في سقطة غير متوقعة للإعلام العراقي، فقد أطلق اليوم على شط العرب ملتقى نهري دجلة والفرات في جنوب محافظة البصرة، الاسم الإيراني بالفارسية "أروند"، نقلاً عن تقارير إيرانية بشأن توقيع اتفاقات بين البلدين للربط البري والجوي والبحري من دون أن يشير هذا الإعلام إلى&أنّ النهر المقصود هو شط العرب.
لندن: نقلت وكالات الانباء المحلية العراقية ومعظم قنوات التلفزيون العراقية عن الإعلام الإيراني تقريرًا عن توقيع وزير النقل العراقي القيادي بالمجلس الاعلى الاسلامي باقر جبر الزبيدي في طهران، الاربعاء، مع نظيره الإيراني عباس اخوندي علي، مذکرة تفاهم لتطوير التعاون في مجالات النقل الجوي والبحري والبري عبر السکك الحديدية، اضافة إلى التعاون الفني والهندسي في هذه المجالات.
وقال الإعلام الإيراني إن البلدين "اتفقا على البدء باتخاذ الاجراءات التنفيذية لرفع الطمي من نهر "اروند" الحدودي بين البلدين نظراً لحاجة عبور السفن الکبيرة من النهر".. لكن الإعلام العراقي ردد كلمة "اروند" الفارسية لشط العرب وكأنه قد قبل بها&ومن دون تسمية الشط بإسمه العربي، حيث اعتبر مراقبون ذلك محاولة لطمس الاسم العربي للنهر الذي يربط الأراضي العراقية بالإيرانية حين يلتقي نهرا دجلة والفرات عبر الأراضي العراقية في جنوب البصرة ليكونا الشط الذي يبلغ طوله حوالي 190 كيلومتراً.
واتفقت طهران وبغداد في مذکرة التفاهم علي مد خطوط السکك الحديدية بطول 37 کم بين شلامجة - البصره لربط خطوط السکة الحديدية بين البلدين وذلك لرفع حجم التبادل التجاري والاقتصادي بين إيران والعراق وتمهيد الارضية لعبور المزيد من المسافرين والبضائع بين البلدين. کما نص الاتفاق على بناء جسر متحرك بطول 700 متر على نهر "اروند" أي شط العرب لربط خطوط السکك الحديدية الإيرانية بخطوط السکك الحديدية العراقية وتسيير القطارات بين البلدين.
ويطلق الإيرانيون على شط العرب التسمية الفارسية "نهر أروند"، وهو نهر ناتج من التقاء نهري دجلة والفرات في مدينة القرنة على بعد 375 كم جنوب بغداد. ويصب نهر شط العرب في الخليج العربي عند طرف مدينة الفاو، والتي تعتبر اقصى نقطة في جنوب العراق.. فيما يصل عرض شط العرب في بعض مناطقه إلى 2 كيلومتر، أما بالنسبة لضفافه فكلها مزروعة بالنخيل.
وظلت منطقة شط العرب أرضاً عراقية عربية خالصة منذ الفتح الإسلامي للعراق، وحتى القرن الثامن عشر، ففي القرنين الثامن عشر والتاسع عشر أدركت بريطانيا أهمية هذه المنطقة من أجل تأمين طرق مواصلاتها البحرية والمائية فبدأت بالتدخل في شؤونها.
ومع اكتشاف النفط أوائل القرن العشرين زادت الأهمية الإستراتيجية لشط العرب وخضعت هذه المنطقة منذ ذلك الوقت لحيل سياسية وقانونية بريطانية كثيرة ورغم خروج القوات البريطانية، فإن هذه المنطقة ظلت غير مستقرة حتى الآن.
وقد فسخت إيران من جانب واحد معاهدة عام 1937 الخاصة باقتسام مياه شط العرب، فبعد انسحاب العراق من حلف بغداد في أعقاب ثورة عام 1958 ضد النظام الملكي واعلان النظام الجمهوري بدلاً عنه، مارس نظام الشاه في إيران نشاطاً تخريبياً واسعاً ضد الجمهورية العراقية مدعوماً من قبل الولايات المتحدة وبريطانيا. وفي هذا السياق في 19 نيسان ( أبريل) عام 1969 أعلن وكيل وزارة الخارجية الإيرانية أمام مجلس الشيوخ الإيراني فسخ معاهدة الحدود الإيرانية العراقية لعام 1937، ورسمت إيران بتصرف أحادي حدوداً على شط العرب.
وتنص هذه المعاهدة على أن الحدود بين إيران والعراق في المنطقة تمتد أساسًا على الضفة الإيرانية لشط العرب، وأن العراق يسيطر على كامل مجرى النهر الملاحي ماعدا بعض الأماكن المعينة. وأعلن العراق أن فسخ المعاهدة من قبل إيران خرق صارخ للقانون الدولي.. وبعد أسبوع دخلت سفينة تحمل العلم الإيراني المياه العراقية دون أن تدفع الرسوم المقررة وبعد ذلك نشر كلا البلدين قواتهما على امتداد شط العرب.
وفي عام 1975 ولأهداف تتعلق برغبة عراقية في إخماد صراع الاكراد المسلح، الذي كان يقوده الملا مصطفى البارزاني المدعوم آنذاك من قبل الشاه محمد رضا بهلوي، قام العراق بتوقيع اتفاقية الجزائر مع إيران، والتي تم بموجبها الاتفاق على ترسيم حدود شط العرب وفقًا لما تريده إيران (وفق بروتوكول القسطنطينية 1913).
ووافق الرئيس العراقي السابق صدام حسين على الترسيم بناء على نقطة خط القعر كحدود بين الدولتين، ونقطة خط القعر هي النقطة التي يكون النهر فيها في أقصى حالات انحداره أثناء المد والجزر.
لكن مع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية عام 1980 أصبحت هذه الاتفاقية ملغاة، وأصبحت منطقة شط العرب واحدة من ميادين القتال. ومنذ انتهاء الحرب عام 1988 وحتى الآن والوضع القانوني لشط العرب على ما هو عليه يحكمه بروتوكول القسطنطينية 1913 ومحاضر جلسات الحدود 1914 وميثاق سعد آباد لعام 1937.
التعليقات