إيبولا على أهبة التحول إلى وباء، بعد انتشاره في غينيا وليبيريا ودول أفريقية أخرى. والعالم خائف من انتقاله خارج أفريقيا، ما يستدعي اتخاذ إجراءات إحترازية مشددة.

يشكل فايروس إيبولا، الذي ينتشر في أفريقيا، خطرًا جديدًا يحاول العالم احتواءه قبل وصوله إلى مرحلة الوباء. فهو من أشد أنواع الفايروسات فتكًا، تصل نسبة الوفيات بين المصابين به إلى 90 بالمئة. ووفق آخر تقديرات وكالات الإغاثة في أفريقيا، بلغ عدد حالات الوفاة الناجمة عن الإصابة بفيروس إيبولا في الساحل الغربي لأفريقيا 84 حالة، بين 131 حالة وفاة أعلنت عنها منظمة الصحة العالمية أخيرًا في مناطق مختلفة من العالم.
وذكرت إذاعة فرنسا الدولية الجمعة أن السلطات الصحية في مالي أوردت ثلاث حالات يشتبه في إصابتها بفيروس إيبولا.
كينيا المصابة
وفي آخر التقارير من أفريقيا، انتقدت منظمة الصحة العالمية ضعف الجهود المبذولة لمحاصرة حمى إيبولا في غينيا، بعد يوم من تحذير منظمة quot;أطباء بلا حدودquot; من انتشار غير مسبوق للفيروس في هذه الدولة الأفريقية، الذي تسبب حتى الآن بوفاة 78 شخصًا من أصل 122 مريضا اشتبه بإصابتهم بالداء منذ كانون الثاني (يناير) الماضي.
ووجهت المنظمة الأممية نقدها للحكومات والمنظمات المعنية بقطاع الصحة، وذكر المتحدث باسمها غريغوري هارتل أن الفيروس سبق له أن انتشر بشكل أكبر في جمهورية الكونغو الديمقراطية وأوغندا في سنوات سابقة، quot;ويتسبب بقلق كاف، ويجب أن نكون حذرينquot;. أما برونو يوغوم، مدير منظمة أطباء بلا حدود، فأكد أن انتشار إيبولا في مناطق مثل العاصمة الكينية كوناكري، التي يعيش بها نحو مليوني شخص، أمر لافت للاهتمام، quot;وبالنظر إلى عدد الوفيات الكبيرة، يجب التعامل مع الأمر على أنه في غاية الخطورةquot;.
لا تأشيرات عمرة
وبسبب هذه التحذيرات الجادة، سارعت دول في غرب أفريقيا، مثل سيراليون وليبيريا المجاورتين لغينيا، إلى السيطرة على حالات يشتبه في إصابتها بالفيروس، وفرضت قيودًا مشددة خاصة بالصحة والسفر.
وطلبت وزارة الصحة السعودية الثلاثاء وقف منح تأشيرات العمرة لمواطني غينيا وليبيريا لتفادي انتشار الفيروس بين المعتمرين، واصفة هذا الإجراء بأنه احتياطي، نظرًا لخطورة المرض وسهولة انتقاله بين الحشود البشرية.
ودعت المجموعة الاقتصادية لدول غرب أفريقيا، وتضم 15 بلدًا، الأسرة الدولية إلى تقديم المساعدة، موضحة أنها تشعر بقلق كبير من هذا الوباء الذي يشكل تهديدًا إقليميًا خطيرًا، خصوصًا أن لا علاج يقضي على فيروس إيبولا بشكل نهائي، ووحدها الإجراءات الوقائية تحد من انتشاره، كإقامة مراكز للحجر الصحي، وعزل المرضى، وتطهير منازل المصابين بشكل مستمر.
كما بدأت في مطار رفيق الحريري الدولي في العاصمة اللبنانية بيروت اجراءات احترازية لمواجهة الفيروس، وتمّ تزويد مركز الحجر الصحي في المطار بأسماء المسافرين القادمين من دول غينيا، سيراليون وليبيريا، لاتخاذ الاجراءات اللازمة، خصوصًا أن عدد اللبنانيين المغتربين في هذه الدول كبير جدًا.
احتراز فرنسي
وفي إجراء احترازي، خوفًا من تصدير الفيروس إلى أوروبا، فالعالم، احتجزت السلطات الفرنسية إحدى الطائرات التابعة لشركة quot;أير فرانسquot;، بعد وصولها إلى أحد مطارات العاصمة باريس، على متنها عشرات الركاب غالبيتهم من الأفارقة، للاشتباه في وجود حالة إصابة بفيروس إيبولا بين ركابها. ومنعت السلطات الصحية في مطار شارل ديغول من كانوا على متن الطائرة القادمة من العاصمة الغينية كوناكري، مرورًا بالعاصمة الموريتانية نواكشوط، والبالغ عددهم 198 شخصًا، من مغادرة الطائرة قبل خضوعهم جميعًا للفحص الطبي.
وأكد أولي جيندرو، المتحدث باسم الشركة، أن 187 راكبًا و11 من أفراد طاقم الرحلة خضعوا لفحص طبي على متن الطائرة، بعدما لاحظ أفراد الطاقم أن أحد الركاب تبدو عليه أعراض المرض، وتم إخضاعه للفحص الطبي، بما في ذلك قياس درجة حرارته، وقد جاءت النتائج سلبية.
أضاف جيندرو: quot;تم السماح لجميع الركاب بمغادرة الطائرة، ومواصلة رحلاتهم إلى وجهاتهم المقصودةquot;.
أعراض إيبولا
أطلق على الفيروس اسم إيبولا، تيمنًا باسم نهر يقع شمال جمهورية الكونغو الديمقراطية، حيث رصد للمرة الأولى في العام 1976.
في البداية، لا يظهر على المريض أعراض إيبولا، بل أعراض حمى عادية، ويتم التعرف إلى الفيروس عن طريق فحص مخبري للدم أو البول أو اللعاب، بمجهر إلكتروني حديث، قادر على تصوير الجزيئات.
وبعد حوالى 10 ساعات من العدوى، تبدأ الأعراض بالظهور على شكل رشح وصداع، ثم تبدأ الحمى مع دوار وغثيان وإسهال ونزيف الجلد الخارجي ونزيف الجدران الداخلية للجسم وخروج دم من العينين والأنفين والأذنين والقضيب. تنتشر العدوى في أنحاء الجسم وتدمّر الشعيرات الدمويّة وأول تفجير لعضو داخلي يكون في الكبد.
وينتقل فيروس إيبولا عبر ملامسة دم المريض وسوائل جسمه، كما يمكن أن ينتقل عبر التعامل مع حيوانات برية تحمله، وخصوصا القردة والشمبانزي والغوريلا والنسانيس والظباء.
كما ينتقل بواسطة السائل المنوي خلال سبعة أسابيع بعد مرحلة الشفاء السريري.
تجنب الاتصال
وكثيرًا ما يُصاب العاملون في مجال الرعاية الصحية بالعدوى لدى تقديم العلاج للمرضى المصابين بها من خلال ملامستهم مباشرة من دون توخي الاحتياطات الصحيحة لمكافحة المرض.
لا يوجد علاج أو لقاح من الفيروس حتى الآن، لا للإنسان ولا للحيوان، وتستدعي الحالات المرضية الشديدة توفير رعاية داعمة مكثفة للمرضى الذين يصابون في كثير من الأحيان بالجفاف، من خلال تزويدهم بالسوائل بالحقن الوريدي أو من الفم.
للحد من خطر انتشار عدوى إيبولا، ينبغي تجنب الاتصال الجسدي الحميم بالمرضى، وارتداء القفازات ومعدات الحماية المناسبة عند رعاية المصابين بالعدوى. كما يلزم المداومة على غسل اليدين بعد زيارة المرضى.