الإحباط والأمراض النفسيّة ترفع معدلات الوفاة في العراق

تسبب حالة البطالة والأحداث الأخيرة التي حصلت في العراق، موت العشرات يوميا، ما أدى إلى انخفاض مستوى الأعمار في البلاد. وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية عام 2011، فإن اثنين من كل خمسة مواطنين يعانون مشكلات نفسية، كالإحباط وفقدان الأمل في المستقبل.


بغداد: تفاجأ محمد العلواني بوفاة ابنه ذي الثامنة عشر ربيعا بصور مفاجئة، من دون معاناة مرضية تذكر، أو أعراض مسبقة تنذر بتدهور حالته الصحية، مرجعا ما حدث إلى حالة نفسية مقلقة كان يعيشها ابنه، تتمثل في شكواه من البطالة وعدم توفر فرص العمل، وصعوبة توفير لقمة العيش ومستلزمات إكمال مشروع زواجه من خطيبته.

وحالة سالم، هي واحدة من عشرات حالات الوفاة التي تقع يوميا، في أنحاء العراق، لتؤكد انخفاض معدلات الأعمار بين العراقيين.

ويرجع الطبيب سليم الجبوري، ازدياد المشكلات النفسية التي تؤدي إلى الموت أحيانا إلى الأحداث الجارية في البلاد في الفترة الماضية، والتي انعكست تأثيراتها السلبية العميقة على نفسية المواطن العراقي.

وبحسب تقرير لمنظمة الصحة العالمية (WHO) عام 2011، فإن اثنين من كل خمسة مواطنين يعانون مشكلات نفسية.

و ما يعزز فرص تفشي الأمراض النفسية وتسببها بالوفاة هو ندرة الأطباء النفسيين وقلة الاهتمام بالأعراض النفسية التي تبدو على الإنسان، بحسب الجبوري، حيث يقول إنه من النادر جدا أن يذهب المواطن في العراق إلى العيادة النفسية لأنها بنظر الكثيرين مكان يقصده المجانين والمصابون بلوثة عقلية.

وكانت وزارة الصحة العراقية قد أعلنت عام 2011 انها وضعت خطة لرفع متوسط أعمار العراقيين.

ويرجع الباحث الاجتماعي سعيد المؤمن تأزم نفسية الفرد العراقي إلى الإحباط الذي يمكث في النفوس بسبب الوضع الحالي. ويتابع: رغم بعض الإنجازات، فإن ذلك دون مستوى الطموح، بسبب الإحباط الذي يسببه الوضع الحالي، وفقدان الأمل لدى البعض.

ويشير المؤمن إلى أن التقدم المتحقق على مستوى الأمن يقابله ترد مستمر في الخدمات التي لها صلة مباشرة بحياة الفرد.

وبحسب الجبوري، فإن أمراضا مثل القلق والكآبة تشيع بين العراقيين الذين يقبلون على المهدئات للتخفيف مما يعانونه. لكنّ الجبوري يحذر من أن بعض الشباب يلجأ إلى المخدرات للهروب من مشاكله.

ويخمّن الطبيب لؤي حسين معدل أعمار العراقيين بمستوى الخامسة والستين، وهو معدل منخفض مقارنة بمعدل أعمار الأوروبيين الذي يصل إلى نحو الثمانين سنة.

ويقترح حسين، خطة طويلة الأمد تتيح في النهاية زيادة معدل أعمار العراقيين، عبر دعم الخدمات الصحية وتحسين المستوى المعاشي للفرد.

لكن وزارة الصحة العراقية أعلنت عام 2012 أن هناك انخفاضا في معدلات الوفيات بين الأطفال والنساء.

ولا يرضى أغلب العراقيين عن معدلات أعمارهم، حيث يتحدث كريم سعيد (45 سنة) عن غزو الشيب رأسه، والتجاعيد التي ملأت وجهه.

بينما يُرجع عمر فخري (35 سنة) إصابته بمرض السكر والضغط إلى الحوادث المفجعة التي مرّت في حياته.

أما دهام حسن (27 سنة) فيعتقد أن زيادة وزنه لا ترجع إلى الإفراط بالأكل قدر الحالة النفسية المقلقة التي مرّ بها.

ويتابع الطبيب لؤي حسين حديثه مشيرا إلى أمراض شائعة بين المواطنين، تسبب بانخفاض معدلات الأعمار وهي الجلطات الدماغية والسكر وأمراض الشرايين التاجية، ومقابل ذلك فإن ارتفاع معدلات الأعمار سيكون مرهونا بزيادة الوعي الصحي بين المواطنين، وتطور برامج الرعاية الصحية الأولية، وتوفير أعداد كافية من المستشفيات.