توصل علماء ألمان إلى اكتشاف المفاتيح البيولوجية في الأنواع الهجومية لحشرة الدعسوقة (Coleoptera ـ Ladybird) التي تسبب خرابا في أنحاء اوروبا والولايات المتحدة، وهو ما قد يمهد السبيل الى تطوير عقاقير واعدة في المستقبل.


حشرة الدعسوقة الاسيوية - وتسمى أم علي في بعض البلدان العربية - استخدمت في سبيل مكافحة حشرة المن في الدفيئات الزراعية، لكنها هربت وخرجت عن نطاق السيطرة في شتى انحاء أوروبا وأصبحت تهاجم الحشرات أصيلة الموطن. ونشر البحث في دورية (ساينس) المعنية بالشؤون العلمية. ويعتقد بعض العلماء، أن الخنفساء الحديثة، بدأت قبل 140 مليون عام، لكن البحوث الحديثة التي جرت عام 2007أظهرت تاريخ إحاثي، يرجع إلى العصر في حقبة الباليوزوي أي حوالي 265 إلى 300 مليون سنة.

ويمكن للدعسوقة الآسيوية التي أحيانا يطلق عليها اسم حشرة (المهرج) ان تلتهم مئتين من حشرة المن يوميا. كما تعتبر حلا طبيعيا فعالا لمشكلات تفرضها مجموعة من الآفات في الدفئيات الزراعية. ويقول العلماء ان جسم الدعسوقة يحتوي على سائل سام طفيلي بالنسبة للحشرات الأخرى.

انتشار في العالم

ويقول تقرير علمي لهيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) غير ان السنوات الاخيرة شهدت هروب هذه الحشرات وانتشرت بذاتها في شتى ارجاء اوروبا واميركا الشمالية على حساب الانواع الاصلية في المنطقة. ففي الخريف يمكن للدعسوقة الاسيوية ان تسبب إزعاجا أثناء تجمعاتها في مجموعات كبيرة بحثا عن مواقع للبيات الشتوي. ويمكن أحيانا ان تسبب للانسان الاصابة بحساسية شديدة. وأظهر العلماء من خلال هذا البحث ان النظام البيولوجي للدعسوقة الاسيوية يتيح لها التفوق أثناء التنافس مع الأنواع اصيلة الموطن. فالحشرة المهاجمة تتمتع بجهاز مناعي يتسم بقوة كبيرة.

ويحتوي سائل جسم الحشرة على مركب مضاد حيوي قوي يطلق عليه اسم (هارمونين) فضلا عن مواد مركب البيبتدات مضادة الميكروبات، وهذا يتيح للحشرة المهاجمة قدرة أكثر فعالية مقارنة بالحشرات أصيلة الموطن.

عناصر حيوية

تكمن القوة في العناصر الحيوية المضادة في الدعسوقة، حيث يقول الباحثون انها ربما تمهد السبيل الى أهداف واعدة تفيد في تطوير العقاقير، غير ان النواحي الابرز قوة بالنسبة للقدرة التحصينية الحيوية للدعسوقة تمثل فطريات دقيقة يطلق عليها (ميكروسبوريديا). وقال هيكو فوغيل لدى معهد ماكس بلانك للمنظومة البيئية الكيمائية quot;انها تبدو كامنة في دماءها، ولا نفهم كيف يمكنها عمل ذلك.quot; وأضاف quot;لكن عندما تبدأ دعسوقة أخرى مهاجمة بيض حشرة هجومية ويرقاتها، تصبح أكثر نشاطا وتقتل الحشرات أصلية الموطن.quot;

وتشير عدد من الدراسات في السنوات الاخيرة الى ان الحشرة التي يطلق عليها (المهرج) تهاجم الدعسوقات الاخرى في شتى أرجاء اوروبا. وفي بريطانيا توصل العلماء الى سبعة من كل ثمانية أنواع بريطانية أصيلة الموطن تعاني تراجع أعدادها.

ويحرص العلماء في بريطانيا على مناشدة المواطنين بضرورة الابلاغ عن حشرة المهرج، لذا اطلقوا تطبيقا على الهواتف الذكية يساعد المواطنين في تسجيل تفاصيل الدعسوقات. ووصفت هيلين روي من مركز النظام البيئي وعلم المائيات بالقرب من وولينغفورد في بريطانيا، البحث الالماني بانه quot;رائعquot;. وقالت quot;تعاني الدعسوقة المعروفة تاريخيا ومنتشرة في بريطانيا من تراجع شديد للغاية وسريع.quot;

غزو العالم

ويوافق العلماء الالمان على ان الدعسوقة الاسيوية تعتزم غزو معظم العالم. وعندما اصبحت حشرات المن التي تفترسها شحيحة، بدأ يعرف عن الدعسوقة الاسيوية انها تتغذي على العنب وعثر عليها دوما في حقول العنب. اذ يمكن للمواد الكيمائية القوية والدفاعية ان تؤثر على مذاق النبيذ اذا حوصرت في عملية الانتاج.

وتمتلك الدعسوقة ويرقاتها، العديد من الإستراتيجات لتجنب ان تصبح فريسة من قبل أعدائها الطبيعيين وبعض الطفيليات وهي إستراتيجيات تشمل التمويه والتقليد، السمية، الهرب،أوالدفاع.

و عملية التموية لدي الدعسوقة مرتبطة باستخدام الألوان، والتماثل مع البيئة، وهي الطريقة ،الأكثر شيوعا، المستخدمة من قبل ،بعض الحشرات ،ومنها، عائلات الخنافس، سيما التي تتغذى منها على الغطاء النباتي والخشب، مثل خنافس الأوراق والخشب ،فيصعب على العين ملاحظتها، فتبدو كقطعة خشب مهملة، أو كجزء من شجرة.

تسمية أرسطو

وتسمية الدعسوقة وهي ذوات الجناح الغمدي بـ (coleoptera) إلى تسمية أطلقها في الأصل الفيلسوف اليوناني أرسطو وهي تسمية مركبة، تعني أجنحة محمية بغطاء وهي تصف رتبة من الحشرات ،يعتقد بأنها، ذات سلف مشترك أحادي العرق وتجمعها خاصية، التطور كامل. ولهذه الخنافس أحجام متفاوتة، تتراوح بين ،0.3 مم إلى 14 مم ،وهذا لا يشمل الخنافس الاستوائية ،أو خنفساءجالوت،التي تعتبر حشرة ضخمةٍ.

ويحمل رأس الخنفساء قرن استشعار تستخدمه بشكل أساسي، في الشم سيما في أوقات التزاوج، بالإضافة إلى تحسس البيئة المحيطة، ولها زوج من الأعين وكل عين مفصلة على شكل عوينات صغيرة مركبة وفمها كلابي الشكل بينما فكها العلوي أكبر من السفلي ومناسب لقضم الطعام.

وهذه الخنافس متشابهة في المبنى التشريحي وان كان بها أعضاء وزوائد، وهي تختلف في المظهر والوظيفة، ومثل الكثير من الحشرات، جسمها، مقسم لثلاثة أقسام، القسم الامامي (prothorax) قابل للحركة، أما القسمان الأوسط والخلفي، فهي متصلة بدون قابلية للحركة، القسم الأوسط يحمل غطاء الأجنحة القشري ،والقسم الخلفي يحمل اجنحة غشائية شفافة.

أجنحة الطيران

وعند الطيران يرتفع الجنيحان القشريان، فتتحرر أجنحة الطيران الغشائية للخارج، لتتمكن الحشرة من الطيران ،وعند الهبوط تطوي اجنحة طيرانها، تحت الجنيحان القشريان وتغلق أجنحتها الغمدية عليهما وبعض أنواع الخنافس مثل الخنافس من عائلة Carabidae شذت عن هذه القاعدة ،فإما إنها بدون أجنحة، أو أن جنيحاتها القشرية التصقت ولم تعد قادرة على الطيران الخنفساء لها بطن على هيئة درع صدري له عدة حلقات من الأسفل وصولا لفتحة عضو التناسل أرجلها الستة مفصلية وترتبط بالخنفساء من الصدر من خلال تجاويف تسمح لها بحرية الحركة.

وعلى الرغم من نفور الكثيرين من حشرة الخنفساء بما تثيره، في نفوسهم، من اشمئزاز وتقزز، مثل جعل الروث، والخنفساء الأسود، أو الجعران الذي كثيرا ما يلاحظ وهو يدرج داخل المنازل، إلا أن الكثير من أنواعها، تعتبر لدى البعض جميلة، سيما بألوانها القزحية اللامعة، ونقاطها متعددة الألوان:

وختامأ، فإنه ليس غريبا ان يقوم البعض في الغرب والشرق بجمع هذه الحشرات كهواية، وليس غريبا ان يصنع مهندسي السيارات سيارة انسيابة تشبه الخنفساء وفي الحضارات القديمة اعتبرت في مصر القديمة مقدسة، بل وتفائلوا بوجودها في منازلهم، ولا عجب في ذلك إذ وجدت الكثير من المنحوتات على هيئة خنفس، وكذا كثير من النقوش والرسوم.