حوار مع وصف عبد الرحيم مهتاد رئيس لجنة النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين بالمغرب

حاوره أيمن بن التهامي من الدار البيضاء: وصف عبد الرحيم مهتاد، رئيس لجنة النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين، المبادرة، التي أعلن عنها وزير الداخلية المغربي شكيب بنموسى، حول فتح باب الحوار مع معتقلي تيار السلفية الجهادية ب quot;الجريئةquot;، غير أنه عاد وأكد بأنها ستكون quot;صعبة جداquot;، لكون أن هذه الشريحة لا يجمع بينها قاسم مشترك من فكر أو تنظيم أو انتماء، سوى أنهم ملتزمون دينيا، مع اختلاف مشاربهم الفقهية وولاءاتهم.
وقال رئيس اللجنة، في حوار مع quot;إيلافquot;، quot;إننا أمام فكرة ومبادرة جيدة وتحتاج إلى كثير من الإعداد والاستعداد حتى لا نقع في الخطأ الشائع والقائل (كحمار الرحى المكان الذي رحل منه هو الذي رحل إليه).. وهنا شتان بين تجربة الحوار بالسجون المصرية، وما عليه المعتقلون بالسجون المغربية، إذ في التجربة المصرية كنا أمام جماعة من الناس لهم وحدة التنظيم والفكرة والهدفquot;.
وبخصوص تأثير أحداث الدار البيضاء الإرهابية على إعادة محاكمة بعض شيوخ السلفية الجهادية، أوضح عبد الرحيم مهتاد أن quot;للقضاء سلطة مستقلة، وإعادة محاكمة كل الشيخ أبوحفص والكتاني مؤشر إيجابي نحو البحث عن حلول إيجابية لملفهما، إذ لا يعقل أن يستمر المغرب على وتيرة الضرب بيد من حديد لمجرد الشك أو الشبهةquot;.
وجوابا على سؤال حول المعاناة التي تكبدها المعتقلون المغاربة سابقا في سجن غوانتنامو بكوبا، أبرز رئيس اللجنة أن quot;شهادة المرحلين نموذج لعبقرية الأميركان في النيل من كل من ساقه القدر إلى ذلك السجن الرهيبquot;، مضيفا أن quot;واشنطن اختطفت مواطنين من كل الجنسيات أو اشترتهم بالدولار من َنخًاسِي بعض الدول الإسلامية المجاورين لأفغانستان دون أن تكلف نفسها عناء البحث عن مدى تورطهم في أي عمل إرهابيquot;.

* كيف ترون المبادرة التي أعلنت عنها وزارة الداخلية بخصوص استعدادها لفتح حوار مع معتقلي تيار quot;السلفية الجهاديةquot;؟
- بالفعل إنها مبادرة جريئة وشجاعة، وتستحق كل التنويه، إلا أننا في جمعية النصير لمساندة المعتقلين الإسلاميين نطرح السؤال التالي، َمنْ سيحاور َمنْ؟؟؟
هل ستقود الحوار الدولة المغربية ممثلة في جميع أجهزتها؟ أم العلماء والمجالس العلمية؟ أم بعض الهيآة السياسية وجمعيات المجتمع المدني التي انتدبت نفسها لذلك؟!hellip;
هذا من جهة، ومن جهة أخرى، وتهم الطرف الثاني (وهم المعتقلون الإسلاميون) والذين لا يجمع بينهم قاسم مشترك من فكر أو تنظيم أو انتماء، سوى أنهم ملتزمون دينيا، مع اختلاف مشاربهم الفقهية وولاءاتهم، ما يجعل الحوار مع شريحة من هذا النسيج صعبة جدا.
وأخيرا ما هي المحاور التي سُتعْتمدُ في هذا الحوار؟
إذن نحن أمام فكرة ومبادرة جيدة وتحتاج إلى كثير من الإعداد والاستعداد حتى لا نقع في الخطأ الشائع والقائل (كحمار الرحى المكان الذي رحل منه هو الذي رحل إليه). وهنا شتان بين تجربة الحوار بالسجون المصرية، وما عليه المعتقلون بالسجون المغربية، إذ في التجربة المصرية كنا أمام جماعة من الناس لهم وحدة التنظيم والفكرة والهدف، الشيء الذي يكاد ينعدم في حالة المعتقلين الإسلاميين بالسجون المغربية.

* أدت تفجيرات الدار البيضاء الأخيرة إلى تصاعد حدة الجدل حول تمتيع المعتقلين الإسلاميين بالعفو الملكي، ما هو تعلقيكم حول هذا الموضوع؟
- هنا وجب الفصل بين الأمور، فالعفو سلطة بيد الملك وحق من حقوقه الدستورية يتمتع به المغاربة على حد سواء بغض النظر عن انتماءاتهم السياسية أو العقائدية، وتحكمه معايير وضوابط دقيقة جدا، وأعتقد شخصيا أن المعتقلين الإسلاميين بالسجون هم مغاربة قبل كل شيء، ويجري عليهم ما يجري على غيرهم من أبناء وطنهم، وإذا ما توفرت فيهم شروط العفو الملكي نالوه واستفادوا منه كغيرهم من الناس، فالعقوبات السالبة للحرية شخصية، والمسؤولية فيها فردية وتقع على الفاعل بعينه ولا يجب تحميلها لغيره، (ولا تزو وازرة وزر أخرى).

* سجلت في الشهور حالات وفيات في صفوف السجناء الإسلاميين، إلى ما تعزون ذلك؟
- الجواب واضح ولا يحتاج إلى تفسير، فالإنسان وهو رهن الاعتقال وداخل السجن تتغير حياته نحو الأسوأ، كما أن معاناته تتضاعف، وأمراضه تتفاقم، والأوضاع السجنية بالمغرب لا تختلف عن واقع الإنسان المغربي المعاش، فما السجن إلا انعكاس للواقع، وإذا كان الذي هو حر طليق لا يتوصل إلى حقه في العلاج إلا بشق الأنفس، فكيف بمن هو رهن الاعتقال؟ فالأوضاع السجنية بالمغرب مزرية وطبيعي أن تؤدي إلى مثل هذه الحالات والتي هي ليست محصورة على المعتقلين الإسلاميين، بل تشمل كل المعتقلين. وحسب المدير العام لادارة السجون فالميزانية المخصصة للتطبيب لا تتناسب والعدد الهائل من المعتقلين الذين يتجاوز الخمسين ألف معتقل.

* فتح القضاء أبواب إعادة محاكمة اثنين من quot;شيوخ السلفية الجهاديةquot;، هل تعتقدون بأن أحداث الدار البيضاء ستؤثر على محاكمتهم؟
- لا أعتقد، فالقضاء سلطة مستقلة، وإعادة محاكمة كل الشيخ أبوحفص والكتاني مؤشر إيجابي نحو البحث عن حلول إيجابية لملفهما، إذ لا يعقل أن يستمر المغرب على وتيرة الضرب بيد من حديد لمجرد الشك أو الشبهة، خصوصا أنه بعد أربع سنوات من اعتقالهم تبين أن لا علاقة لهم بما كان قد ُوجه إليهم من تهم، ونأمل أن يتمتعوا بكل ظروف المحاكمة العادلة.

* نفذت السلطات الأمنية، بعد 11 مارس، حملة اعتقالات واسعة في صفوف عدد من المشتبه بهم، هل تعتقدون بأنه سجلت بعض التجاوزات خلال هذه العملية؟
- على ما يبدو من خلال المعطيات التي نتوفر عليها، أن السلطات الأمنية بعد أحداث 11 مارس الدامية بالدار البيضاء تصرفت بخلاف ما كان عليه الوضع بعد أحداث 16 ماي، وهكذا كانت الاعتقالات محصورة في الزمان والمكان وتم احترام مدة الحراسة النظرية، وهذا لا يعني انه لم تحدث تجاوزات، الشيء الذي سوف تعري عنه الأيام المقبلة وخصوصا عند المحاكمة.

* تسلم المغرب مؤخرا معتقل جديد سابق بغوانتنامو، هل يمكنك أن تصف لنا المعاناة التي تكبدها هؤلاء في خليج كوبا وأيضا بعد عودتهم إلى المغرب، وما هي تقديراتكم لعدد المغاربة الذي ما زالوا يقبعون خلف قضبان هذا المعتقل؟
- أعتقد أن شهادات الإخوة المرحلين من غوانتنامو خير دليل على معاناتهم هناك، وكانت شهادة الأخوين محمد مزوز وإبراهيم بنشقرون نموذجا وشاهدا على عبقرية الأمريكان في النيل من كل من ساقه القدر إلى ذلك السجن الرهيب. ولدينا شهادة من الأخ محمد بنموجان، والذي تم تسليمه نهاية السنة الماضية، يحكي فيها مالا يمكن لعاقل أن يصدقه، وللتأكيد فإن أمريكا قد اختطفت مواطنين من كل الجنسيات أو اشترتهم بالدولار من َنخًاسِي بعض الدول الإسلامية المجاورين لأفغانستان دون أن تكلف نفسها عناء البحث عن مدى تورطهم في أي عمل إرهابي.
ولما تيقنت أنها وقعت ضحية النصب عليها من طرف هؤلاء النخاسين، والذين باعوها أناسا ساقتهم أقدارهم إلى تلك الديار في زمن الحرب، وبعدما وجهت إليها أصابع الاتهام في عدم قانونية وشرعية ما قامت به في غوانتنامو، وتعالت الأصوات في كل بقاع الدنيا منددة ومدينة، أخذت تفرج عن هؤلاء المعتقلين، ولكنhellip; بعدما فات الأوان وتحول اغلبهم، بحكم ما تعرضوا له من سوء المعاملة وإخضاعهم لكل أنواع التجارب إلى حمقى ومختلين عقليا. ولما عجزت السلطات الأمريكية عن احتوائهم وتسخيرهم لمصالحها، أو الإشراف على تطبيبهم وإعادة تأهيلهم نفسيا واجتماعيا قدمتهم إلى بلدانهم الأصلية هدية مسمومة، حتى تتحمل دولهم مسؤولية حراستهم وتطبيبهم دون أن تكون لها القدرة على ذلك.

* بصفتكم رئيس لجنة مساندة المعتقلين الإسلاميين، ما هي أكبر المعيقات التي تواجهكم، وبماذا تساعدون عوائل السجناء؟
- لا يمكن اختصار الجواب في كلمات أو سطور، فالخطب جلل والمصيبة أعظم، ولكن يمكن أن اختصرها لكم في مأساة أبناء وأطفال المعتقلين الإسلاميين، فإذا ما تجازونا مشاكل وهموم الأمهات والزوجات والأباء والإخوة والأخوات باعتبارهم كبارا في السن ولهم من القدرة على الفهم والتأقلم مع واقع اعتقال القريب، فإن الأطفال الصغار قد تركوا عرضة للضياع، ففي غياب تام لكل رعاية أو عناية سواء من طرف الدولة أو جمعيات المجتمع المدني انقطع أغلب هؤلاء الأطفال عن الدراسة تحت مبرر عدم القدرة المادية على الوفاء بمستلزمات التمدرس، أو تهربا من شعورهم بأنهم أبناء لمعتقل على خلفية أحداث 16 ماي، فهناك ما يزيد على 700 معتقل في إطار ما يسمى بالسلفية الجهادية، ومنهم من خلف وراءه 7 أطفال ( حالة عبد الرزاق ارتيوي)، والمحكوم ب 30 سنة سجنا، فعدد المتضررين من هذه الاعتقالات كبير، وإمكانيات جمعية النصير محدودة، ولا بد من تظافر جميع الجهود لتجنيب هؤلاء الأطفال مستقبلا لا يقل سوءا على ما عليه الآباء بالسجون.