كريمة الصقلي فنانة مغربية إشتهرت بالغناء الأصيل والإهتمام بالتراث الصوفي.. هي ليست مجرد مغنية فقط، بل نحن أمام سطوع آسر يشد الأبصار والقلوب نحوها لحظة ظهورها بتلك الهالة التي تشع منها تجليات الروح وعذوبتها، وهي تشدو بالآهات والكلمات والألحان، فتتموسق الروح متواشجة مع عناصر الفن في تركيبة سحرية طافحة بالإبداع.

حينما نشاهدها نتيه.. أيهما الجمال والإبداع هي أم فنها ؟.. فنحن أمام طوفان وهجها وحضورها نتشتت في لحظة إبهار يخطف أبصارنا ومعها القلوب والعقول الى هناك حيث تقف على المسرح كأنها ملاك هبط من علياء السماء جاءتنا محملة بكل هذا الجمال والبهاء والطهر والرقة المتشربة برحيق الفن.

الفنانة كريمة الصقلي إمرأة من زمن الإلتزام الغائب عن معظم الفنانين والفنانات، فهي متواضعة - رغم انها فنانة كبيرة - تعيش من دون صخب ولادعاية ولافيديو كليب، مكتفية بما يأتيها من دعوات لإحياء الحفلات المباشرة على المسارح في الوطن العربي وأوربا وأمريكا.

ولعلها بحاجة الى إدارة موهبتها بشكل أفضل وأكثر حركة، و إحداث نقلة في فنها ومكان إقامتها، فالإكتفاء بالحفلات لايساعد على وصولها الى أكبر عدد من المشاهدين نظرا لمحدودية جمهور المسرح، وكذلك من حقها كفنانة مقتدرة ان تأخذ مكانة أكبر في خارطة الفن العربي.. لذا أقترح عليها تغيير مكان إقامتها وضرورة التواجد في مدن : دبي وبيروت، والإنفتاح على الغناء المعاصر بإنتقاء كلمات وألحان تستخدم اللغة العربية المبسطة جدا، وبما انها غنت التراث العربي القديم المصري واللبناني، فلا بأس ان تغني ألحانا معاصرة جديدة باللهجة اللبنانية وغيرها.

مزايا نادرة تمتلكها الصقلي، فهي من خلال حلاوة صوتها، وحضورها الباهر.. قادرة على إعادتنا ولو للحظات الى أصالتنا وإنسانيتنا، ودمجنا في رحاب الكون والتحليق بنا في دنيا خارج نطاق الواقع المألوف حيث نذهب بعيدا معها في رحلة حنين وشوق الى أحلام وأزمنة... الى ذواتنا التي كدنا نفقدها في لجة الإنغمار والتكالب والصراعات... لتأتي كريمة الصقلي بكل هذا الجمال الخرافي الإسطوري بمعناها الروحي والإنساني وكذلك الأنثوي.. لتنتزعنا من ساحة معركة الحياة وأخذنا الى رحلة الهدوء والصفاء والمسرات.

[email protected]