ايلاف تلتقي رئيس جمعية الدفاع عن حقوق السجناء في ايران

يوسف عزيزيمن طهران: ولد عمادالدين باقي رئيس جمعية الدفاع عن حقوق السجناء في ايران، بمدينة كربلاء عام 1962 من والدين ايرانيين كانا يقطنان تلك المدينة العراقية. في العام 2004 قام عمادالدين باقي بانشاء جمعية الدفاع عن حقوق السجناء في ايران بعد ان خرج من السجن الذي قضى فيه نحو 3 سنوات. اعتقل باقي بعد نشاطه (الى جانب رفيقه آنئذ اكبر غانجي) في الصحافة الاصلاحية التي ازدهرت في الولاية الاولى للرئيس السابق محمد خاتمي. وكان اعتقالهما يعود الى دورهما في الكشف عما عرف بسلسلة الاغتيالات السياسية في ايران. كما انه ndash; و جمعيته ndash; من الوحيدين في ايران الذين يتابعون قضية الاعدامات في الاهواز من جانبها القانوني. ولباقي عدة كتب و مقالات حول قضايا حقوق الانسان و علاقة هذه الحقوق بالدين و الشريعة الاسلامية حيث يعد من ابرز معارضي عقوبة الاعدام. وقد التقيت باقي في مكتب الجمعية الواقع في مبنى quot;التجارة الايرانيةquot; المعروف هنا بquot;ساختمان مشكيquot; اي المبنى الداكن في شارع افريقيا بطهران. وعندما آن الاوان لنأخذ صور تذكارية اكتشفت ان البطارية غير شغالة، فعليه طلبت منه ان يرسل لي صورة جديدة له.وهذا ملخص للحوار الذي اجريته مع عماد الدين باقي:

-السيد باقي، لماذا قمت بتأسيس جمعية الدفاع عن حقوق السجناء؟ وماهي اهم اهدافها؟
* للرد على هذا السؤال يجب ان اعود قليلا الى الوراء. بعد اعتقال السيد عبدالله نوري ( وزير الداخلية في الولاية الاولى للرئيس خاتمي) قمنا مع بعض الاخوة الشباب للتحضير لانشاء جمعية الدفاع عن السجناء السياسيين حيث استمر الامر 5 اشهر حتى تم اعتقالي و اغلقت معظم الصحف الاصلاحية في ايار 2000؛ وهذا ما ادى الى ايقاف جهودنا. خلال فترة السجن وصلت الى موضوع اعده من بركات السجن وهو انني شعرت بان نظرتنا الى الامور كانت محدودة و تنحصر بحقوق السجناء السياسيين فقط. فقد شاهدت في السجن العديد من المعتقلين العاديين وهم يعانون في ظروف اسوأ من ظروف السجناء السياسيين، حيث لم يهتم بهم احد و لم تنشر اخبارهم. اذ يتم انتهاك حقوقهم التي لاتقل اهمية عن حقوق المعتقلين السياسيين.
وبسبب وفرة الوقت في السجن تمكنت من ترسيم تفاصيل المؤسسة التي كنت افكر بها كاطارها العام و لجانها و اهدافها؛ حيث وعند خروجي من السجن كل شيء كان جاهزا. لكن عندما عرضت الفكرة على اصدقائي انسحب البعض لانه كان يرجح ان تكون الجمعية خاصة للدفاع عن المعتقلين السياسيين فقط. اذ احتج نفر منهم قائلين باننا لسنا على استعداد للدفاع عن ثمة مجرمين في السجون. فقلت لهم انه اذا اكدنا على ضرورة عدم تعذيب السجناء السياسيين و اذا لم نؤكد ان يشمل هذا الامر السجناء العاديين فلن يتم استئصال التعذيب في هذا البلد. حيث علينا ان نبدي الحساسية اللازمة ازاء تعذيب المجرمين المعتقلين لانه اذا تمكنا من منع استخدام التعذيب ضد المجرمين فلن يتم ذلك ضد المعتقلين السياسيين والاخرين. على كل حال اقتنع البعض بالفكرة واستمر معي و انسحب البعض الاخر وبدأنا العمل.

- هل واجهت الجمعية و كمؤسسة مدنية تدافع عن حقوق الانسان، اية مشاكل في عهد الرئيس احمدي نجاد؟
* اذا تعني بالمشاكل باننا كنا في حالة جيدة قبل مجيء احمدي نجاد واصبحت سيئة بعد وصوله للسلطة، الجواب هو بالطبع لا. فقبل احمدي نجاد كنا نعاني ايضا من بعض المشاكل. فعلى سبيل المثال منحتنا وزارة الداخلية ترخيص العمل، لكن وزارة الاستخبارات و مؤسسة التفتيش العام عارضتا انشاء الجمعية. خاصة في العام الاول - 2004- كانت هناك حساسيات كبيرة حيالنا. فقد كانوا يتصورون ان الجمعية هي مؤسسة سياسية وبعد فترة طويلة ادركوا باننا حتى لو قمنا بنقد الاوضاع فليس لذلك اي مضمون سياسي والامر ينحصر في سياق حقوق الانسان.
في عهد احمدي نجاد واجهنا مشاكل من نوع آخر. فعلى سبيل المثال كنا في عهد خاتمي نستطيع ان نتصل بالبرلمان و ان نراسل السلطة التنفيذية او نبعث الرسائل لوزير الاستخبارات. حيث كانت الردود، اما شفهية و اما مكتوبة؛ والردود الاخيرة كانت من السلطة القضائية على الاعم. فقد اغلقت تقريبا كل هذه القنوات بعد مجيء السيد احمدي نجاد، حيث البرلمان ليس كالبرلمان السابق كي نراجعه وقد فقد الاصلاحيون الاغلبية في البرلمان و ان الاقلية فيه واهنة تماثل وضعنا في المجتمع. قضينا اكثر من 3 شهور كي نلتقي مع كتلة الاقلية البرلمانية لنبحث معها قضية المحكومين بالاعدام في مدينة الاهواز. فلم ترد السلطة القضائية في عهد الرئيس احمدي نجاد على العديد من الرسائل و الاسئلة و الاتصالات الهاتفية؛ لانهم يشعرون بانهم في ضيق خاص بل و يخشون القضية. فعليه ان الاتصالات مقطوعة نوعا ما. فالحكومة لاتهمها المؤسسات غير الحكومية؛ فهي لاتعترف بشيء اسمه حقوق الانسان كي ترد على اسئلتنا. او بالاحرى اننا نواجه قيود اكثر من هذا الجانب.
فلم يشترط عملنا في جمعية الدفاع عن حقوق السجناء، باي علاقة مع السلطة. فدعني اقول لك انه و عند الانطلاقة، كان بعض الاصدقاء يستدلون بعدم جدوى القضية لان السلطة - برأيهم- لاتقبل بذلك و لن تسمح لنا بالعمل. فقد قلت لهم: علينا ان نبدأ حيث لايجب ان نبقى مكتوفي الايدي؛ علينا ان نبدأ عملنا فاذا منعتنا السلطة ستدفع الثمن و اذا لن تمنعنا فان الامر هو لصالح المجتمع و لصالح السلطة و لصالح الجميع. فبامكاننا ان نقوم بالعديد من الاعمال، ان رضت السلطة ام لم ترض. فعلى سبيل المثال اذا كان السجين بحاجة الى محامي لاحاجة الى اذن الحكومة بل بامكاننا ان نعين له محاميا بالمجان؛ او ان نقوم بتقديم التقارير عن وضع السجون. وقد اصبح الان التعامل مع السلطة لحل مشاكل السجناء امرا مفروغا عنه حيث لاتوجد اية اشارة للمساعدة في هذا المجال. لكن في السلطة القضائية الامر افضل نوعا ما.

- كيف تقيم وضع السجون الايرانية؟
* بدأنا بنشر التقارير حول وضع السجون الايرانية حيث كان اول تقرير يتعلق بالعام 2005. فالمبادرة هي الاولى من نوعها في ايران؛ اي ان تقوم مؤسسة غيرحكومية برصد السجون في المجالات الصحية و الرفاهية والتغذية و العلاج و الزيارات
و الاجازات و كيفية التعامل مع السجناء و مع عوائلهم. فقد نشرنا اول تقرير لنا بشكل مسهب و مبوب. بشكل عام يمكن ان نقول ان وضع السجون تحسن قياسا بالماضي اي قياسا بقبل 3 او 5 او 10 سنوات. لكن وقياسا للمعايير العالمية لاتزال هناك مسافة كبيرة تفصلنا عنها. ثانيا هناك درجات للسجون نفسها؛ على سبيل المثال وضع السجون في المدن الكبرى و عواصم المحافظات افضل من سائر المدن. لكن كلما ابتعدت عن العاصمة الايرانية يسيء الوضع وهذا ما نراه في المناطق النائية كمحافظات كرمنشاه و خوزستان (الاهواز) و كردستان و سيستان وبلوشستان و بندر عباس. اي انها تفتقد للعديد من الامكانات الصحية والعلاجية والثقافية والتغذية؛ بل تشبه بعض السجون، السراديب.

- يبدو ان وضع السجون في محافظة خوزستان (الاهواز) هو الاسوأ؛ فوفقا لصحيفة /جمهوري اسلامي/ سجن كارون في الاهواز يجب ان يستوعب رسميا800 سجينا، لكن هناك نحو 3 الاف سجين يقبعون في هذا السجن. كما ووفقا لنفس الصحيفة سجن عبادان يجب ان يستوعب رسميا 70 سجينا لكنه يحتوي على 400 سجين.
* اذا اردنا ان نعطي الدرجات الى السجون الايرانية، برأيي ان افضل سجن حاليا في ايران هو سجن كرمان / جنوب شرق/ و اسوأ سجن هو سجن بندرعباس / جنوب/. فالوضع في سجن كرمان يدنو من المعايير الدولية حيث يعتبر السجن الوحيد الحائز على شهادة دولية. كما اسوأ سجن هو سجن بندرعباس الذي يعاني من جميع المساوئ.

- فهل لديك احصاء لعدد السجناء في ايران؟
* كتبت مقالا قبل فترة و طرحت لاول مرة ان تكون هناك هيئة تحكيم في المحاكم الخاصة بالسجناء المتهمين بتنفيذ عمليات مسلحة و ارهابية. فقد قام الاصلاحيون في الدورة السابقة للبرلمان بمبادرة جيدة حيث قدموا للبرلمان مشروع يتعلق بالجرم السياسي. لكن المشروع يصنف الجرائم الى جرائم سياسة، و جرائم عنف كالتفجيرات و العمليات المسلحة ويعد هذه الجرائم مصداقا للارهاب و يسحبها من شمول الجرم السياسي. فالمادة 68 من الدستور الايراني يجب ان تهتم بوضع هؤلاء السجناء و ليس المعتقلين بسبب قضايا صحفية او ماشابه ذلك لان هذه الاخيرة لاتعتبر اساسا جرما سياسيا. ويضم المقال تصنيفا للمعتقلين حيث يقول ان هناك اكثر من 60 سجين سياسي ndash; عقائدي، و اكثر من 20 سجينا في قضايا تجسس، و 146 سجينا متهما بالقيام بتفجيرات و عمليات مسلحة؛ وبالطبع ان الاحصاء ليس نهائيا.ويتأرجح اجمالي عدد السجناء في ايران - من سياسيين و عاديين - بين 145 الف و 148 الف سجين. وقد يزداد هذا العدد في فصل الشتاء. اذ هناك بعض المشردين و المتسكعين في الشوارع يرتكبون في الشتاء بعض الجرائم الصغيرة ليقضوا موسم البرد في المعتقلات.

- بعثت برسالة الى كل من رئيس السلطة القضائية و وزير الاستخبارات شككت فيها باحكام الاعدام الصادرة بحق 8 من العرب الاهوازيين المحكومين بالاعدام في الاهواز، فأين وصل ملف هؤلاء؟ ( يجب الانتباه ان الحوار تم قبل تنفيذ حكم الاعدام بحق الاهوازيين الثلاثة مؤخرا)
* ابرمت المحكمة العليا هذه الاحكام بعد مصادقة المحاكم الابتدائية. لكن وبما ان الذي يقرر في مثل هذه الملفات ليست السلطة القضائية فقط، طلبنا ان لايتم التسرع في تنفيذ هذه الاحكام. فقصدنا من الرسائل التي بعثناها ان تسنح الفرصة كي يتم استئناف الاحكام في ظروف اكثر منطقية.نحن نركز:اولا ان لايتم تنفيذ هذه الاحكام، وثانيا ان يتم الاستئناف و التجديد في فرصة اخرى. فانني اتصور ان نشاطنا سيصل الى نتيجة لكن ليس سريعا.

- يبدو ان احكام اخرى بالاعدام صادرة ضد بعض الاهوازيين الاخرين؛ ماذا عن ذلك؟
* عند لقاءنا بنواب كتلة الاقلية الاصلاحية في البرلمان قدمت تقريرا حول هذه الملفات حيث صنفت امر هؤلاء الاهوازيين الى 5 ملفات: اولا، ملف الاثنين الذين تم اعدامهم في مطلع العام الحالي، وثانيا الملف الذي يشمل 10 متهمين و المعروف بملف عائلة الباوية وهم 5 اشقاء و ابن عمهم حيث حكمت المحكمة على 4 منهم بالاعدام منهم زامل باوي. وثالثا، ملف مجموعة الكتائب و يضم 19 متهما حيث حكمت المحكمة على 10 منهم بالاعدام، ورابعا ملف يضم 8 متهمين، حكم على البعض منهم بالاعدام لااتذكر حاليا عددهم. و خامسا، هناك ملف لم يبت فيه حتى الان اي ان المحكمة لم تتشكل في شأنه؛ فهذا الملف يتعلق بمتهمين تم اعتقالهم في خارج ايران اي في سورية و تم نقلهم الى ايران. فقد سمعنا ان عدد متهمي هذا الملف يصل الى 12 شخصا لكننا لم نثق على ما سمعناه، لاننا لم نعرف العدد الدقيق. فقد حصلنا على 4 اسماء حتى الان هم: جمال عبيداوي و فالح عبدالله المنصوري و سعيد صاكي وطاهر على زهراء المعروف بطاهر مزرعة. فلم تقم لهؤلاء اي محكمة حتى الان، لكن من المحتمل ان يصدر حكم الاعدام على بعض افراد هذا الملف. اقول هذا وفقا للتهم الموجهة لهم.
فبالرغم من معارضتي الشخصية لعقوبة الاعدام لكنني اقول انه يجب التمييز بين المتهمين، اي بين الذين كان لهم دور مباشر في التفجيرات و التي ادت الى مصرع بعض الاشخاص و بين الذين لم يقوموا باي دور في التفجيرات بل كانت لهم علاقات تنظيمية فقط و ايضا بين كل هؤلاء و بين الذين لم يكن لهم اساسا اي دور في التفجيرات. في رأيي اذا استمرت نشاطاتنا بشكل فاعل يمكن ان يتم ايقاف عدد من احكام الاعدام الصادرة وان تقتصر على بضعة اشخاص كان لهم دور مباشر في التفجيرات.

- فقد اتهمكم رفيقكم السابق المعارض اكبر غانجي - عندما كان معتقلا في العام الماضي ndash; بالتعاون مع وزارة الامن و عزا الترخيص لجمعيتكم الى هذا الامر؛ ماذا تقول لنا في هذا المجال؟
* فقد نفت زوجته في احدى مقابلاتها هذا الخبر الذي بثه التلفزيون الايراني. فاذا غضضنا الطرف عن نفي او اثبات هذا الخبر، فالظاهرة الطريفة تعود الى دور تلفزيون الجمهورية الاسلامية وهو العدو الدود لي و لغانجي حيث لم يبث اي خبر حول اضراب غانجي عن الطعام في السجن في العام الماضي لكنه بث هذا الخبر لاثارة الفرقة بيننا.
وقد نسمع مثل هذه الاحاديث هنا وهناك، فالسبب يعود الى سلوك المعارضة الذي يماثل احيانا سلوك السلطة. اذ تدعي السلطة ان هؤلاء (اي نحن) يناضلون ضدنا تحت ستار حقوق الانسان حيث ان المواجهات التي تمت ضدي خلال الاعوام الثلاث الماضية من عمر الجمعية لم تتم مع اي من الاصدقاء الاصلاحيين الراديكاليين.

- اثيرت ضجة في الاعلام الايراني حول وفاة اثنين من المعتقلين في سجن ايفين في الصيف الماضي: اكبر محمدي و فيض مهدوي ؛ ما هو رأيك في هذا الخصوص؟
* وقعت سجالات كثيرة في هذا المجال، فعلى سبيل المثال قال البعض ان السبب كان الاضراب عن الطعام، بل و تجاوز البعض الاخر هذا، مدعيا بانهم تعرضوا للتعذيب، غيران اقرباء هؤلاء و اصدقائهم وزملائهم لم يؤيدوا هذا الامر. فالعديد من المعارضين قالوا ان الاثنين ماتوا اثر الاضراب لكن يجب التريث هنا لان اضرابات كثيرة وقعت خلال الاعوام الماضية ولم تؤد الى مثل هذه النتائج. فقد اضرب هؤلاء الاثنين لمدة 8 - 9 ايام و توفوا، لكن اضرب السيد غانجي من الطعام لمدة 75 يوما فلم يمت. فيجب الانتباه الى اثر الاضراب على الجسم. السبب ليس الاضراب بل دور الاضراب كان كدور الخفاز في هذا المجال. فقد سبق وان اصيب اكبر محمدي بجلطة قلبية في سجن quot;توحيدquot; حيث تعرض لضغوط جسمية و نفسية هائلة قبل سنوات.
الامر الهام هو ان مثل هذه الاحداث يمكن ان تقع دائما وذلك لسبب عدم وجود ارتباط مستمر بين المحامين و المؤسسات غيرالحكومية من جهة و بين السجناء من جهة اخرى، خاصة عندما يقومون بالاضراب عن الطعام. ثانيا، بحكم العقل و المنطق يجب ان نقبل ادعاءات السجين عندما يكون هناك تعارضا بين السجين والسجان حتى تتوفر الامكانات للمؤسسات المستقلة للتحقيق في الامر. يمكن ان تكون ادعاءات السجين غيرصحيحة؛ لكن اذا كان التحقيق في الموضوع متعذرا يحكم العقل علينا بالا نأخذ جانب السلطة اذا وقع تعارضا بين ادعاءات السجين و السجان. فالسلطة تمتلك القوة و السجين يفقدها وهو اسير بيدها.

- هل لديكم علاقات مع مؤسسات حقوق الانسان في العالم؟
* لدينا علاقات مع العديد من هذه المؤسسات حيث نقوم باعمال استشارية او نرد على اسئلتهم او نبعث لهم احيانا بعض الرسائل و نوصي ببعض الاشياء.
فبعد شهرين من اعلان الجمعية عن وجودها، ابدت منظمة العفو الدولية عن رأيها ازاءها بشكل مكتوب. فهذا يعود الى العلاقات التي كانت تربطني بهذه المؤسسات من قبل. فلعلمك ان هذه المؤسسات التي نرتبط بها اشادت دائما باسلوبنا في التعامل مع السلطة في ايران وهم يوصونا بالا نبتعد عن هذا الاسلوب. فهم لايقبلون باضعاف التعامل مع السلطة لكن المشكلة هي ان الحكومة لا ترغب في مثل هذا التعامل. نحن نرحب بالتعامل مع السلطة لان طبيعة العمل في مجال حقوق الانسان يختلف و العمل السياسي.

- هناك حساسيات لدى الحكومات الايرانية ازاء نشطاء حقوق الانسان، إن كان ذلك في عهد الحكومة السابقة او الحكومة الراهنة؛ ولوان في الحكومة السابقة كانت الحساسية اقل. يبدو ان السلطة في ايران تنظر الى نشاط منظمات حقوق الانسان بنظرة قائمة على نظرية المؤامرة. مع ما اننا نتذكر ان نشاط هذه المنظمات ساعد كثيرا في التطورات التي شهدتها ايران خلال العقود الثلاث الماضية.
* اساسا الجمهورية الاسلامية مدينة في وجودها وقيامها في ايران الى المساعي الدولية لمؤسسات حقوق الانسان. فلو لم يكن ذلك لما قامت الجمهورية الاسلامية. صحيح ان الخلفية كانت موجودة لكن تلك النشاطات هي التي بضعت ذلك الطفح الدملي. فهذا طبيعي لان هؤلاء لايطيقون قضية حقوق الانسان. فالسيد احمدي نجاد لم يتفوه بمفردة واحدة في هذا المجال وذلك يعود الى معارضتهم لمفاهيم حقوق الانسان و الديمقراطية حيث لم يكن مستعد ان يستخدم هذه المفردات في حملته الانتخابية ولو لارضاء البعض. اي انهم لم يؤمنوا ابدا بهذه المفاهيم حيث يقومون باعمال تنتهك حقوق الانسان و يستائون من الاخرين الذين يحتجون على ذلك. لذلك يبررون القضية بصورة اساسية و يصفون مبدأ حقوق الانسان بالتآمر ويحولونه الى قضية سياسية. لكن للانصاف اقول ان قسم من هذا الامر يعود الى سلوك المعارضة؛ فقسم من المعارضة يستخدم حقوق الانسان كأداة سياسية. حقوق الانسان هو نظام حقوقي و مجموعة من الاخلاقيات وله ادبيات خاصة.كما ان الغرب يرتكب نفس الاخطاء حيث قلت قبل فترة لصحيفة اجنبية ان بعض الغربيين لم ينتبهوا ان بعض اعمالهم لاتقل ضررا من الحكومات التي تنتهك حقوق الانسان. فلهذا تتحول الجرائم التي ترتكب في سجن ابوغريب او في غوانتا ناموا الى ذرائع لهذه الحكومات لتقول: لسنا وحيدين في ارتكاب هذه الاعمال. اي انهم يبررون اعمالهم. كما ان الغربيين يسكتون ازاء انتهاك حقوق الانسان في بعض الدول و انا احيلك الى كلمة الرئيس الامريكي جورج بوش في الامم المتحدة. اذ كان موقفه ازاء ما يحدث لحقوق الانسان في العربية السعودية و الكويت ايجابيا، واصفا التطورات هناك بالتدريجية و الدائمة لكنه وعند تطرقه الى الوضع الايراني اخذ يهاجمها، وهذه هي الازدواجية في المعايير الغربية. كما ان مواقف بوش ازاء ما جرى في ابوغريب و غوانتانامو كانت مواقف خاطئة حيث لم يسمحوا بتفتيش تلك السجون. هذا يساعد الحكومات التي لم تؤمن بحقوق الانسان ان تتوهم اكثر فاكثر.