تقدمت الاحزاب الموالية لاوروبا بشكل طفيف على تلك المؤيدة لروسيا في الانتخابات التشريعية التي جرت الاحد في مولدافيا في اقتراع حاسم لمستقبل البلاد الاكثر فقرا في اوروبا والمنقسمة بين انصار الانضمام الى اوروبا والداعين الى اتحاد جمركي مع روسيا.

لكن سيتعين على الاحزاب الثلاثة الموالية لاوروبا، بما فيها الحزب الليبرالي الديموقراطي لرئيس الوزراء يوري ليانكا، اذا حصلت على 44% من الاصوات، حسب النتائج الرسمية بعد فرز 92% من البطاقات، ان تتفق بين بعضها وربما حتى مع احزاب منافسة من اجل تشكيل ائتلاف حكومي. وحصل حزب ليانكا على 19,4%.

ويزيد من صعوبة الوضع ضرورة جمع ثلثي اصوات النواب (67) من اجل تعديل الدستور و61 صوتا لانتخاب رئيس هذا البلد، الذي تسكنه غالبية رومانية الاصل (78%) واقلية من الروس والاوكرانيين (14%).

وقال المسؤول في الحزب الليبرالي الديموقراطي فلاد فيلات خلال مؤتمر صحافي "بدأنا المشاورات لتشكيل ائتلاف مؤيد للانضمام للاتحاد الاوروبي". واضاف "علينا أن نشكل ائتلافا على الفور ونتقدم".

وفي الطرف الاخر حصدت احزاب المعارضة المؤيدة لاقامة اتحاد جمركي مع روسيا على 40% من اصوات الناخبين، ومنها الحزب الاشتراكي الذي حل في المقدمة& مع 21% من الاصوات. وحل الشيوعيون الذين توقعت الاستطلاعات فوزهم، في المرتبة الثالثة مع 17,8% من الاصوات، وربما دفعوا ثمن قلة وضوحهم لان بعض قادتهم دعوا الى الانضمام الى الاتحاد الاوروبي والتقارب مع موسكو في آن واحد.

وكان لازمة اوكرانيا، المجاورة لمولدافيا، وقع خاص على هذا الاقتراع اذ ان البلدين، رغم خصوصياتهما، متشابهان سياسيا، اذ انهما منقسمان بين الذين ينظرون الى موسكو والذين ينظرون الى بروكسل، لا سيما ان مولدافيا تشهد منذ زمن طويل مع تراندسنيستريا وضعا مشابها لاوكرانيا، ويتعين عليها معالجة محاولة انفصال جزء من اراضيها يريد الانضمام الى موسكو. ووصفت منظمة الامن والتعاون في اوروبا الانتخابات بانها "حرة وديموقراطية".

ورأت المحللة السياسية المولدافية اولغا غوتشاروفا ان الموالين لاوروبا "سيتمكنون من تشكيل ائتلاف" و"لا نستبعد ان تتمكن الاحزاب الثلاثة من التسبب في تقسيم الحزب الشيوعي (والاستفادة من اصوات النواب الشيوعيين) من اجل الحصول على غالبية مريحة تسمح بانتخاب الرئيس". واضافت "على كل حال سيتشكل في البرلمان ائتلاف موال لاوروبا غير قوي، ومعارضة قوية يجب ان يحسب لها حساب".

ودعي حوالى 3.1 ملايين شخص الى انتخاب مئة نائب ونائب في البرلمان لمدة اربع سنوات، وتجاوزت نسبة الاقبال على الاقتراع 39%، اي اكثر من ثلث الناخبين الضروري لاعتماد نتيجة الاقتراع وفق اللجنة الانتخابية المركزية. وتنظر موسكو التي دعمت سرا في 1990 الاعلان الاحادي الجانب لاستقلال تراندسنيسريا المنطقة المولدافية الصغيرة الانفصالية، باستياء الى اتفاقات الشراكة المبرمة بين الاتحاد الاوروبي ومولدافيا واوكرانيا.

اثار الاتفاق مع مولدافيا الذي وقعته شيسيناو في مطلع تموز/يوليو والبرلمان الاوروبي في منتصف تشرين الثاني/نوفمبر، غضب موسكو التي حظرت خلال الاشهر الاخيرة استيراد الثمار واللحوم ولحوم الخنزير من مولدافيا بحجة "انتهاك المعايير الغذائية الصحية". ويقود مولدافيا حاليا ائتلاف مؤيد لاوروبا، لكن اكبر احزاب المعارضة -الحزبان الشيوعي والاشتراكي- يريدان تعزيز العلاقات مع موسكو والغاء اتفاق الشراكة مع الاتحاد الاوروبي.

وقال القيادي في الحزب الاشتراكي ايغور دودون لفرانس برس قبل الاقتراع ان "هذا الاتفاق يناقض مصالح مولدافيا (...) يجب ان يقرر الشعب بنفسه اذا كان يريد الانضمام الى الاتحاد الاوروبي او الى الاتحاد الجمركي مع روسيا". ومنع حزب آخر مؤيد لروسيا يدعى "باتريا" (الوطن) المتهم بتمويل حملته الانتخابية باموال اجنبية، من المشاركة في الانتخابات قبل ثلاثة ايام من الاقتراع، ما اثار انتقادات موسكو التي تحدثت عن "حملة انتخابية قذرة الى حد كبير".

واعرب رؤساء بولندا واوكرانيا ورومانيا في الاسبوع الماضي في مولدافيا عن دعمهم الحملة الموالية لاوروبا وصرح الرئيس الروماني كلاوس يوهانيس لفرانس برس "انا متأكد ان رومانيا ومولدافيا ستتقاسمان فضاء الديمزقراطية والازدهار في الاتحاد الاوروبي". من جانبها وجهت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل رسالة دعم الى رئيس الوزراء المولدافي يوري ليانكا والائتلاف الموالي لاوروبا.
&