لأن الإعلام البديل المتمثل في مواقع التواصل الاجتماعي بات شريكًا في صناعة الحرب والسلم، أنشأ سوريون صفحة على "فايسبوك" تحمل عنوان "يوميات قذيفة هاون في دمشق" مخصصة لرصد أخبار قذائف الهاون وأماكن وقوعها لتنبيه السكان إلى ضرورة اتخاذ الحيطة، وفعلًا هذا ما حدث إذ بدأ مواطنون يعتمدونها ميزان أمان لتنقلاتهم فيغيّرون خطوط سيرهم بسلوك طرقات أخرى.


دمشق: على موقع "فايسبوك" الالكتروني، ينشط عدد من السوريين على صفحة تحصي سقوط قذائف الهاون التي يطلقها مقاتلون معارضون على مختلف أحياء العاصمة، ما يسمح لسكانها باتخاذ تدابير احترازية في تنقلاتهم.

منذ دخول دمشق على خط المناطق المتوترة في صيف 2012، يعيش سكانها على وقع قذائف الهاون، التي تتساقط بشكل شبه يومي على أحياء عدة، فتقفر الطرق، ويحل الخوف لساعات ويتصاعد التوتر. ورغم أن المعارك بين القوات النظامية ومجموعات المعارضة المسلحة تقتصر على أحياء محددة عند أطراف العاصمة، فإن قذائف الهاون غالبًا ما تطال وسط إحدى أقدم مدن العالم المأهولة.

وبحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان، تتسبب قذائف الهاون بقتل عشرين شخصًا، كمعدل شهري، إلا أن الحصيلة كانت أعلى في أحيان كثيرة. ففي الأسبوع الأول من آب/أغسطس، قتل ثلاثون شخصًا، بينهم أربعة أطفال، في قذائف هاون. وقبل أشهر، أنشأ خمسة شبان صفحة على "فايسبوك" تحمل عنوان "يوميات قذيفة هاون في دمشق"، وقد نالت حتى الآن أكثر من 300 ألف إعجاب "لايك".

متابعة ميدانية
في التعريف عنها، قالت إدارة الصفحة "مهمتنا نشر أخبار الهاون ليس إلا، ونعمل على توثيق عدد القذائف التي تسقط يوميًا وشهريًا على العاصمة". ويقول أنس أسود، أحد مديري الصفحة، "كل قذيفة حكاية في حد ذاتها. شهداؤنا ليسوا مجرد أرقام". ويقول ماهر المونِّس، مدير آخر للصفحة، "نحن فريق صغير. أحيانًا ننجح في الوصول مباشرة إلى مكان القصف، أحيانًا يستغرق ذلك بعض الوقت".

وتقول رانيا (36 عامًا) إنها تتصفح الصفحة بشكل دوري، كما يفعل العديد من سكان دمشق، وإنها تعمد أحيانًا إلى تغيير خط سيرها "بفضل المعلومات الموثوق بها" التي تبثها الصفحة. ومما ورد على الصفحة يوم الجمعة "سقوط قذيفة هاون في حي القصور في ملحق بآخر طبقة في بناء مطل على مدرسة بسام حمشو، وسبب تصاعد أعمدة الدخان الكثيفة هو سقوطها على خزان مازوت، ما أدى إلى انفجاره".

وأفاد خبر آخر عن "سقوط قذيفة هاون في محيط حي المهاجرين، ولا أنباء عن إصابات". وبعد ذلك، نشرت الصفحة شريط فيديو عن "أجواء عيد الأضحى في الشام" مع صور زحمة في سوق الحميدية، فعلق أحدهم "الله يحمي الشام، بتجنن شو ما صار فيها، بيضل فيها حياة (...) الله يفرج يا رب". وتضيف رانيا، التي تقطن مشروع دمّر، ضاحية دمشق، "الفكرة ذكية ومفيدة. غالبًا ما أغيّر وجهة سيري بعد إطلاعي على الصفحة ورؤية مكان تساقط قذائف الهاون".

بنزين سعيد!
وبحسب إحصاءات الصفحة، بلغت قذائف الهاون على العاصمة رقمًا قياسيًا في يوم الانتخابات الرئاسية في الثالث من حزيران/يونيو الماضي، وهي انتخابات أبقت الرئيس بشار الأسد في سدة الرئاسة لولاية ثالثة. وسجل في ذلك اليوم سقوط 150 قذيفة هاون على مناطق مختلفة في دمشق. وكانت المعارضة السورية دعت إلى مقاطعة الانتخابات، واصفة إياها بـ"المسرحية" و"المهزلة".

وتشكل الصفحة أيضًا مساحة للبعض للشكوى من كل الوضع السوري، مثل المواطن، الذي كتب اليوم تعليقًا على الارتفاع الكبير في أسعار المحروقات خلال الأسابيع الماضية في سوريا "مازوت مبارك وبنزين سعيد... وكل عام والمواطن محروق".
&