ينظر كثر من متابعي الأوضاع الإقليمية إلى الجنوب اللبناني على أنه صندوق بريد لإرسال الرسائل بين الدول عند اي محطة توتر او تنازع. وفي حين يسير الملف النووي الايراني نحو مزيد من التعقيد بين طهران والغرب ممثلاً بالاتحاد الاوروبي والولايات المتحدة الاميركية، تتزايد المخاوف اللبنانية من اي هبة او تطور يمكن ان يحصل على الطرف الجنوبي من الحدود مع فلسطين المحتلة. والتخوف الرئيسي مصدره احتمال أن توجه إسرائيل في الأشهر المقبلة ضربة عسكرية مزدوجة إلى quot;حزب اللهquot; وايران معاً بمساندة ودعم اميركييين ، كما ان تهديدات تل ابيب المتكررة حيال لبنان ، لا سيما بعد اطلاق الصواريخ الاخيرة على شمالها من الجنوب تصب في اطار ممارسة الضغط على الحكومة اللبنانية المقبلة لاتخاذ خطوات حاسمة من quot;حزب اللهquot; في موضوع نزع سلاحه لتتسلمه الدولة اللبنانية، ولتحقيق انخراطه الكامل في الشأن السياسي والتخلي عن العمل العسكري.
واقعياً، لم يمنع زخم الحركة السياسية الداخلية وquot;الهدنة غير المعلنةquot; التي فرضها لقاء عاهل المملكة العربية السعودية الملك عبدالله بن عبد العزيز والرئيس السوري بشار الاسد وquot;الاجواء المشمسةquot; لتشكيل الحكومة العتيدة برئاسة الرئيس المكلف سعد الحريري، تركيز الانظار على الوضع في الجنوب الذي حافظ على وتيرة هدوئه quot;القلقquot; بعد سلسلة من التطورات السياسية والامنية التي تمثلت بسليل من التصريحات الاسرائيلية التي حملت التهديد والوعيد لكل من ايران وquot;حزب اللهquot;. ويبدو الوضع كأنه العد العكسي او quot;الفرصة الاخيرةquot; للحوار والاتفاق، بين ايران والمجتمع الدولي، على ما يقول مصدر امني لبناني لـ quot; ايلافquot; قبل ان يضيف: quot;هناك سباق محموم بين تقدم خيار توجيه ضربة اسرائيلية للمفاعل النووي الايراني وبين الجهود الدبلوماسية الاقليمية والدولية للتسوية، وقد بدت كل المؤشرات غير مطمئنة لجهة النوايا والاستعدادات الاسرائيلية، واحتمال انعكاس ذلك على الساحة الجنوبية رغم استبعاد قادة إسرائيل نشوب حرب جديدةquot;.
ويؤكد المصدر، ان الخطير في quot;التهديدquot; الاسرائيلي المتتالي الى ايران وquot;الوعيدquot; ورسائل quot;الانذارquot; الى quot;حزب اللهquot;، انه تزامن مع الاعلان عن تطوير نظام للدفاع الصاروخي يعد من الأنظمة الأكثر تطوراً فى العالم لمواجهة اي احتمالات لسقوط صواريخ غراد وكاتيوشا والقسام وصواريخ أخرى قصيرة المدى على إسرائيل من قطاع غزة وجنوب لبنان. وكذلك الاعلان عن تدريبات عسكرية مشتركة بين الجيشين الاميركي والاسرائيلي المقرر إجراؤها الشهر المقبل، والتي تجرى مرة كل عامين على استخدام المنظومات الدفاعية المتطورة ضد الصواريخ البالستية ، وقد وصلت قطع بحرية من الأسطول الأميركي إلى الموانئ الإسرائيلية تمهيدا للتدريب المشترك.
ويشدد المصدر على ان الاوضاع في الجنوب quot;هادئة على حذرquot;، و تعترف بأن ثمة ترقبا وقلقا quot;في انتظار ما ستؤول اليه التطورات الاقليمية وتحديدا مع ايران، لأنها قد تنعكس على الجنوب اللبناني . فتوجيه
اي ضربة عسكرية اسرائيلية إلى إيران ستكون له تداعيات على الجبهة الجنوبية، لأن quot;حزب اللهquot; لن يقف مكتوفاً يتفرج، رغم انه لم يحسم او يدرس كل الخيارات المستقبلية، فيما ايران تتوقع مشاركته في الحرب كما أعلن اكثر من مسؤول فيها، اما اسرائيل فهي تستبعد ذلك وفق ما اعلن قائد الجيش الاسرائيلي غابي اشكينازي الذي قال إن بلاده أن quot;لا تتوقع اشتباكات جديدة في المستقبل القريب مع quot;حزب اللهquot;، معتبرا ان سبب ذلك يعود بدرجة كبيرة الى قوة الردع التي حققتها إسرائيل في حرب 2006، مشيرا الى أن quot;حزب اللهquot; لا يريد في الوقت الراهن على الاقل تجديد العمليات، لكننا في الوقت نفسه لا نركن الى ذلك ونتابع الأحداثquot;.
التعليقات