بالهناء... لكنه للأسف بالمرض أيضًا

صارت قطر في السنوات الأخيرة من صنّاع الأخبار السياسية ووصفت بأنها الأولى على صعيد الدبلوماسية العربية، وهي تنال هذه المرّة المرتبة الأولى عالميًا أيضًا.فيما يعاني القطريون بنسبة كبيرةمن مرض السكري الذي يجر بدوره إلى أمراض أخرى.


لندن: تعتبر قطر أغنى دول العالم قاطبة. لكنّ للثراء نفسه ثمنًا في ما يبدو. فأهلها أيضًا هم الأكثر بدانة في الدنيا لأن نصفهم يصنّف في هذه الخانة. وبالطبع، فإن الأمر لا ينتهي بالبدانة لأن هذه تجر معها مختلف الأمراض. ولذا فإن 17 في المئة من القطريين مصابون بداء السكري وتوابعه المخيفة.

وحتى بالمقارنة مع أميركا التي يشاع أنها laquo;مأهولة بالبدناءraquo;، فإن قطر تتجاوزها بسهولة. ففي الولايات المتحدة يصنّف ثلث السكان هكذا (مقارنة بالنصف مع قطر) وتبلغ نسبة المصابين بالسكري فيها 8 في المئة، أي أقل منها في قطر بتسع نقاط مئوية.

ووفقًا للصحف البريطانية التي تداولت النبأ، فإن عدد القطريين يبلغ 250 ألفًا من مجموع 1.7 مليون شخص هم سكان هذه البلاد الصغيرة. لكنّ عقودًا قليلة حولت القطريين من أصحاء وسط مناخ الصحراء القاسي الى بدناء يعيشون تحت مكيفات الهواء ويتناولون ما طاب لهم من طعام بلا رادع ويتمتعون بيسر الحياة لأن المشاق تتحملها جيوش من الخدم نيابة عنهم.

وتبعًا للإحصاءات الدولية، فإن معدلات إصابة القطريين بالسكري تقل بـ10 سنوات عن المتوسط العالمي. وهذا يجر بدوره إصابتهم المبكرة بالأمراض المرتبطة بذلك الداء مثل ارتفاع ضغط الدم، وعلات القلب، والشلل الجزئي، والعمى. ويقول الخبراء إن كل هذا تأتى مع إساءة استخدام الثروة النفطية والغازيّة التي هبطت على هذه البلاد الصغيرة فجعلتها الأغنى في العالم بحساب متوسط دخل الفرد السنوي أو إجمالي الناتج المحلي.

ويدًا على يد مع جريان المال والحياة العصرية، صار القطريون ينحون الى الوجبات السريعة كما يتبدى من كثرة مطاعمها مثل laquo;ماكدونالدزraquo; وlaquo;كيه إف سيraquo; في مختلف مناطق التسوّق المغلقة المكيفة الهواء. ويلخص شاب اسمه حسن (19 عامًا) الأمر لمجلة laquo;أتلانتيكraquo; بقوله: laquo;نحن قوم نجلس ونأكل ونشرب وندخّن فقط... فكل شيء هنا laquo;اوتوماتيكيraquo; وتفعله جهة ما نيابة عناraquo;!

أما الأسوأ من ذلك، فتوضحه الإحصاءات القائلة أيضًا إن قطر ذات المعدل الأعلى عندما يتعلق الأمر بتشوهات الولادة والأمراض الوراثية. ويرجع العلماء هذا الحال الى ركون المجتمع عمومًا الى الزيجات بين الأقارب مثل ابن العم أو الخال من ابنة العم أو الخال. وتقول شرود الجندي ماتيس، مديرة برنامج laquo;رابطة السكري القطريةraquo; إن زواج الأقارب والأمراض المرتبطة به إحدى المشاكل العويصة امام مستقبل أفضل لقطرraquo;.

ومن جهته، يقول عادل الشرشاني (39 عامًا) الذي شُخص بالسكري قبل سنين عدة: laquo;الجميع يعلم أن السكري مشكلة حقيقية، والجميع يتحدثون عنها، لكن لا أحد يفعل شيئًا ملموسًا لحلها. أنا شخصيًا أهملت كل النصائح التي ألقيت عليّ حتى فات الأوان، والبقية تفعل مثلي تمامًا. وأنا مهدد الآن بفقدان نظري وقدمي... وحياتي نفسهاraquo;!

وتشن الحكومة القطرية حاليًا عددًا من حملات التوعية الصحية بضرورة التنبه لما يدخل البطن وأهمية التمارين الرياضية وتجنب الزواج من الأقارب. لكن هذه سباحة ضد التيار الرئيسي الذي صار بحاجة إلى تغيير أسس الثقافة نفسها.