يواجه الكثير من الأهل حالات مختلفة من العدوانية والبذاءة والممارسات السلبية الأخرى كممارسة التدخين والسرقة والتغيب عن المدرسة يقوم بها أطفالهم من دون أسباب مبررة الأمر الذي يؤرق الأهل من جهة ويجعل هؤلاء الأطفال يتعرضون لمشاكل مختلفة في المدارس والمنازل. يشير المختصون في مجال التربية والطب النفسي للأطفال إلى وجود خمسة أسباب رئيسية وراء التصرفات العدوانية للأطفال يتوجب التوقف عندها.


براغ : يؤكد المختصون النفسيون التشيك بان حديث الطبيب المختص عن وجود اضطرابات سلوكية في حياة الطفل يعني باختصار أن تصرفات الطفل غير إجتماعية وانه لا يتأقلم في سلوكه مع الواقع الاجتماعي والنفسي والثقافي القائم من حوله وبالتالي يتوجب البحث عن أسباب تصرفاته السلبية التي تظهر من خلال عدوانيته تجاه الناس والحيوانات ومن خلال ممارسته الكذب وعدم النزاهة والسرقة والتشرد والهروب من المنزل والتسبب بالحرائق وغيرها ...
ويرى المختصون التشيك أن خمسة أسباب رئيسية تكمن وراء اضطرابات السلوك التي يقوم بها الأطفال هي التالية :

العامل الوراثي وطريقة الولادة

يمكن لأنواع محددة من الخصائص والمواصفات الوراثية أن تتسبب في المستقبل بنشوء اضطرابات السلوك لدى الأطفال ولذلك فان الطفل الذي يصعب عليه منذ السنوات الأولى من عمره التكيف والتأقلم مع الأوضاع السائدة من حوله والذي ينفعل بسرعة يمتلك عادة ميلا باتجاه العدوانية وبالتالي يتوجب على الأهل أن ينتبهوا لذلك وان يمارسوا الحزم في التربية .
ويشير المختصون أيضا إلى نتيجة ملفتة توصل إليها باحثون صينيون قبل فترة حيث اكتشفوا بان الأطفال الذين ولدوا بطريقة صعبة أي أن عمليات الولادة لهم كانت معقدة وشاقة لديهم ميل أكبر إلى العدوانية من الأطفال الذين ولدوا بشكل سهل أو عن طريق الولادة القيصرية مثلا مرجعين ذلك إلى ارتفاع مستوى هرمون الكورتيزول الذي يفرزه الجسم أثناء الولادة المتوترة والصعبة .

الوضع الاقتصادي الاجتماعي للعائلة

يؤثر الوضع الاقتصادي والاجتماعي للعائلة بشكل ملموس على ممارسات وتصرفات الطفل داخل المنزل وخارجه فعدم مقدرة أحد الأهل أو كلاهما على العثور على عمل وانتشار التشاؤم والتوتر في العائلة بسبب ذلك يمكن له أن يخلق جوا يحاول الطفل الهروب منه نحو رفاقه أو ربما نحو تعاطي المخدرات كما أن تدني التحصيل التعليمي للأهل والفقر والسكن في ظروف سكنية صعبة يمكن أن يؤثر سلبيا على تطور شخصية الطفل لاسيما حين يشعر الطفل بسوء وضعه مقارنة بإمكانيات الآخرين من رفاقه من العائلات الغنية .

ويحدث عادة في مثل هذه الحالات توجه الطفل في تصرفاته وسلوكه بشكل أكبر للإقتداء بهؤلاء والبحث عن حالة من التضامن معهم ضمن المجموعة والعمل أحيانا على الحصول على مثل ما لديهم من إمكانيات مادية الأمر الذي يجعله يقوم بالسرقة . وينبه المختصون النفسيون إلى انه في العائلات الغنية المؤمنة أفرادها ماديا بشكل جيد يمكن أن توجد أيضا لدى الأطفال حالة من النهم وعدم الشبع من الإمكانيات المالية وبالتالي يحاولون كسب ما يريدونه على حساب بقية أفراد العائلة ويتم التركيز من قبلهم على إرضاء الاحتياجات المادية أكثر من الاحتياجات النفسية .

العنف المنزلي

تؤثر التصرفات الغير اجتماعية والجزائية التي يقوم بها الأهل بشكل سلبي وواضح على تطور اضطرابات السلوك لدى الأطفال ولذلك فمن المعروف بان الطفل الذي شهد عملية اضطهاد بدني أو نفسي في العائلة هو عرضة لإمكانية تكراره ذلك بشكل مشابه في حياته سواء داخل أسرته أو خارجها .
ويؤكد المختصون أن محاولة الأهل مواجهة المشاكل التي يتعرضون لها من خلال تعاطي المخدرات وتعاطي الكحول فان ذلك يعني في الأغلب تعلم أطفالهم حل مشاكلهم المستقبلية أيضا بطريقة مشابهة .

العائلات غير الكاملة

يعتبر نشوء الأطفال في العائلة من دون الأب أو الأم أي في ما تسمى بالعائلة غير الكاملة بسبب الطلاق أو وفاة أحديهما من العوامل التي يمكن لها أن تساهم في حدوث الاضطرابات المسلكية لدى الأطفال لان تغيب احد الأهل يضعف عملية التربية ويؤدي إلى تراجع الوضع المادي للعائلة ولذلك فان الكثير من الأمهات يكتشفن بعد حدوث الطلاق تراجع المستوى المادي لهن الأمر الذي يجعلهن يبحن عن عمل يعوضن فيه عن النقص المالي الذي حدث وبالتالي بذل جهود كبيرة في العمل لتامين ذلك على حساب الاهتمام بالأطفال وأحيانا يتم إيجاد شريك حياتي آخر لهن غير انه لا يكون بالمستوى والأمنيات التي يتطلع إليها الأطفال الأمر الذي يجعل المشاكل تظهر ويبحث الأطفال عن حلول لأوضاعهم الجديدة بالهروب من منازلهم والتغيب عن مدارسهم وافتعال الخلافات .

اقتران الحركة الزائدة باضطراب في التركيز

ينبه المختصون النفسيون التشيك إلى أن بعض الأطفال الذين يقومون بالممارسات السلبية يكونون من المصابين بما يسمى بالاضطراب السلوكي ADHD أي الذي يقترن فيه الإفراط في الحركة مع إشكالات في المقدرة على التركيز مشيرين إلى أن هؤلاء الأطفال تظهر الإشكالات لديهم في وقت مبكر ومنذ ممارستهم اللعب على الرمل مع أقرانهم حيث يكونون عادة نزقين ولا يفكرون بنتائج أعمالهم وبالتالي يشكلون خطرا ليس فقط على الآخرين وإنما على أنفسهم .
ويشيرون إلى أن هؤلاء الأطفال يواجهون مشاكل اكبر في حياتهم في ظل غياب الإشراف والتربية الدقيقة لهم والتعامل الودي معهم لان بعض ممارساتهم في البداية يمكن توصيفها بأنها العاتب أولاد غير أن هذه الممارسات تصبح خطيرة على المجتمع .

ما العمل حين تظهر الإشكالات ؟

يتوجب على الأهل حين ظهور إشكالات السلوك لدى الأطفال الصغار التفكير مليا حول أسلوب الحياة المتبع في العائلة وفيما إذا كان من الضروري تغيير نمط التربية المطبق فقد أكدت مختلف الدراسات التربوية بان الأطفال حتى سن الثامن من العمر يتأثرون جدا بتصرفات وسلوك وأقوال أهاليهم ومدرسيهم ثم يصبحون لاحقا أكثر انتقادية في سلوكهم ولا يوافقون على كل شيء يسمعونه منهم. ويؤكد المختصون التشيك على أهمية إيجاد الوقت اللازم للتحدث مع الأطفال وعدم قيام الأهل بالأفعال التي لا يريدون لأطفالهم أن يقوموا بها أما عندما يصبح الطفل في سن المراهقة فيتوجب العمل على تعزيز الثقة بينه وبين الأهل ثم إيجاد الوقت اللام لمراقبة طريقة إمضاء الأطفال لأوقات فراغهم ومساعدتهم على حل المشاكل التي يواجهونها.