&
يعرف الطب منذ عقود أن تشوهات القلب الجنينية، رغم تصحيحها جراحيًا في سن الطفولة، تؤدي في أحيان كثيرة إلى تخلف الطفل في الدراسة والتعلم. وقد كشف علماء أميركيون الآن علاقة جينية بين الحالتين المرضيتين.

&
يعاني 10 في المئة من الأطفال الذين يولدون مصابين بخلل ما في القلب من تخلف في التطور العقلي، ومن صعوبة في الحديث والتعلم، ومشكلات في النظامين العضلي والنفسي، ومن ضعف القدرة على الاندماج الاجتماعي. وترتفع هذه النسبة إلى 50 في المئة من الأطفال حين يكون الخلل في القلب كبيرًا، رغم تصحيحه جراحيًا في مرحلة الطفولة الأولى.
&
التحويرات نفسها

كان الأطباء يختلفون كثيرًا حول الأسباب، وفي حين يعزو بعضهم التخلف إلى مضاعفات عملية تخدير الطفل أثناء إجراء الجراحة التقويمية في القلب، يرى البعض الآخر أن الخلل يكمن في ضعف وصول الأوكسجين إلى الطفل عند الولادة.
&
لكنّ أطباء أميركيين من بوسطن يرون الآن أن التحويرات الجينية أثناء نمو الجنين التي أدت إلى حصول الخلل في قلب الجنين هي ذات التحويرات التي تتعلق بنمو الدماغ أيضًا عند الجنين.
وللتأكد من هذا الاحتمال، فحص جيسون هومسي وزملاؤه، من المدرسة الطبية في بوسطن، البروتينات في التركيبة الجينية لـ1213 ثلاثية يعاني فيها الطفل من خلل ولادي في القلب. والمقصود بالثلاثية هنا هو فحص العلاقة الجينية بين طفل واحد (يُعاني من خلل في القلب) ووالديه. وكما كان هومسي يتوقع ظهر لدى الأطفال اختلاف جيني ظاهر عن التركيبة الجينية للوالدين، لكن هذه التحويرات البسيطة كانت كافية كي يولد الطفل مصابًا بخلل في القلب.
كان هذا التحور الجيني واضحًا ويرتفع بنسبة 1,4 مرة في الأطفال من المصابين بالخلل في القلب عن غيرهم من الأطفال. وتم رصد اضطراب بروتيني في "كروموسومات" هؤلاء الأطفال يرتفع عن الطبيعي بخمسة أمثال.
&
خلل وراثي

توصل هومسي وزملاؤه إلى وجود التحويرات الجينية نفسها في كروموسومات الأطفال الذين يعانون خللًا في القلب، وصاروا يعانون بعد ذلك صعوبات دراسية ونفسية واجتماعية؛ وهذا يعني أن الخلل الوراثي نفسه الذي أدى إلى حصول الخلل في القلب أدى إلى حصول خلل بسيط آخر في الدماغ، لكنه كان كافيًا كي يصيب هؤلاء الأطفال بالتخلف الدراسي كمثل.

أكثر من ذلك، توصل العلماء إلى أن هذه الجينات المتحورة لها علاقة بوظائف الكروماتين المهمة. والكروماتين عبارة عن مواقع على الأحماض النووية (DNA) تقرر إذا كانت بعض الصفات الوراثية ستنتقل من الوالدين إلى الطفل أم لا. وهذا يثبت من جديد احتمال نقل الخلل في القلب إلى خلل في الدماغ أيضًا.

إن الخطوة القادمة، بالنسبة إلى هومسي، وبعد الكشف عن العلاقة بين خلل القلب والخلل في الدماغ، ستكون محاولة البحث عن فحص جيني يمكّن الطبيب، وبالتالي أهل الطفل، من معرفة إذا كان خلل القلب عند الطفل سيظهر بشكل اضطراب تعليمي نفسي وعقلي في المرحلة اللاحقة من عمر الطفل أم لا.