إعداد أشرف أبوجلالة: مع دخول معضلة تشكيل الحكومة اللبنانيّة الجديدة شهرها الثاني، يرصد موقع quot;ذا quot;ميديا لاينquot; الأميركي المُهتم بتحليل الشؤون الشرق أوسطية في تقرير مطول له آراء محللين سياسيين عن وجهات نظرهم في تلك الأزمة وآفاق الخروج منها، وإن رجح معظمهم عدم تشكيل الحكومة قبل نهاية شهر رمضان في أواخر شهر سبتمبر / أيلول الجاري. وفي البداية، يشير التقرير إلى الآمال التي عُقِدت على التحسن الذي بدا في العلاقات بين سوريا والمملكة العربية السعوديّة كبداية تبشر بالخير لإتمام عملية تشكيل الحكومة اللبنانيّة، لكن وبعد مرور شهرين، بدا هذا المسار مليئا بالصعاب.
ويمضى التقرير ليشير إلى أنّ آخر حكومة لبنانيّة، وهي تلك التي تمخضت عن quot;ثورة الأرزquot; الشعبية المناهضة لسوريا في عام 2005، قد عانت خللا وزاريا. وقامت جبهة المعارضة، ( تحالف للأحزاب بقيادة تنظيم حزب الله الشيعي) بالانسحاب من مجلس الوزراء في عام 2006، وهي الخطوة التي أصابت الحكومة بالشلل حتى مايو / أيار من العام 2008 عندما اندلعت الاشتباكات بين مقاتلي حزب الله والقوات الموالية للحكومة في غرب بيروت. وهو ما جعل الموقع يُعلِق بالقول إنّ هناك حالة من التخوف الكبير الآن في الوقت الذي يجري فيه تشكيل مجلس وزراء لهذه الحكومة، التي تبحث الآن عن توافق صارم في الآراء مع أصحاب مصالحها المستقطبين، وتحاول العمل من خلال بعض المطالب المتضاربة، التي من بينها ما يُعرف بحق الفيتو أو ( الثُلث المُعَطل ).
وأشار التقرير إلى أنّ الصيغة المقترحة لتشكيل الحكومة الجديدة على قاعدة 15-10-5 ، وهي الصيغة التي تعني حصول قوى الرابع عشر من آذار الموالية للغرب على 15 مقعدا، وحصول قوى الثامن من آذار المعارضة على عشرة مقاعد، وخمسة لكتلة الوسط التي يشرف عليها الرئيس ميشال سليمان، وقد تم الاتفاق عليها العام الماضي. وبالمعنى الدقيق للكلمة، فإن ذلك سيعمل على إبعاد quot;الثلث المُعَطلquot; عن متناول المعارضة حتى يتوافر مسلك نحو إمكانية استخدام حق النقض بحكم الأمر الواقع عن طريق إسناد أحد مقاعد كتلة الوسط الرئاسية إلى حزب الله.
وفي هذا الإطار، ينقل الموقع عن بول سالم، مدير مركز كارنيغي للشرق الأوسط في بيروت، قوله :quot; إذا تمت الموافقة على تمرير تشكيل الحكومة وفقا ً لصيغة 15-10-5 ، فإن الرئيس سيكون أكثر قوة. لكن انضمام مزيد من الأشخاص إليه الآن في موقف لحكومة المتأرجح، سيؤدي إلى إضعاف موقفهquot;. وعن القرار الذي اتخذه مطلع الشهر الماضي الزعيم الدرزي وليد جنبلاط بسحب حزبه من التحالف مع قوى الرابع عشر من آذار ، علَّق سالم بقوله :quot; يسعى بذلك جنبلاط إلى العودة من أجل مصلحة السوريينquot; .
كما ينقل الموقع عن الياس مهنا، المحلل السياسي وناشر مدونة quot; قفا نبكquot; الإلكترونية على شبكة الإنترنت، قوله :quot; تبدو الأمور وكأننا نسير باتجاه نمط مألوف، في الوقت الذي تنتظر فيه جميع الأطراف معرفة مدى تطور الديناميات الإقليمية الأوسع انتشارًا قبل الالتزام باستراتيجية سياسية في الداخل. أما الموضوعات الشائكة مثل قضية مقاومة حزب الله لإسرائيل فسيتم تجنبها أو طرحها حتى موعد ما في المستقبل، وذلك كوسيلة لتحقيق الاستقرار على المدى الزمني القصيرquot;.
ثم انتقل الموقع في سياق تحليله للموضوع، ليشير إلى وجود عامل تعقيد آخر في عملية تشكيل الحكومة متمثل في ميشال عون، الزعيم المسيحي للتيار الوطني الحر، أكبر الأحزاب المسيحية في كتلة المعارضة المتحالفة مع حزب الله. فيقول إن عون كان يُتوقع ظهوره بشكل أفضل في انتخابات يونيو / حزيران الماضية، لكنَّ الناخبين المسيحييّن الذين انشقوا عن حزبه كانوا سبباً في المقام الأول وراء تمكين قوى الرابع عشر من آذار من الفوز بهذا الفارق. وها هو الآن يقوم بتبطيء عجلة التقدم من خلال المطالب التصعيدية التي لا يبدو أن الحريري أو معسكره مستعدين لاستيعابها، مثل تمسكه بإعادة توزير صهره جبران باسيل في حقيبة الاتصالات بالتشكيلة الوزارية الجديدة. في حين يرد أنصار الحريري هنا بقولهم إنّ خسارة باسيل في الانتخابات النيابية الأخيرة حقيقة تقلل من حظوظه في إمكانية إعادة ترشيحه.
وفي ما يتعلق بحزب الله الذي التزم الصمت طوال الوقت تقريبا ً، عاود سالم ليواصل حديثه إلى الموقع قائلا ً :quot; عندما يريد حزب الله أن يرجئ الأمور، يكون عون هو الشخص المناسب لإبطاء العملية ونفض الستائر الدخانيّة. وعندما يكونون مستعدين لتحريك الأمور مرة أخرى، فإنهم يقومون بذلكquot;. فيما يرى التقرير أنه في حالة فشل الحريري في تشكيل الحكومة، فإنه قد يتنحى ويقوم بإسناد الدور المكلف به (كرئيس للوزراء ) إلى شخصٍ آخر. كما أكد التقرير أنّ حالة الجمود المُهيمنة الآن على مساعي تشكيل الحكومة من المُمكن أن تُسفر عن المزيد من التقلّبات، لكنّ معظم المحللين يعتقدون أنّ واحدة سيتم تشكيلها في نهاية المطاف. وختم مهنا حديثه بالقول :quot; لم تعد هناك كتلة برلمانيّة تحتفظ بالأكثريّة، فإذا قام جنبلاط ومعه قوى الثامن من آذار بالانسحاب من الحكومة، فتلك هي لعبة الكرة. ولم يعد هناك سوى قدر أقل من القوى الجاذبة لتلك التجمعات، ما يزيد من احتمالات انهيار الحكومةquot;.
التعليقات