موسكو: يعبر الصمت الذي تلتزمه إسرائيل تجاه كشف شبكات العملاء اللبنانيين عن السياسة التي تتبعها أجهزتها الاستخباراتية وفي مقدمها quot;موسادquot; تجاه نشاطها الخارجي، خصوصاً في الدول العربية. فإذا كانت الأخبار المنشورة عن هذه الخلايا صحيحة فإن الصمت يكون لصالح quot;موسادquot;، كما أنه في كل الحالات مادة دسمة لزيادة الخلافات بين اللبنانيين لأنه يعني أن إسرائيل نجحت في اختراق الساحة اللبنانية مرة أخرى.

وتزامن قرار رئيس الحكومة بنيامين نتانياهو بتجديد ولاية رئيس جهاز quot;موسادquot; مائير داغان للسنة الثامنة مع الكشف عن خلايا العملاء اللبنانيين. وفي هذا التجديد رسالة واضحة بأن هذا الجهاز الذي سجل فشلاً في حرب لبنان العام 2006 بعدم معرفة الوضع الحقيقي لـquot;حزب اللهquot; وقدراته العسكرية، بات اليوم قادراً على تجنيد عملاء داخل لبنان. وكذلك على إحباط أكثر من عملية في دولة أوروبية حاول quot;حزب اللهquot; تنفيذها ضد أهداف إسرائيلية.

وبحسب شخصيات أمنية إسرائيلية يشكل لبنان اليوم خطراً على إسرائيل أكثر من أي وقت مضى بسبب تقدم مكانة quot;حزب اللهquot; وتطوره من الناحيتين السياسية والعسكرية والدعم الإيراني له. وبحسب اليعزر تسفرير الذي شغل منصب رئيس شعبة quot;موسادquot; في لبنان قبل الانسحاب الإسرائيلي، فإن أمن إسرائيل يحتم على الجهاز تكثيف نشاطه الاستخباراتي وتجنيد عملاء تكون مهمتهم الأساسية معرفة ما يخطط ضد إسرائيل.

ويقول تسفرير: quot;إزاء الوضع في لبنان لا يمكننا إلا تكثيف النشاط الاستخباراتي على مختلف الأصعدة، والأمر لا يقتصر على تجنيد عملاء إنما أيضا تطوير المعدات الاستخباراتية الحديثة وبينها طائرات من دون طيارquot;. ويضيف: quot;لا شك في أن الذين يتم تجنيدهم للعمل مع إسرائيل يدركون تماما أن موساد لا يمنحهم بوليصة تأمين على الحياة وان احتمال الكشف عنهم أمر وارد. ومن جهة إسرائيل لا يمكنها في مثل هذا الوضع أن تفعل شيئاً سوى تجنيد المزيد والبحث عن بدائل لمن ضبطواquot;.

ومنذ انتهاء حرب لبنان العام 2006 عملت أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية على استخلاص الدروس، لكن أحداً لم يروج لنشاط مستحدث لـquot;موسادquot;، وربما يعود ذلك الى طبيعة العمل السري لهذا الجهاز وشخصية رئيسه داغان الذي يصفه البعض بأنه يعمل ولا يتحدث. وفي هذه السرية أيضا تطبيق لتوصيات بحث أجراه quot;معهد دراسات الامن القوميquot; وتطرق فيه الى عمل مشترك بين الأجهزة الاستخباراتية لمواجهة التهديدات والمخاطر المحدقة بإسرائيل. والقيام بعمليات quot;جراحيةquot; على المدى البعيد.

وفي هذا البحث توقع المعهد زيادة قوة quot;القوى الاسلامية المتطرفةquot;، كما يصفها، خصوصاً في المناطق المحاذية لإسرائيل، شمالاً في لبنان وسورية وجنوباً في غزة. والى جانب التهديدات التي تطرق إليها أكثر من بحث وأبرزها السلاح غير التقليدي والصواريخ التي يمكن أن تصل الى عمق إسرائيل ومواجهة حرب quot;عصاباتquot;، حذر المعهد من احتمال حدوث تغييرات في أنظمة الحكم وبالتالي تقوية العناصر التي تعتبرها إسرائيل معادية لها. ورأى quot;موسادquot; أن لبنان هدف له، فوظف الموازنات لاستحداث أجهزة استخباراتية، بعضها وضعها على طول الحدود وأخرى استحدثت في طائرات من دون طيار، كما صنع خلال السنوات الثلاث الأخيرة طائرات استخباراتية صغيرة الحجم لا يمكن مشاهدتها بالعين المجردة وادعى أنها نجحت في التقاط صور لتحركات عناصر quot;حزب اللهquot; وأخرى لحافلات شحن نقلت أسلحة من سورية الى الحزب.

ويقول خبراء أمنيون إنه مع اقتراب الانتخابات اللبنانية، يزداد نشاط quot;موسادquot; لمتابعة الوضع داخل لبنان. وفي كتابه الجديد quot;لبنان - دم في الأرزquot;، يوضح ايال زيسر، رئيس quot;مركز دايانquot; في جامعة تل أبيب، دوافع القلق الإسرائيلي تجاه لبنان ويقول: quot;قد تكون مسيرة اللبننة التي اجتازها ظاهراً حزب الله، لا تعني في نهاية اليوم تحوله الى منظمة لبنانية، بل تعني سيطرته على لبنانquot;. ويشير زيسر الى أن إسرائيل قد تجد نفسها أمام واقع أمني وسياسي جديد على حدودها الشمالية بعد الانتخابات اللبنانية.

وأمام هذا القلق، يروج quot;موسادquot; لقدرته على السيطرة على الوضع مهما كانت نتيجة الانتخابات، معتبراً أن بقاء الأمين العام لـ quot;حزب اللهquot; حسن نصرالله مختفياً دليل على إدراكه لاحتمال استهدافه، بحسب تسفرير. وفي هذا الجانب أكد رئيس أركان الجيش السابق، دان حالوتس، في مقابلة أجراها هذا الأسبوع، أن أجهزة الاستخبارات والجيش بذلت جهوداً كبيرة لاغتيال نصر الله لكنها فشلت.