تعتمد عمليات التحفيز العميق للدماغ حتى الآن على زراعة ناظم للدماغ في الجمجمة، يتولى تحفيز الجزء المطلوب من الدماغ. لكن أطباء ألمان يكشفون عن ابتكار خوذة تتولى المهمة من دون الحاجة إلى تدخل جراحي.
إيلاف من برلين: كتب علماء ألمان من جامعة توبنغن في مجلة "الطبيب" إن الخوذة تضمن تحفيز الدماغ عميقًا من الخارج، وفي أي وقت أو مكان، بغضّ النظر عن حالة الدماغ. ويمكن استعمال هذه الخوذة في معالجة عواقب السكتات الدماغية والأمراض العصبية الأخرى، مثل الزهايمر وباركنسون والاكتئاب.
ربط بلا تأثير
شارك في تصميم وتجربة الخوذة علماء أوروبيون من جامعة توبنغن الألمانية، وزملاء لهم من جامعة ألاتو في فنلندا، وعلماء من جامعة تشيتي بيسكارا الإيطالية. وتستخدم الخوذة طريقة التحفيز المغناطيسي عبر الدماغ (Transcranial Magnetstimulation) TMS لتحفيز أية منطقة في الدماغ، مهما كان عمقها.
يجري التحفيز بدقة وبغضّ النظر عن الحالة التي يكون فيها الدماغ لحظة التحفيز. ويتمكن التحفيز المغناطيسي في هذه الحالة من الربط أيضًا بين عمل مختلف مناطق الدماغ من دون التأثير على المناطق الأخرى. على هذا الأساس يمكن استخدام الخوذة لتذليل عواقب وأعراض السكتات الدماغية ومرضى الزهايمر وباركنسون.
تثوير العلاج
كتب البروفيسور أولف تسيمان: "نريد تثوير العلاج بطريقة التحفيز الدماغي العميق". وأكد تسيمان، رئيس معهد هيرتي للأبحاث الدماغية السريرية في جامعة توبنغن الألمانية، أن الهدف هو الاستغناء تمامًا عن التدخل الجراحي في عملية تحفيز الدماغ عميقًا.
أضاف تسيمان أنه يتوقع في المستقبل استخدامًا واسعًا لهذه التقنية في علاج الأمراض الدماغية. وأشار إلى أن ابتكار الخوذة وتجربتها يأتيان في إطار مشروع "ConnectToBrain" المدعوم ماليًا من قبل المجلس الأوروبي للعلوم التابع للاتحاد الأوروبي.
تستخدم طرق التحفيز الدماغي العميق التقليدية ملف لولبي لإرسال الموجات المغناطيسية إلى المنطقة الدماغية المستهدفة. ولا تراعي هذه العملية وظائف الدماغ الأخرى، لأن هذه الوظائف تتحفز أو تقلّ في ثوان، بحسب تقدير تسيمان. هذا في حين أن خوذة التحفيز لا تؤثر في وظائف الدماغ وتقلباتها.
تتألف الخوذة من الأقطاب الاعتيادية التي تستخدم في عملية تخطيط الدماغ، إضافة إلى 50 ملف لولبي آخر تتشابك في مناطق معينة مع بعضها بعضًَا، وتضمن إمكانية تحفيز أي جزء من الدماغ. وأطلق البروفيسور تسيمان على عمل الخوذة اسم "التحفيز المغناطيسي المتعدد المناطق عبر الدماغ" (The Multi-locus Transkranial Magnetstimulation, mTMS).&
في متناول اليد خلال 6 سنوات
أشار البروفيسور تسيمان إلى أن التقنية ما كانت لتنضج بهذه الطريقة لولا تعاون فرق العلماء من الجامعات الأوروبية الثلاث. إذ تولى فريق العمل الفنلندي مهمة تطوير الملفات اللولبية المدمجة في الخوذة، بينما تولى فريق العمل الإيطالي تطوير تقنية قراءة وظائف الدماغ في ثوان، في حين تولى الفريق الألماني ابتكار الخوذة وإجراء التجارب عليها.
قال تسيمان إن التقنية جاهزة للعمل، وإنه يتصور أن تكون بين أيدي الأطباء والمستشفيات خلال سنوات قليلة. ستجري في السنة المقبلة أولى التجارب بالخوذة على متطوعين أصحاء، ثم تبدأ التجارب على مرضى الزهايمر والسكتات الدماغية طوال ثلاث سنوات. ويمكن أن تكون التقنية في متناول اليد خلال ست سنوات من الآن.
جدير بالذكر أن تقنية التحفيز الدماغي العميق معترف بها دوليًا كطريقة لتذليل آلام ومضاعفات باركنسون والسكتة الدماغية وغيرهما، وسبق لهيئة الغذاء والدواء الأميركية إن أجازتها.
كما يساعد التحفيز الكهربائي على تقليل جرعات الأدوية، وبالتالي تقليل الأعراض الجانبية، التي عادة ما تحصل بعد أخذ جرعات عالية من هذه الأدوية.
وسبق لدراسة أجراها الباحث فيليب مالكنيخت، من جامعة أوسنابروك الألمانية، أن أثبتت أن التحفيز العميق للدماغ Deep brain stimulation يساعد فعلًا المعانين من باركنسون جسديًا ونفسيًا. عرض مالكنيخت نتائج دراسته أمام المؤتمر الرابع للأكاديمية الأوروبية للأمراض العصبية. وأجرى الباحث دراسته، عن طريق تحفيز المهاد السفلي (Subthalamus)، على 50 مريضًا يعاني من باركنسون، و50 مريضًا يعانون من أمراض أخرى.
التعليقات