لماذا وضع المرسل مهدي الحاج حسن إسمه على المتفجرة؟
الأمن العام اللبناني والشبكات الإسرائيلية والبريد الملغوم
نجم الهاشم من بيروت: كيف دخل الطرد الملغوم إلى مقر المديرية العامة للأمن العام في لبنان قرب قصر العدل ؟ ولماذا هذا التوقيت ؟ وهل له علاقة باكتشاف شبكات التجسس المتعاملة مع إسرائيل ؟ وما هو سر وجود اسم مهدي الحاج حسن كمرسل للطرد مع عنوانه ورقم هاتفه ؟ هل العملية مجرد مزاح مفخخ أم رسالة متفجرة ؟ كان خبر دخول جهاز الأمن العام اللبناني على خط توقيف بعض عملاء الموساد الإسرائيلي في لبنان لافتا، ولكنه لم يكن صاعقا ومربكا كخبر اكتشاف الطرد المفخخ المرسل إلى ليبيا وفيه جهاز تفجير وعبوة ناسفة وساعة توقيت حال تدخل الخبير العسكري دون انفجاره بعد تعطيله. هل كان الطرد مرسلا لينفجر داخل المديرية العامة للأمن العام ؟
هل كان مرسلا ليمر عبر الأمن العام إلى ليبيا من دون التمكن من اكتشافه ؟ وبالتالي هل كان من المخطط له أن ينفجر في ليبيا أم في الطائرة التي ستنقله ؟ ولماذا يضع المرسل مهدي الحاج حسن اسمه عليه ؟ هل هو فعلا من أرسله ؟ وهل هوايته تفخيخ الهدايا والطرود البريدية أم أن الفاعل الحقيقي استعمل هذا الإسم الذي له سابقة في محاولة إدخال عبوة متفجرة إلى السفارة الأميركية في عوكر عام 2003 ؟
ليست من صلب مهمات الأمن العام في لبنان مكافحة التجسس لأن نطاق عمله مفتوح على الأمن السياسي قبل الأمن العسكري الذي يتولاه مبدئيا مديرية المخابرات في الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي .
منذ ثلاثة أشهر تقريبا فتح فرع المعلومات في قوى الأمن ثغرة في قلب شيكات التجسس العاملة مع الموساد الإسرائيلي في لبنان وتمكن من توقيف العميد المتقاعد في الأمن العام أديب العلم وابن شقيقه الذي كان لا يزال في الخدمة في مركز الأمن العام في الناقورة وقد أدت هذه العملية إلى اكتشاف أكثر من شبكة يقال أن الخيط الذي قاد أليها كان عبر خطوط هاتفية اشتراها العميد العلم وتم توزيعها على العملاء ومن خلال متابعتها الأمنية تم التعرف إلى من كان يستعملها وهكذا أصبح عدد الموقوفين نحو أربعين شخصا تقاسمتهم مديرة المخابرات في الجيش اللبناني وفرع المعلومات في قوى الأمن الداخلي .
في 25 أيار الماضي برز خبر في وسائل الإعلام يقول أن جهاز الأمن العام اللبناني دخل على ملف ملاحقة شبكات التجسس الإسرائيلية في لبنان وأن الأيام المقبلة ستظهر نشاط المديرية في هذا المجال بعد توقيف مشتبع بهم بالتعامل مع إسرائيل وبعد أيام تم الكشف عن المزيد من التوقيفات وعن أن جهاز مكافحة التجسس في الأمن العام خضع مؤخرا إلى عملية تفعيل من أجل تعزيز دوره في ملاحقة الجواسيس والعملاء والعودة بقوة إلى ممارسة دوره في هذا المجال .
قبل ذلك كان الأمن العام مبتعدا عن التدخل المباشر في عمليات مكافحة التجسس منذ توقيف مديره العام السابق اللواء جميل السيد الذي استطاع منذ انتقاله من مديرية المخابرات كنائب للمدير إلى المديرية العامة للأمن العام من تعزيز دورها وتفعيله وجعله في مركز القرار في الدولة على حساب الأجهزة الأخرى .
قبل توقيفه قدم اللواء السيد استقالته بعد اغتيال الرئيس رفيق الحريري وتم تعيين اللواء وفيق جزيني مكانه بموافقة حزب الله وعندما حصلت مشكلة بينه وبين وزير الداخلية بالوكالة الدكتور أحمد فتفت لم ينجح الوزير في زحزحة المدير فبقي الأخير وتغير الوزير والوزارة .
إذا كانت المديرية العامة للأمن العام دخلت على ملف شبكات التجسس بعد الأجهزة الأمنية الأخرى فلماذا تكون الرسالة الأمنية لها ؟ ولماذا لم تصدر توضيحات لاحقة لما حصل حول مسؤولية مهدي الحاج حسن عن عملية إرسال الطرد المفخخ ؟ وما كانت نتيجة مداهمة منزله ؟ وهل الرجل واثق من نفسه إلى الحد الذي يجعله يضع عنوانه واسمه على العبوة ؟ ماذا بينه وبين الأمن العام ؟
برز اسم مهدي الحاج حسن فجأة إلى العلن في كانون الأول/ يناير عام 2003عندما أوقفته القوى الأمنية اللبنانية بتهمة محاولة إدخال متفجرات إلى السفارة الأميركية في عوكر وقد أعلن وقتها مدعي عام التمييز القاضي عدنان عضوم أنه الرأس المدبر للعملية وأنه تصرف بشكل شخصي لأنه يعارض السياسة الأميركية ولا يحب الأميركيين .
وقد بينت التحقيقات لاحقا أنه من مواليد العام 1966 من شمسطار في البقاع اللبناني وقد أعد عبوة ناسفة هي عبارة عن معجون تي أن تي كان يحتفظ بها من ايام الحرب وجهزها بعوتي غازإشعال القداحات مع فتيل بطيء الإشتعال وصاعق للتفجير موصول إلى ساعة توقيت مع سلكين كهربائيين ووضعها في حقيبة جلدية سوداء صغيرة الحجم وكتب ورقة بخط يده ضمنها رسالة quot; إلى السيد فؤاد المحترم . هذه الهدية من قيمتي وليس من قيمتك وشكرا .HM .quot; وقد سلم الحقيبة إلى شخص يعمل عنده في محل لتوزيع المياه في حي السلم في الضاحية الجنوبية لمدينة بيروت يدعى العبد مريش الذي توجه في 10 كانون الأول 2003 من منطقة الرسول الأعظم في الضاحية إلى السفارة الأميركية في عوكر بواسطة سيارة أجرة ولما حاول تسليم الحقيبة إلى شخص قال أن اسمه فؤاد وأصر على تسليمها له شخصيا ألقي القبض عليه وعلى السائق .
بينت التحقيقات أيضا أن مهدي كان حاول في العام 1983خطف طائرة متوجهة من قبرص إلى ليبيا للمطالبة بإطلاق سراح الإمام المغيب موسى الصدر إلا أن العملية فشلت وتم توقيفه.
خلال محاكمته قال مهدي أنه يفتخر بتاريخه النضالي وبانتمائه إلى حركة أمل حتى لو كانت الحركة تتنكر له وأنه منذ شاهد المجازر في فلسطين وفي العر اق قرر أن ينتقم من الأميركيين على طريقته .
في 15 تشرين الأول/ أكتوبر 2004 حكمت المحكمة العسكرية على مهدي بالسجن سبعة أعوام وعلى العبد كريم مريش ثلاثة أعوام . وفي 13 تشرين الأول 2005 خفضت محكمة التمييز العسكرية الحكم على مهدي إلى خمسة أعوام وعلى مريش إلى عامين .
يعني ذلك أن مهدي خرج من السجن أواخر العام 2008 فماذا فعل بعد ذلك وهل تابع الإحتجاج على طريقته ولماذا لم ينتبه أحد إلى وضعه وهو الخبير في المتفجرات وتصنيعها ويعيش في الضاحية الجدنوبية لمدينة بيروت ؟
في عبوة الأمن العام تم استخدام علبة هاتف لتوضيبها ووضعت قارورة غاز صغيرة الحجم وصاعق للتفجير ولم يكن جهاز التوقيت معطلا إنما عطله الخبير العسكري وقد كتب على علبة البريد اسم مهدي الحاج حسن وعنوانه كما تسرب من التحقيق . ولكن لم يعرف إلى من كانت موجهة العبوة وهل كان من الممكن أن تنفجر في مبنى الأمن العام ؟ ولماذا تم الربط بينها وبين حديث تلفزيوني لمدير عام الأمن العام وفيق جزيني أعلن فيه عن توقيف المزيد من الشبكات الإسرائيلية ؟
والسؤال هو هل سيتم العثور على مهدي وهل سيثبت التحقيق أنه هو الذي يشغل الأجهزة الأمنية كلما خرج من السجن ليعود إلى السجن من جديد ؟ وماذا إذا لم يتم توقيفه أو أذا لم يتبين أنه مسؤول عن العبوة ؟ من سيكون ذلك الذي يتحرش بالأمن العام ؟
التعليقات