حوار مع الكاتبة السعودية مها باعشن

حاورها هاني نديم: من المسؤول عن الضجة التي ترافق صدور أية رواية أنثوية سعودية، وتحول بصيرة النقد من مساره المتعارف عليه أكاديمياً إلى الحديث عن العمل في برامج الـ talk show التلفزيونية؟، هذه الإشكالية وغيرها تحاورنا بها مع الروائية السعودية مها باعشن والتي كانت ضيفة إيلاف لإلقاء بعض الضوء على مسيرتها بشكل خاص ورأيها في النتاج الأدبي السعودي على وجه العموم

* هل شكلت لديك لحظة اكتشاف الكتابة مفترقاً ما بحياتك؟
ـ لحظة اكتشافي لقدراتي الكتابية، هي أنا الآن بعد المرور والانتباه على أحداث الدنيا والأيام وما مررت به من محزنات ومفرحات، وأنا بعد أن امتلكت شيئا من أدوات التعبير سواء باللون أو بالكلمة بدأت مفرداتي تتكون لتخرج ما بنفسي بشفافية وبساطة.

* هل أنت ممن تردد بين الشعر والرواية من دون أن يقرر عملية فصل قاطعة بينهما؟
ـ كتاباتي الشعرية تروي ما يجول في نفسي شعراً، وروايتي تروي ما يجول في نفسي سرداً مغموراً بالشعر ، كما في رواية وضاء التي جمعت بين شعر المونولوج والديالوج.

* يبدو من كتاباتك اعتمادك على الدهشة والصدمة، هل تعيشين بالفعل عالماً غرائبياً، مثل أحداث نصوصك الغريبة للغاية؟.
كل أديب لا تؤثر فيه وتحركه المستجدات من حوله فقلمه ميت، وعن معايشتي لعالم غرائبي أقول أن لي عالمي الخاص من حيث فهم طبيعة عالم الميتافيزيقيا أو ما وراء الطبيعة، ومن حيث القوى المحركة والمؤئرة في حياة الإنسان فهناك عوالم أخرى تعيش معنا تؤثر فينا ونؤثر فيها. فلماذا لانطلق العنان للعقل والفكر الشجاع بأن يصوغ أدباً رفيعاً نافعاً يدفع للأمام كأدب الخيال العلمي.

* وضاء... روايتك الأخيرة، إلى أي حد تشبه الواقع، إذ يكاد ينعدم في سردك الروائي فيها ذلك الحاجز بين المتخيل والمفترض وبين الواقع والمعاش؟
ـ وضاء رواية من الواقع المعاش زماناً ومكاناً، وتحلق بخيال ينشد السلام.. خاصة بعد أحداث 11 سبتمبر. دعني أقول أن عالم الكتابة عالم رحيب واسع ، وجواز السفر للدخول إلى هذا العالم هو الرصيد والمخزون الداخلي في صدر الأديب أو الفنان، وتتوالى زخات هذا الرصيد في النفس من سحابات الأحداث والهموم التي تتوالى على الإنسان فتكون المحرك له.

* نكتب للعدم.. يقول سارتر... هل نحن كذلك؟
جان بول سارتر هو صنم الوجودية تلك الفلسفة الحديثة البغيضة. تلك مقولة كاذبة فنحن نكتب للأجيال القادمة.. كما كتبت لنا الأجيال السابقة، والدليل أننا تناقشنا في تلك النظرية وتفاعلنا معها.

* ما الجدوى من الكتابة برأيك، لماذا نكتب، أو بشكلٍ أدق من هم المستهدفين من فعل مها باعشن الكتابي؟
ـ أن تنير زوايا من الحياة أنت تعلمها ويجهلها الآخرين، والمستهدفون هم من لديهم قدرة على العطاء ولا يجيدون التعبير.

* هل توافقين القول بأن الرواية السعودية تجاوزت الشعر المحلي بأشواط، إذ اعتمد الأخير على اللهجة المحكية والأغنية ففقد جمهوره المثقف، وبالتالي حظ الروائي السعودي في الشهرة بين النخبة إن جاز التعبير أوفر، وهل ثمة حركة روائية استعراضية في المملكة؟
ـ الرواية السعودية في بداياتها لكنها خطت خطوات جيدة. ولكن لابد من الصحوة النقدية التي ترشد وتوجه دفة الأدباء خاصة الشباب منهم، أما الحركة الروائية الاستعراضية كما أسميتها فأوافقك بوجودها من دون ذكر أسماء، فهناك الفرقعات المقصودة ليعلو الضجيج الصحفي والإعلامي، خاصة إذا تجاوزت الرواية الخطوط الحمراء!!.

* هل يكفي اليوم أن تخرج المرأة السعودية عن السرب لتلفت إليها الأنظار ووسائل الإعلام، هل أصبحت اليوم الرواية النسوية السعودية هي باب للخروج من الزجاجة ولفت النظر؟
هناك ثوابت لا يجب أن يحيد عنها الإنسان في حياته ، أولها الدين ثم الوطن ثم المجتمع بعاداته وتقاليده ومتغيراته.. التي تؤثر على الأديب، أما بخصوص خروج المرأة عن السرب فهي ثمة البعض من يحيد ليلفت الأنظار

* أنت تشكيلية وكاتبة وصحفية، أية تلك الصفات هي محور كينونتك، من أنت بالضبط؟
أنا كل هؤلاء، وكل منا هو مخزونه الداخلي وتفاعله مع الحدث، لا أكتب ضمن ثوابت معينه بما يعني الطقوس والجو والمكان والموسيقى يهمني الهدوء النفسي.. الوقت والمكان.. الحالة المزاجية والفكرة.