يبدو أن تنظيم الدولة الاسلامية قد حقق ما لم يستطع السياسيون العراقيون تنفيذه بإعادة اللحمة بين بغداد وأربيل التي فصمت عراها الخلافات بين الطرفين حيث اصدر المالكي تعليمات الى قيادة القوة الجوية بتقديم الاسناد الجوي لقوات البيشمركة الكردية في عملياتها العسكرية ضد مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية.


أسامة مهدي من لندن: أمر القائد العام للقوات المسلحة نوري المالكي قيادتي القوة الجوية وطيران الجيش بتقديم الاسناد الجوي لقوات البيشمركة ضد تنظيم "داعش".

وقال المتحدث باسم مكتب القائد العام للقوات المسلحة الفريق الاول قاسم عطا ان المالكي امر قيادتي القوة الجوية وطيران الجيش بتقديم الاسناد الجوي لقوات البيشمركة& في حربها ضد تنظيم "داعش".

كما علمت "إيلاف" ان اتصالات تجري حاليا بين السلطات العراقية والكردستانية لتشكيل غرفة عمليات مشتركة يتم خلالها تبادل المعلومات الاستخبارية وتحركات قوات الطرفين في مواجهة تنظيم داعش.

وفي مواجهة سيطرة داعش على مناطق في محافظة نينوى وفرض هيمنته على قضاء سنجار وناحية زمار ومناطق عدة اخرى وانسحاب قوات البيشمركة منها فقد اكد رئيس إقليم كردستان مسعود بارزاني& اليوم الإثنين اتخاذ اجراءات ضد المقصرين في الدفاع عن أهالي قضاء سنجار وقال في اجتماعه مع المرجع الديني الإيزيدي بابا شيخ، ان "قوات البيشمركة تحارب منذ شهرين الإرهابيين بإمكانيات متواضعة جدا" مهددا باتخاذ الإجراءات اللازمة بحق المقصرين في الدفاع عن سنجار وحماية سكانها.

واضاف بارزاني أنه "يتم حاليا العمل مع الأطراف العراقية والدولية لإيجاد معالجة سريعة لأوضاع الإيزيديين النازحين في إقليم كردستان والمحاصرين في جبل سنجار".

وشدد بالقول "اننا مصرون على حماية الإيزيديين وإستعادة جميع مناطقهم ولن يستطيع أحد ابادتهم"."

واضاف أن "الحكومة العراقية والقوى الدولية لم تقدم أية مساعدة للشعب الكردستاني في حربه ضد الإرهاب فضلا عن وجود اعتراضات بأن يوفر الشعب الكردي الأسلحة بنفسه".

طلب اسلحة اميركية

ومن جهته قال مسؤول دائرة العلاقات الخارجية في حكومة الاقليم فلاح مصطفى إنه قال لمسؤولين اميركيين ان تتحول مستوى العلاقات بين الطرفين من مرحلة الشكر والاشادة الى مرحلة تأمين المساندة المباشرة.

وادت احداث مناطق سنجار وزمار التي سيطر خلالها مسلحو "داعش" وانسحاب قوات البيشمركة الى تصعيد المسؤولين الاكراد لزيادة الضغوط على المسؤولين الاميركيين لتأمين الاسلحة والاعتدة لقواتهم.

واوضح مصطفى انه اتصل بالسفير الاميركي لدى بغداد والقنصل الاميركي العام في اربيل وطالب الجانب الاميركي بالانتقال من مرحلة شكر الجانب الكردي والاشادة به الى مرحلة الدعم المباشر عبر تجهيزه بالاسلحة والاعتدة.

واضاف انه ابلغ الجانب الاميركي ان حكومة الاقليم لا تستطيع خوض الحرب ضد الارهاب لوحدها& وانه يجب العمل على حماية الايزيديين والمسيحيين مبينا ان الكرد لا يريدون خوض الحرب لوحدهم بل هناك حاجة ملحة للمساعدات الدولية وعلى الولايات المتحدة الاميركية النهوض بمسؤولياتها. وبشأن رد الفعل الاميركي تجاه هذه المطالب اكد مصطفى ان واشنطن لم ترفض مطالب حكومته مضيفا انهم ابلغوه بالعمل على متابعتها بشكل جدي.

دعوة لتعاون أمني بين بغداد وأربيل

ويرى مراقبون عراقيون للتطورات على الساحة السياسية العراقية انه امام اندفاع تنظيم الدولة الاسلامية "داعش" وطموحه الجامح في انشاء دولته على الاراضي العراقية والسورية وما يمكنه من السيطرة على اراضي بلدان اخرى فإنه لن يمكن وقف تقدمه في قضم المزيد من الاراضي العراقية في شمال البلاد العربي والكردي الا بالتعاون والتنسيق بين طرفي السلطات في بغداد وأربيل.

وفي هذا المجال فقد ابدى رئيس مجلس النواب سليم الجبوري قلقه البالغ ازاء ما يجري في مناطق أعالي نينوى وعمليات النزوح الجماعي لأبناء الطائفة الايزيدية وسكان زمار وسنجار والمناطق المجاورة لهما.

وقال إن المرحلة حرجة وحساسة وخطيرة "تستدعي منا التكاتف والتعاون لحماية البلد من الانهيار" مشددا على "ضرورة توحيد الجهود وتغليب المصلحة الوطنية العليا للحفاظ على كيان الدولة ووجود المكونات الأصيلة عبر تضافر العمل الأمني في المركز والإقليم وجميع القوى التي تقف ضد إرهاب الجماعات والعصابات المسلحة حرصا على وحدة العراق وسلامة أرضه وشعبه" كما نقل عنه بيان صحافي لمكتبه الاعلامي تسلمته "إيلاف".

ومن جهته حذر الممثل الخاص للامم المتحدة في العراق نيكولاي ميلادينوف من ان هناك مأساة إنسانية تتكشف في سنجار ويجب على الحكومتين الاتحادية وإقليم كردستان استعادة التعاون الأمني على وجه السرعة بغية التعامل مع الأزمة.

ودعا جميع السلطات والمجتمع المدني والشركاء الدوليين الى العمل مع الأمم المتحدة لضمان إيصال المساعدة الإنسانية المُنقذة للحياة.

وطالب حكومة إقليم كردستان بضمان تيسير دخول هؤلاء المدنيين الفاريّن من العنف إلى الاقليم من أجل الحصول على الحماية والمساعدة الإنسانية.

واشار الى ان القانون الدولي يفرض التزامات على جميع الأطراف في الصراع الحالي تقضي بضمان حماية المدنيين وإمكانية حصولهم على المساعدة الإنسانية.

وكان مسلحو تنظيم داعش قد تمكنوا أمس من السيطرة على مناطق غرب الموصل بعد قتال عنيف مع قوات البيشمركة وسط حركة نزوح كبيرة لأبناء المكون الايزيدي الذي يشكل الغالبية العظمى من سكان تلك المناطق.
&
البيشمركة تنتظر أوامر بارزاني بالهجوم

وقد أعلنت وزارة البيشمركة في حكومة اقليم كردستان ان قواتها تمتلك ما يكفي من العدة والأسلحة الثقيلة لأي مواجهة وقالت انها تنتظر اوامر رئيس الاقليم لشن هجوم ضد تنظيم داعش لاستعادة المناطق الشمالية التي سيطر عليها خلال اليومين الماضيين.

وقال مسؤول اعلام وزارة البيشمركة العميد هلكورد حكمت ان قوات البيشمركة لديها حاليا ما يكفي من العدة والاسلحة الثقيلة لأي مواجهة وليست بحاجة الى الحصول على أسلحة من خارج الاقليم.

واضاف في تصريحات نقلتها وسائل اعلام كردية ان قوات البيشمركة المتواجدة في المناطق الكردستانية خارج ادارة الاقليم هي في حالة الدفاع ويتوجب الحصول على أمر من قبل الرئيس بارزاني لتبدأ بالهجوم لكن القادة العسكريين يستطيعون تحريك قوات البيشمركة من المناطق التي لا تشهد معارك.

واشار حكمت الى ان الاقليم طلب من واشنطن تزويده بالاسلحة لكن لم تصله أي أسلحة حتى الآن مشيرا الى ان القتال متواصل بين قوات البيشمركة ومسلحي داعش في حدود قضاء سنجار.

مخاوف تصفيات للايزيديين

وتدق هيئات دولية ومحلية عراقية ناقوس خطر امكانية قيام مسلحي الدولة الاسلامية بعمليات تصفية لاتباع الديانية الايزيدية في العراق البالغ عددهم 200 الف نسمة عقب سيطرة التنظيم على مدينة سنجار الشمالية موطنهم الاصلي.

والايزيديون هم مجموعة دينية في الشرق الأوسط. ويعيش أغلبهم قرب الموصل ومنطقة جبال سنجار في العراق. وتعيش مجموعات أصغر في تركيا وسوريا، إيران، جورجيا وأرمينيا.

عرقيا ينتمون إلى اصول كردية وينحدرون من اقوام هندو أوروبية رغم أنهم متأثرون بمحيطهم الفسيفسائي المتكون من ثقافات عربية اشورية وسريانية فأزياؤهم الرجالية قريبة من الزي العربي اما ازياؤهم النسائية فسريانية.

ويتكلم الايزديون اللغة الكردية وهي لغة الأم ولكنهم يتحدثون العربية أيضا خصوصا ايزيدية بعشيقة قرب الموصل وصلواتهم وادعيتهم والطقوس والكتب الدينية كلها باللغة الكردية أو مرگه الشيخان حيث موطن امرائهم والتي سميت في كتب التاريخ بـ(مرج الموصل)& وقبلتهم هي لالش حيث الضريح المقدس لـ(الشيخ أدي) بشمال العراق ويعتبر الأمير تحسين بك من كبار الشخصيات الديانة الايزيدية في العراق والعالم.

ويقدر تعدادهم في العالم بحوالى 500,000 نسمة يتواجد أغلبهم في العراق بحوالى 200 الف نسمة و 30 ألفا في سوريا ولم يبق منهم أكثر من 500 نسمة في تركيا بعدما كان عددهم أكثر من 25 ألف نسمة في بدايات الثمانينات حيث هاجر غالبيتهم لأوروبا.

كما توجد أقليات منهم في أرمينيا وجورجيا تعود أصولها لتركيا، وتوجد ايضا أقلية صغيرة من الايزيدية في إيران دون توفر معلومات عن تعدادهم.