بات بإمكان مرضى quot;التحسس الكيميائي المتعددquot; في زيورخ السويسرية التمتع بحياة تناسب وضعهم الصحي، بعد تشييد عمارة سكنية مخصصة لهم تعد الأولى أوروبيًا ترفع فيها محاذير عدة: ممنوع التدخين ووضع العطور واستعمال الهواتف الخلوية.
عمارة كاملة في مدينة زيورخ السويسرية مخصّصة لمصابين بمرض التحسّس الكيميائي المتعدّد، وفي تلك العمارة تطول قائمة الممنوعات لتشمل الهواتف الخلوية والعطور والتدخين وغيرها.
ممنوع التدخين، ممنوع وضع العطور، ممنوع استخدام الهاتف الخلوي، وتطول قائمة الممنوعات في العمارة السكنية، التي ارتفعت حديثًا في مدينة زيورخ السويسرية، حتى إن المرء يتساءل عما إذا كان هناك أحد مستعدًا للعيش فيها بهذه الشروط والممنوعات.
مراعاة صحية
لكن العمارة، المؤلفة من 14 شقة مأهولة بالكامل، ولدى ساكنيها سبب وجيه لقبول هذه الممنوعات في عمارتهم، بل والترحيب بها. فهي مصممة خصيصًا لمن يعانون مما يُسمى quot;التحسس الكيميائي المتعددquot;. والأشخاص المصابون بهذه الحالة يقعون مرضى ما أن يتعرّضون لنسمة خفيفة من العطر أو يستنشقون نفحة عابرة من مستحضرات التنظيف.
ويؤكد سكان عمارة لامباخ في المدينة السويسرية أنهم يشعرون بالوهن والغثيان حين يكونون قرب هاتف خلوي أو غيره من الأجهزة اللاسلكية المحمولة التي تنبعث منها موجات إشعاعية أو كهرومغناطيسية.
تمكنت مؤسسة الحياة والعيش الصحي في سويسرا من إقناع بلدية زوريخ بتوفير قطعة أرض وبناء عمارة خاصة للمصابين بالتحسّس الكيميائي المتعدد، وبلغت كلفة تشييدها 6.8 ملايين دولار.
وقال رئيس المؤسسة كريستيان شيفرلي إنه أُصيب بالتحسس الكيميائي المتعدد منذ تعرّضه إلى أبخرة ضارة في معمل الأثاث الذي تملكه عائلته حين كان طفلًا. وأمضى شيفرلي الشطر الأعظم من حياته حين بلغ سن الرشد داخل عربة مقطورة في جبال الألب حيث الهواء النقي. ونقلت صحيفة الديلي تلغراف عن شيفرلي قوله quot;كنتُ طيلة حياتي أشعر وكأني نصف حيquot;.
لم يدرك شيفرلي أنه ليس وحده المصاب بهذه الحالة إلا في سن الخامسة والثلاثين، حين وقع على كتاب أميركي يشرح مرض quot;التحسس الكيميائي المتعددquot;. وقال إنه حين يتعرّض إلى مواد أو موجات كهرومغناطيسية يتحسس منها، ويشعر بالضعف والتوتر وبضيق في التنفس وبألم في الرئة ودوار.
كسر جزئي للعزلة
وقال مسؤولون سويسريون إن العمارة السكنية هي الأولى من نوعها في أوروبا. وهم يقدرون أن زهاء 5000 شخص مصابون بالتحسس الكيميائي المتعدد في سويسرا، وكثير منهم يعيش في عزلة ولا يستطيع أداء أي وظيفة في أماكن العمل الحديثة.
وأوضحت ليديا ترويب المتحدث باسم دائرة السكن التابعة لبلدية زوريخ أن دائرتها سعت إلى مساعدة هؤلاء الأشخاص بتوفير بيوت مناسبة يشعرون فيها بتحسن.
ويُطلب من الزائر الذي يدخل العمارة أن يغلق هاتفه الخلوي، رغم أن الهاتف لن يعمل داخل المبنى في كل الأحوال، لأن في كل شقة حاجزًا مدمجًا يصد الموجات الكهرومغناطيسية ويمنع استقبالها. ولا توجد تقنية quot;واي فايquot; للاتصالات اللاسلكية، ولكن هناك خطوطًا أرضية وشبكة ارتباط بالانترنت. وتُعرض في بهو العمارة قلة من منتجات التنظيف والصحة المسموح بها.
للعمارة جدران من الجص عديمة الرائحة، ومُنع عمال البناء من التدخين أو استخدام ملطفات ما بعد الحلاقة أو أي عطور أخرى. لكن رئيس مؤسسة الحياة والعيش الصحي شيفرلي، رغم كل هذه الممنوعات، لا يقضي إلا بضعة أيام من الأسبوع في شقته، قائلًا إنه ما زال يشم الآثار التي تركها عمّال البناء.
.
التعليقات