يحث نشطاء في بريطانيا الحكومة على منع العمليات الجراحية لـ"ترقيع غشاء البكارة" لدى النساء.
وتخشى مسلمات كثيرات من نبذ أسرهن لهن، أو حتى قتلهن في بعض الحالات، إذا اكتشف أزواجهن، أو أسرهن، أنهن مارسن الجنس قبل الزواج.
ويلجأ بعضهن إلى إجراء عمليات جراحية يعيد فيها الأطباء إنشاء طبقة من غشاء البكارة عند مدخل العضو التناسلي.
ولكن هناك مخاوف من أن حظر تلك العمليات قد يزيد المخاطر التي قد تواجهها النساء المسلمات، لأنهن قد يضطررن إلى إجرائها سرا.
وتنص إرشادات المجلس الطبي العام في بريطانيا على ضرورة الحصول على موافقة المريضة نفسها على إجراء العملية، وألا يكون هناك اشتباه في "تعرضها لأي ضغط أو إكراه من قبل شخص آخر".
"العيش في خوف"
قالت هلالة طاهري، التي أسست منظمة المرأة والمجتمع في الشرق الأوسط لبي بي سي، إن سيدة مغربية لا تزال مختبئة في لندن، بعد أن علمت أن والدها استأجر شخصا لقتلها.
فبعد مجيئها إلى بريطانيا في 2014، التقت برجل وانتقلت إلى العيش معه.
وعندما عرف والدها بعلاقتهما، أمرها بالعودة إلى المغرب، وهناك اصطحبها إلى عيادة لإجراء "كشف عذرية" عليها، واكتشف أن غشاء بكارتها ليس سليما.
وفرت المرأة من المغرب إلى لندن، وهي تعيش الآن في رعب دائم لأنها تخشى من استدلال والدها على مكانها.
وقالت المرأة، التي ولدت في المغرب، وتعمل حاليا مدرسة، لبي بي سي إنها بعد أن أجبرت على إجراء العملية الجراحية وهي في العشرينيات من عمرها، فإنها لا تتخيل أبدا أن تضغط على أولادها ليفعلوا الشيء نفسه.
"لا يمكنني أبدا، أن أعرضهم لما تعرضت له. سأحاول أن أعلمهم أن يكونوا أحرارا".
"ليلة الزفاف"
توجد في بريطانيا حاليا 22 عيادة خاصة على الأقل، تقدم جراحة ترقيع غشاء البكارة.
وتكلف العملية حوالي 3000 جنيه استرليني، ويستغرق إجراؤها نحو ساعة.
ويقول نشطاء حقوق المرأة إن مثل تلك العيادات تتربح من النساء المسلمات، اللاتي يخشين مما قد يحدث لهن إن لم يكن "أبكارا" في ليلة الزفاف.
ويشرح كثير من تلك العيادات تفاصيل العملية على مواقعها على الإنترنت، ويقول أحد المراكز لزوار موقعه إن "بعض الزيجات تنتهي" عندما يكتشف الزوج أن غشاء بكارة زوجته غير سليم.
واتصلت بي بي سي بالمركز للتعليق على الموضوع، ولكنها لم تتلق ردا.
"ممارسات مروعة"
قال وزير الصحة البريطاني، مات هانكوك، إنه سوف يحقق في الطرق الواجب اتباعها لإنهاء هذه "الممارسات المروعة"، ولكن وزارة الصحة رفضت التعليق على تنفيذ الحظر المحتمل.
ولكن هلالة طاهري قالت: "قد ينتهي الأمر بالفتيات إلى الموت، إن لم يتم الحظر بطريقة سليمة".
ويقول دكتور خالد خان، أستاذ صحة المرأة في مستشفى بارثولوميو، وكلية الطب بجامعة لندن، وهو أحد من شاهدوا إجراء العملية، إن الحظر "ليس الرد المناسب".
ويضيف أنه إذا أتيحت "معلومات جيدة" للمريضات، فيجب حينئذ ترك القرار لهن.
"أعتقد أن دافع الأطباء هو حماية المرأة من أي إساءة يتعرضن لها".
"لا فوائد طبية"
لكن دكتورة نعومي كراوتش، التي ترأس الجمعية البريطانية لأمراض النساء والمراهقين، تخشى على النساء والفتيات من أن يُكرهن على إجراء الجراحة "بلا فوائد طبية".
وأضافت أن: "واجبات الأطباء واضحة جدا من خلال المستويات التي حددها المجلس الطبي العام".
"نحن ملزمون، كعاملين في مجال الرعاية الصحية، بقسم أقسمناه، وهو ألا نتسبب في أي ضرر للمرضى، وأي مركز ذو سمعة طيبة يعمل في هذا المجال عرضة للمحاسبة والتدقيق".
وقال كولن ميلفيل، المدير الطبي ورئيس قسم التعليم والمستويات الطبية في المجلس الطبي العام، إنه لأمر حيوي أن ينظر الأطباء إلى "نقاط ضعف مرضاهم، وحاجاتهم النفسية" أولا.
ويضيف: "إذا كانت المريضة تتعرض لضغط من الآخرين لإجراء العملية، فإن موافقتها قد لا تكون طوعية. وإذا رأي الطبيب أن طفلة ما أو شابة لا ترغب في التدخل التجميلي، فلا ينبغي إجراء العملية".
وقد ازداد في السنوات الأخيرة انتشار عمليات جراحية أخرى تجرى في عضو المرأة التناسلي، خاصة بين فتيات ينحدرن من جاليات مختلفة في بريطانيا.
ويقول نشطاء إنه لا يعرف إلا القليل عن الآثار الطويلة الأمد لمثل تلك العمليات الجراحية، وإن النساء لا يتلقين دعما نفسيا كافيا قبل إقدامهن عليها.
وقالت هلالة طاهري: "هؤلاء النسوة لا يرين في أنفسهن سوى كائن مرغوب فيه، وليست إنسانا حيا".
وتضيف: "الدافع لدى المرأة المسلمة هو الشعور بالعار، وخوف العقوبة. أما الأخريات، فيرجع الدافع لديهن إلى أنهن غير راضيات عن أجسامهن، بسبب نظرة المجتمع".
التعليقات