العالم لم تكن نهايته يوم أمس الجمعة، بعدما عاش كثبرون في حالة من القلق، وآخرون كذلك حققوا أرباحًا اقتصادية هائلة في اليوم الذي قرر فيه البعض الاستجمام والاستمتاع باليوم quot;الأخيرquot;.


في ظهيرة اليوم المفترض لنهاية العالم كانت شمس حارقة تغمر بأشعتها حشدًا من المستجمين على شاطئ البحر في مدينة تولوم المكسيكية. والتفت أحدهم الى زائر ناقلاً اليه البديهة التي لا مراء فيها من دون أي أثر لعذاب دينوني في لهجته.

وقال السائح البريطاني جيمس ميتشل، الذي كان يعتزم توديع العالم بشرب الكحول في حانة مكسيكية، quot;ها نحن ما زلنا هنا. ولكن ثمة غرابة في ان يكون المرء هنا على موعد مع ارقامquot;.

وكان الموعد الذي يعنيه ميتشل هو 12.12.21 الذي ظهر وليد قراءة خاطئة عممتها الانترنت لتقويم أعده شعب المايا ذو الحضارة القديمة. ونتيجة لهذا الخطأ ظنّ كثيرون ان نهاية العالم أذنت.

وكانت وكالة الفضاء الاميركية والفاتيكان ومعهد الآثار المكسيكي ومعهد سمثسونيان وحكومات دول، مثل الصين وروسيا وفرنسا، حيث اتسمت الهستيريا بانتشار متميز، كلها اعلنت ان هذا سوء فهم، من شأنه ان يجعل اليوم الموعود أمّ كل الأكاذيب حتى الآن.

فالموعد، الى جانب كونه أبعد مسافة في السنة بين الكرة الأرضية والشمس، كان يعني ايضًا نهاية دورة طولها 5125 سنة أو نهاية الباكتون الثالث عشر، وبداية باكتون جديد، بحسب تفسير العلماء لتقويم حضارة المايا. وفي الواقع ان علماء الآثار المكسيكيين ليسوا متأكدين مما إذا كانت الدورة انتهت فعلاً يوم الجمعة أو ستنتهي في غضون أيام أُخر.

ولكن النبوءة اكتسبت حياة خاصة بها، وأطلقت حملات سياحية واسعة في المكسيك وغواتيمالا، بوصفهما البلدين اللذين يشكلان مهد حضارة المايا، ويسعيان، بالصدفة، الى تحسين صورتهما التي لطختها اعمال العنف.

وأُقيمت احتفالات بين خرائب حضارة المايا وفي مواقع أثرية أخرى لمناسبة بزوغ فجر حقبة جديدة وانتهاء حقبة بدلا من انهيارها.
وقال كارلوس زينديجاس، وهو طبيب ساحر وصاحب مطعم معروف بلقب تشارلي، قاد احتفال عشرات من اتباع quot;العصر الجديدquot; في خرائب مويل المكسيكية يوم الجمعة، quot;انه يوم خاص بسبب التاريخ وتقويم حضارة الماياquot;. ثم امتلأ المكان برائحة البخور وتصاعدت فيه اصوات الصناجات والطبول والغناء حين بدأ الاحتفال بقيادة الطبيب الساحر.

وقال احد المحتفلين لصحيفة نيويورك تايمز quot;ان في هذا اليوم وهذا الوقت، الحادي والعشرين، يلتقي الماضي والمستقبل، ومن هنا قوته الفائقةquot;.

ولكن احفاد حضارة المايا من المواطنين الاعتياديين استقبلوا هذا اليوم بعدم اكتراث، فيما أقامت الأعداد المتناقصة من الذين ما زالوا يقيمون طقوسًا غابرة القدم، احتفالات مغلقة اقتصرت عليهم. وقال موظفون يعملون في موقع مويل الأثري ان بعض الكهنة أقاموا طقوسًا في الفجر وسط الأحراش المحيطة بالموقع قبل ان يستيقظ السياح بساعات.

وقالت منظمة اوكسلالجوج آجبوب المعنية بحضارة المايا في غواتيمالا انها تشجب تحويل المناسبة الى تجارة، ولكن احتفالا كبيرا أُقيم فجر الجمعة في موقع تيكال الأثري في غواتيمالا لتسليط الضوء على حضارة المايا.

وكان بعض الأشخاص، مثل لورديس ماسيال، التي حضرت من الارجنتين، توافدوا على تولوم المكسيكية، لا ليكونوا شهودا على نهاية العالم، بل لأنهم يعتقدون انه موقع روحاني، وآخر مدينة شيدها وسكنها شعب المايا. وتستدرج آثار المدينة التي يقع بعضها على شاطئ مفتوح للمستجمين، آلاف الزوار.

وقالت ماسيال quot;ان الإيمان بنهاية العالم سخافة، وما هو حقيقي الطاقة المنبعثة هنا وفي انحاء العالمquot;. واضافت ضاحكة quot;وهي ما زالت تنبعثquot;.

لماذا لم ينته العالم يوم الجمعة 21 كانون الأول/ديسمبر 2012؟
نشرت وكالة الفضاء الاميركية quot;ناساquot; سلسلة من أشرطة الفيديو على يوتيوب ومدونات كثيرة على موقعها الالكتروني تفند التكهنات المرتبطة بتقويم شعب المايا ونهاية العالم في هذا اليوم.

وكان من المقرر بث احد هذه الأشرطة في 22 كانون الأول/ديسبمر، بعد يوم على quot;يوم الدينونةquot;، ولكن quot;ناساquot; كانت واثقة من ان العالم لن ينتهي، حتى انها نشرت الفيديو في 11 كانون الأول/ديسمبر، قبل أكثر من اسبوع على موعد قيام الساعة.

يبدأ الشريط بعبارة quot;22 كانون الأول/ديسمبر 2012. إذا كنتم تشاهدون هذا الشريط فهو يعني شيئا واحدا. ان العالم لم ينته يوم أمسquot;. وتمضي الوكالة موضحة ان تقويم حضارة المايا لا يختلف عن التقويم الذي نستخدمه اليوم.

وقالت quot;مثلما ان التقويم المعلق على حائط مطبخكم لا يتوقف بعد 31 كانون/الأول، فان تقويم المايا لا يتوقف في 21 كانون الأول/ديسمبر 2012، بل ان هذا التاريخ يؤشر إلى نهاية قرن المايا المديد، ولكن مثلما يبدأ تقويمكم في 1 كانون الثاني/يناير، فان حقبة مديدة أخرى تبدأ في تقويم الماياquot;.

وفي اشرطة فيديو أحدث عهدًا يطمئن العالم المتخصص بالبيولوجيا الفلكية في وكالة الفضاء الاميركية ديفيد موريسون الناس عبر دحض الكثير من الشائعات عن نهاية العالم. وكتب موريسون يقول quot;ان هناك شائعة على الانترنت بأن ناسا أكدت مجيء ثلاثة ايام من الظلام الدامس الذي سيلفّ الأرض ابتداء من 22 كانون الأول/ديسمبر. حسنا، ان ناسا لا تقول ذلك، ولا أحد قال ذلك. انها فكرة مجنونة أخرى لا أكثرquot;. كما نشرت ناسا على موقعها معلومات تتعلق بيوم القيامة، تشرح فيها بالتفصيل لماذا لن ينتهي العالم.