأسد، و أن زمن الإصلاحات قد فات. فيما صرح مصدر إيراني، أن دمشق رفضت مجموعة نصائح من عشرات البنود قدمتها طهران لحل الأزمة الراهنة في سوريا.
وسيصل دمشق اليوم مبعوث روسي رفيع المستوى، لإيصال آخر رسالة من روسيا إلى النظام في سوريا وهو quot;موقفاً حازماً يطالب القيادة السورية بإيقاف فوري لجميع أعمال العنف والحملات العسكرية، وأن أي تقاعس من قبل دمشق سيجبر موسكو على مساندة قرار يناقشه مجلس الأمن الدولي بفرض عقوبات مشددة تطول النفط والسلاح وحظر السفرquot;.
بشار الأسد ونظامه، لم يستفيدوا من جميع هذه المبادرات كحل للأزمة السورية، وإذا ما رجعنا قليلا إلى الوراء وتمعنا في أهم هذه المبادرات، ألا وهي؛ مبادرة ملك السعودية خادم الحرمين الملك عبدالله، عندما وضع بشار الأسد أمام خيارين إما الحكمة أو الفوضى. لكن مع الأسف وكعادته، تغلب على ذهنية النظام السوري العناد والتكابر، لذا لجىء إلى الفوضى وقمع المتظاهرين بشكل أعنف ولم يسمع إلى صوت العقل، والذي كان سيجنبه ونظامه من تبعات جمة، لكن هيهات من نظام لا يرى في الأفق أكثر من طول أنفه.
الأوراق المتبقية في يد النظام السوري والتي سيلعب بها في نهاية المطاف، عندما يجد نفسه وحيداً، دون أصدقاء أو دون من يسانده في تعسفه وتسلطه، سيهرع إلى خلق فوضى في المنطقة وذلك بتحريك بيادقه في جميع الإتجاهات؛ في لبنان سيقوم بتحريض حزب الله أو بعض الفصائل الفلسطينية التابعة له ضد إسرائيل. في العراق سيحرك بعض الفصائل الشيعية ضد الكويت. في تركيا سيحرك بعض عناصر حزب العمال الكردستاني المتبقية تحت رحمته، في قتل بعض عساكر الأتراك. في فلسطين، سيحرك جماعة حماس بإطلاق بعض الصواريخ على المستوطنات الإسرائيلية. ألا كل هذا لم يجديه نفعا، عندما يتضح للعالم أجمع، بأن هذا النظام برئاسة بشار الأسد، بات مصدر قلق في المنطقة، وعلى المجتمع الدولي التخلص منه.
الشيء المستغرب في الأمر، عندما يسمع السوريين من فريق في إيران أو من حسن نصرالله، بأن زوال نظام بشار الأسد يهدد المنطقة بالكوارث، وكأن بهم يقولون، أن بشار الأسد هو الوحيد في سوريا الذي يصلح أن يكون quot;صمام آمانquot; المنطقة، وليس أحد غيره، إن هذه العبارات تحولنا إلى تفسيرات جانبية، عندما يتردد على لسان العامة، بأن إيران وحزب الله ونوري المالكي ومقتدى الصدر، لايريدون زوال نظام بشار الأسد، كونهم سيخسرون quot;دولة شيعيةquot; في المنطقة برحيله. نتمنى أن لا يكون منطق هؤلاء يسير في الإتجاه الطائفي.
أوسلو
- آخر تحديث :
التعليقات