الحريري رئيسًا مكلفًا للحكومة
سعد يقرأ في كتاب أبيه
نجم الهاشم من بيروت : ما إن انتهت الإستشارات لتسمية رئيس الحكومة اللبنانية حتى بدأت العراقيل أمام تشكيل الحكومة ، وبدا جليًا أن طريق النائب سعد الحريري إلى رئاسة الحكومة لن تكون مفروشة بالحرير، لأن خصومه سيحاولون زرعها بالشوك وكل الأجواء الإيجابية التي برزت بعد الإنتخابات لم تكن إلا كلامًا ضاع في الهواء وأوهامًا خادعة.
يعرف سعد الحريري هذا الأمر ويدرك أن خصومه لن يستطيعوا أن يستوعبوا الهزيمة في الإنتخابات إلا بعد هزمه في رئاسة الحكومة.
وتتصرف المعارضة على أساس أنها خسرت الإنتخابات ولكن لن تخسر الحكم وهي تحاول أن تحكم من موقع المعارضة . الخطوة الأولى كانت في فرض انتخاب رئيس حركة quot;أملquot; وكتلة quot;التنمية والتحريرquot; نبيه بري رئيسا لمجلس النواب والخطوة التالية تتمثل في فرض التركيبة الحكومية التي تريدها ومنع النائب سعد الحريري من تشكيل الحكومة التي يريد، وربما استدراجه إما إلى الإعتذار وهذا ما يعتبر نكسة سياسية له في بداية الطريق، وأما إلى تشكيل حكومة أكثرية مع وجوه معتدلة وهذا يدفعه إلى المواجهة بحيث يتهمه خصومه عندها بأنه يوتر الوضع.
تعاطى quot;حزب اللهquot; كمرجعية للمعارضة بعد الإنتخابات ومن خلال الإستقبالات التي بدأها الأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله برز كأنه يأخذ الدور الذي كان يضطلع به الرئيس السوري بشار الأسد أو الدور الذي كانت تقوم به سورية في لبنان كدولة راعية أو وصية على الدولة اللبنانية . فهل يحل quot;حزب اللهquot; محل سورية عمليا ؟
كان من الطبيعي أن يلتقي السيد حسن نصرالله الجنرال ميشال عون مثلا والنائب سليمان فرنجية، ولكن كان لافتاً أن يوسع دائرة اللقاءات لتشمل باقي أطراف المعارضة كحزب الطاشناق الذي خرج من الإنتخابات بخسارة استراتيجية في زحلة وبيروت وبانتصار لغيره في المتن ، وكالوزير السابق عبد الرحيم مراد الخاسر في انتخابات البقاع الغربي.
أما اللقاءان اللذان عقدهما السيد حسن نصرالله مع النائب وليد جنبلاط ثم مع النائب سعد الحريري فلم يؤديا إلى الحلحلة المطلوبة ،إذ يبدو أن لا تسهيلات أمام الحريري لتشكيل الحكومة . وإذا كان رئيس كتلة نواب quot;تيار المستقبلquot; ونكتل quot;لبنان أولاquot; قد حاول إظهار حسن نيته بإعلانه أستعداده لقبول ما يكتبه quot;حزب اللهquot; في البيان الوزاري حول المقاومة وسلاح حزب الله أو لاعتماد ما ورد في البيان الوزاري للحكومة الحالية التي تصرف الأعمال، فقد أتى رد quot;حزب اللهquot; سريعا باعتباره أن موضوع سلاح الحزب خارج التداول وخارج المقايضة، لأن المقاومة لا تحتاج إلى حماية أحد ولأنه لم يكن هناك إجماع وطني حولها في السابق ومن يحميها هم أهلها .
هل يعني ذلك أن الطريق أقفلت أمام الحريري من البداية ؟
بعضهم يعتبر أن الحريري الأبن قد يكون يواجه اليوم ما واجهه الحريري الأب عندما تم إحراجه لإخراجه في عملية تشكيل الحكومة بعد التمديد للرئيس السابق أميل لحود بعد الخلاف حول احتساب الأصوات التي سمته . يومها أصدر الرئيس رفيق الحرير بيان العزوف الشهير الذي قال فيه أنه يستودع لبنان الحبيب بين أيدي الله قبل شهرين من استشهاده .
والحريري الإبن ليس بعيدا عن طريق والده . وعلاقته مع quot;حزب اللهquot; تعود إلى القواعد نفسها . الحزب يريد منه أن يهتم بالإقتصاد وأن ينسى موضوع المقاومة . والحزب يريد منه أن ينسى موضوع المحكمة الدولية أو أن يرفض ما يصدر عنها ويعتبر أن أي اتهام الحزب باغتيال والده إنما هو اتهام إسرائيلي وبالتالي اتهام مردود مرفوض . والحزب يريد منه أن تكون للمعارضة حصة الثلث المعطل في الحكومة حتى لو لم يتمثل الحزب نفسه في الحكومة. فهل الحريري الإبن قادر على التنازل عن كل هذه القضايا دفعة واحدة ومن بداية الطريق ؟ وماذا يمكنه أن يفعل في المقابل ؟ هل يشكل حكومة مواجهة ؟ هل يقابل التحدي بالتحدي ؟ هل يذهب إلى النهاية في موضوع المحكمة الدولية ويتبنى كل ما يصدر عن المحكمة الدولية حتى لو تم اتهام quot;حزب اللهquot;؟ وهل يطبق شعاره الكبير في الإنتخابات quot; لا ننسى والسما زرقا quot; ؟
سعد الحريري يدرس كل هذه الإحتمالات ويعرف أن عليه ألا يفشل في أول محاولة له ويعرف أيضا أنه يقرأ في كتاب والده وأن ليس عليه أن يلدغ من الجحر مرتين .
التعليقات