في حفل استقبال رسمي للأمير سلمان في قصر الاليزيه، أكد وجود الدعم الدولي للحملة التي تقودها السعودية على الارهاب، بينما أكد فرانسوا هولاند على الشراكة السياسية والعسكرية والاقتصادية مع المملكة.
متابعة إيلاف: أكد ولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبدالعزيز، في كلمة ألقاها في قصر الإليزيه، حين استقبله رئيس الجمهورية الفرنسية فرانسوا هولاند، أكد تقدير السعودية لمواقف الحكومة الفرنسية، الرامية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة العربية، "التي تعيش في دوامة من الأزمات المتتالية نالت تداعياتها الاستقرار الإقليمي والسلام العالمي"، ناقلًا تحيات الملك عبدالله بن عبدالعزيز للرئيس الفرنسي والحكومة والشعب الفرنسي الصديق.
لمكافحة الارهاب
قال الأمير سلمان أن زيارته إلى فرنسا تأتي في إطار توجيهات خادم الحرمين الشريفين لتعزيز الشراكة الاستراتيجية القائمة بين البلدين، لافتًا إلى أن السعودية تدرك مكانة فرنسا العالمية، احتلتها بحكم إرثها الثقافي، ودورها السياسي، وثقلها الاقتصادي.
وشدد في كلمته على دأب السعودية، من خلال تواصلها مع الأصدقاء، على تجسيد ما تتمسك به من قيم ومبادئ إسلامية ومن ذلك قيم التسامح والإخاء والعدالة والدعوة إلى الحوار، ونبذ التطرف والعنف ومحاربة الإرهاب، "وحكومة المملكة تدرك خطورة ظاهرة الإرهاب على المجتمع الدولي منذ وقت مبكر، حيث دعت إلى مؤتمر دولي لمكافحة الإرهاب عقد في مدينة الرياض في العام 2005، كما كان قد دعا خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز إلى تأسيس مركز دولي لمكافحة الإرهاب، ليكون جزءًا من الجهود الدولية الرامية إلى تعزيز مكافحة الإرهاب، والتبرع له بمئة مليون دولار من أجل تفعيل دوره".
وعبر الأمير سلمان عن رغبة المملكة وأملها في أن تسارع الدول المحبة للسلام إلى الإسهام بفعالية في دعم هذا المركز، "ليكون محورًا فاعلًا وركيزة أساسية للتعاون الدولي لمكافحة هذه الآفة التي تهدد الأمن والاستقرار في العالم".
فلسطين القضية
وتطرق الأمير سلمان خلال كلمته في الإليزيه إلى اهتمام المملكة البالغ بالقضية الفلسطينية، باعتبارها القضية الرئيسية في منطقة الشرق الأوسط، مشيرًا إلى أن مبادرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز التي أصبحت المبادرة العربية للسلام جاءت لتؤكد هذا الاهتمام، "وتضمنت الأسس وركائز الحل العادل للقضية الفلسطينية، ما يجنب الشعب الفلسطيني ويلات الحروب والمعاناة القاسية، ويحقق له تطلعاته المشروعة وإقامة دولته المستقلة، تحقيقًا للسلام العادل والدائم في المنطقة".
وأكد في هذا الخصوص أن ما تعرض له الشعب الفلسطيني الأعزل من عدوان وحشي مدمر على غزة أمر لا تقره المواثيق والمبادئ الدولية، وتستهجنه كافة الشرائع، داعيًا المجتمع الدولي إلى أن ينهض بمسؤولياته لتأمين حماية الشعب الفلسطيني من الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة.
لانتخاب رئيس لبناني
في الشأن اللبناني، أمل الأمير سلمان بأن يتم الاتفاق على رئيس يجمع كل الفرقاء، ويمكن لبنان من تجاوز أزمته الحالية. وحول الأزمة العراقية، أشار ولي العهد إلى ترحيب المملكة بالتوافق في العراق واختيار قياداته، "متمنين لهم النجاح في تشكيل حكومة وحدة وطنية تحرص على وحدة العراق وأمنه واستقراره وسلامة أراضيه".
وفي ما يتعلق بالشأن اليمني، أعرب عن قلق المملكة للتدهور البالغ في الوضع الأمني هناك، وما يتم القيام به من أعمال تهدف إلى تقويض العملية السياسية التي تستند إلى المبادرة الخليجية، متمنيًا أن يسود الأمن والاستقرار في اليمن والتزام الشرعية وما صدر عن مجلس الأمن في هذا الشأن، ومؤكدًا دعم المملكة لكل المبادرات والمواقف السياسية بمساعدات إنسانية وتنموية، وبرغبة جادة في تحقيق السلم والأمن والاستقرار السياسي في دول المنطقة.
دور في تعافي الاقتصاد
وتطرق الأمير سلمان إلى الشأن الاقتصادي الدولي، فأشار إلى إدراك المملكة دورها في مجموعة العشرين، "وعملها ما في وسعها لتعافي الاقتصاد العالمي بعد الأزمة التي مر بها، فزادت من إنفاقها على البنية الأساسية، ومن دعمها لصناديق التنمية الإقليمية والدولية، وأخذت بنهج معتدل لتأمين الاستقرار للسوق البترولية مراعاة لمصلحة المنتج والمستهلك".
أضاف: "قامت المملكة بمسؤولياتها وقت الأزمات في توفير الإمدادات البترولية مدركة لدورها ومسؤولياتها تجاه الاقتصاد العالمي".
تعاوننا وطيد
وألقى الرئيس الفرنسي كلمة أكد فيها أن السعودية تمثل شريكًا متميزًا لفرنسا، "وأولويتنا تتمثل في إرساء السلام والأمن في الشرق الأوسط، التي أصبحت ضرورية الآن أكثر من أي وقت مضى، إذ انتقلت الأزمة السورية إلى العراق، وثمة حركة إرهابية تدعي إقامة دولة، وقررت فرنسا أن تساعد العراق على الصعيدين الإنساني والأمني غير أن هذا الدعم لا يسعه أن يكون فعالًا ما لم تتألف حكومة تمثل جميع الطوائف على وجه السرعة تلافيًا لتجزئة البلاد".
أضاف: "أما في سوريا، فقد كانت فرنسا والمملكة العربية السعودية واضحتين بشأن خطورة الأزمة، ودعا بلدانا المجتمع الدولي إلى التدخل، لكن دعواتهما لم تلب دائمًا، وهما يدعمان من يحارب الوحشية المزدوجة لبشار الأسد والإرهابيين في الوقت الراهن".
وتابع: "تعاوننا السياسي وطيد إلى حد بعيد، إذ تم تعزيزه بتعاون عسكري قيم للغاية، فقد أقام جيشانا أنشطة عملياتية منذ زمن بعيد، في مجالات حاسمة لأمن المملكة، وأود أن أتقدم بالشكر إلى المملكة العربية السعودية للثقة التي توليها للخبرة والتكنولوجيات الفرنسية في ما يتعلق بدفاعها الخاص، ودفاع بلدان المنطقة أيضًا، وتتجلى هذه الثقة والتعاون في لبنان، حيث نستعد لنزوده معًا بتجهيزات يحتاجها من أجل تحقيق أمن إقليمه وسلامة جميع طوائفه".
صلات إنسانية أيضًا
أفاد هولاند بأن السعودية استطاعت تسخير مواردها في خدمة مشروع بناء طموح، "والمنشآت الفرنسية تشارك مشاركة كاملة في تطوير المملكة، فهي حاضرة في مجال الطاقة والخدمات والصحة والنقل، بيد أن فرنسا تود أيضًا استقبال الكفاءات السعودية وإقامة شراكات مع منشآتها، وحددنا معًا فرصًا سائحة في عدة مجالات استراتيجية كبرى، أرغب في أن نتمكن من تنفيذها سريعًا".
وأضاف: "الصلات التي تربطنا سياسية واقتصادية ومالية ولكنها إنسانية أيضًا، إذ يتوجه عدة آلاف من الفرنسيين كل عام إلى المشاعر المقدسة في مكة المكرمة والمدينة المنورة، وفضلًا عن ذلك استضاف معهد العالم العربي منذ مدة معرضًا جميلًا عن الحج دشنته بنفسي، ولاقى نجاحًا باهرًا وإقبالًا من الجمهور، كما أن السعوديين يحبون فرنسا وباريس حيث يقيم العديد منهم بصورة منتظمة، ويسرنا أيضًا أن نستقبل عددًا متناميًا من الطلاب في جامعاتنا مع افتتاح كل عام دراسي أن فرنسا تعرف قيمة الصداقة والمملكة العربية السعودية هي واحدة من أعز الأصدقاء".
استقبال رسمي
وكان هولاند استقبل في قصر الإليزيه مساء الاثنين الأمير سلمان بن عبدالعزيز، وسط استعراض حرس الشرف. ثم اصطحبه إلى صالة الاستقبال الرئيسية، مرحبًا بولي العهد، متمنيًا له ولمرافقيه طيب الإقامة في فرنسا، فيما عبر ولي العهد عن سعادته بزيارة فرنسا وما لقيه من حفاوة استقبال وكرم ضيافة.
ونقل خلال الاستقبال تحيات وتقدير خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز آل سعود للرئيس الفرنسي. ثم أقام الرئيس الفرنسي حفل عشاء تكريمًا لولي العهد ومرافقيه.
حضر الاستقبال وحفل العشاء الأمير سعود الفيصل، وزير الخارجية، والأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز وزير الدولة عضو مجلس الوزراء رئيس ديوان ولي العهد المستشار الخاص له، ووزير الدولة عضو مجلس الوزراء الدكتور مساعد بن محمد العيبان، ووزير الثقافة والإعلام الدكتور عبدالعزيز بن محيي الدين خوجة، ووزير التجارة والصناعة الدكتور توفيق بن فوزان الربيعة، ووزير الدولة للشؤون الخارجية الدكتور نزار بن عبيد مدني، ورئيس هيئة الأركان العامة الفريق أول ركن عبدالرحمن بن صالح البنيان وعدد من كبار المسؤولين. وحضر من الجانب الفرنسي رئيس الوزراء ايمانويل فالس، ووزير الخارجية لوران فابيوس، ووزير الدفاع جان ايف لو دريا، ووزير الاقتصاد والصناعه الرقمية توماس، وسفير فرنسا لدى المملكة برتران بوزانسنو.
التعليقات