&

مواجهة النفوذ الروسي في شرق أوروبا، وكذلك تصاعد الإرهاب المتمثل في "داعش" من أبرز الموضوعات المطروحة على أجندة القمة الأهم عبر تاريخ حلف شمال الأطلسي التي تبدأ الخميس في ويلز.


نصر المجالي: تركز قمة ويلز، التي تمتد ليومين، بمشاركة عشرات الدول، تركز على الصراع في أوكرانيا، وكيفية مواجهة النفوذ الروسي المتزايد في المناطق الشرقية للحلف.
وتعتبر قمة الناتو، التي ستعقد في منتجع مانور في مدينة بورت الويلزية، واحدة من أهم القمم في تاريخ الناتو خلال العقود الماضية، حيث ستناقش ما إذا كان الحلف مجهزًا لمواجهة تحديات القرن الواحد والعشرين.

كما سيناقش الزعماء، ومن بينهم الرئيس الأميركي باراك أوباما ورئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، سبل مواجهة تنظيم الدول الإسلامية، الذي ظهر كتهديد جديد للحلف في جناحه الجنوبي.

وعلم أن كاميرون وأوباما سيجهزان الخميس الأرضية المناسبة لبدء شن غارات جوية دولية متعددة الجنسيات على تجمعات تنظيم (الدولة الإسلامية) وكذلك إرسال قوات من حلف شمال الأطلسي لتدريب القوات العراقية.

قتال داعش
وقال الرئيس الأميركي يوم الأربعاء إن بلاده تعتزم قتال الدولة الإسلامية إلى أن تتلاشى قوتها في الشرق الأوسط، وإنها ستسعى إلى تنفيذ العدالة في ما يتعلق بقتل الصحافي الأميركي ستيفن سوتلوف. وأشار أوباما إلى أن القضاء على تنظيم (داعش) المتشدد سيستغرق وقتًا، نظرًا إلى فراغ تعانيه السلطة في سوريا وكثرة عدد المقاتلين المتمرسين في القتال، الذين خرجوا من عباءة تنظيم القاعدة خلال حرب العراق، فضلًا عن الحاجة إلى بناء تحالفات تشمل المجتمعات السنية المحلية.

وقال أوباما في مؤتمر صحافي في تالين عاصمة أستونيا: "خلاصة القول هي أن هدفنا واضح، وهو إضعاف وتدمير (الدولة الإسلامية)، بحيث لا تعود خطرًا لا على العراق وحسب، بل وعلى المنطقة والولايات المتحدة".

وأضاف "مهما كان ما يعتقد هؤلاء القتلة أنهم سيحققونه بقتلهم أميركيين أبرياء مثل ستيفن فقد باؤوا بالفشل بالفعل... فشلوا لأن الأميركيين - مثلهم مثل شعوب العالم - شعروا بالاشمئزاز من همجيتهم. ولن يتم إرهابنا".

لقاء رئيس أوكرانيا
إلى ذلك، سيلتقي زعماء العالم مع الرئيس الأوكراني بترو بوروشينكو قبيل بدء قمة حلف شمال الأطلسي في ويلز في بريطانيا، والتي تبدأ أعمالها الخميس. وسيطلع بوروشينكو قادة الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي على مباحثاته مع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين. وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قد أجرى محادثات هاتفية مع نظيره الأوكراني بترو بوروشينكو الأربعاء، أعرب خلالها الرئيسان عن أملهما في التوصل إلى اتفاق للسلام بين الحكومة الأوكرانية والانفصاليين في شرق البلاد بحلول يوم غد الجمعة.

ونقلت وكالة (رويترز) عن مصدر في الحكومة البريطانية قوله "يتعيّن على الحلف أن يظهر بوضوح أن تصرفات روسيا غير مقبولة وأننا ندعم شعب أوكرانيا وحقهم في تقرير مستقبل بلدهم". وقال المصدر الذي رفض الكشف عن هويته "الاجتماع سيتيح للزعماء فرصة الاستماع إلى تقويم بوروشينكو لأحدث تطورات الوضع على الأرض ومناقشته مع الرئيس الروسي (فلاديمير بوتين)... وسيرسل أيضًا إشارة واضحة إلى دعمهم سيادة أوكرانيا وأن المسؤولية تقع على عاتق روسيا للحد من تصعيد الوضع".

وسيضم الاجتماع الذي سيعقد على هامش قمة حلف الناتو صباح الخميس بريطانيا، وفرنسا، وإيطاليا، وألمانيا، حيث من المقرر أن يبحث زعماء هذه الدول إمكانية فرض عقوبات اقتصادية أشد على روسيا، ومساهمات الدول الأوروبية لتدمير "الدولة الإسلامية".

تصعيد فرنسي
وصعدت فرنسا الضغوط على روسيا الأربعاء بإعلانها "أن الظروف ليست مؤاتية" لتسليم سفينتين حربيتين كانت روسيا قد اشترتهما منها. وألقى مكتب الرئيس الفرنسي فرنسوا هولاند باللائمة على تصرفات روسيا الأخيرة في اوكرانيا.

وستظهر دول الحلف دعما كبيرا للحكومة الاوكرانية في مواجهة روسيا التي يتهمها الغرب بمساندة ودعم الانفصاليين في شرق البلاد، الذي يشهد حربا بين القوات الحكومية الاوكرانية وقوات المتمردين. لكن من غير المتوقع أن يدفع الحلف إلى مواجهة عسكرية مع موسكو.

وقال مسؤولون إن الحلف سينشأ قوة تدخل سريع تتألف من عدة آلاف من الجنود، على الأرجح، يمكن أن ترسل إلى مناطق الصراع الساخنة في غضون يومين. وناشدت دول أوروبا الشرقية الاعضاء في الحلف، ومن بينها بولندا، قيادة الحلف أن ترسل قوات دائمة على أراضيها لردع أي هجوم روسي محتمل، إلا أن الناتو رفض الفكرة بسبب الكلفة المالية لها وبسبب عدم رغبته في خرق اتفاق وقع عام 1997 مع روسيا يتعهد الناتو بمقتضاه بعدم نشر قوات يعتد بها بشكل دائم في شرق أوروبا.

على صعيد متصل، نشرت صحيفة (التايمز) البريطانية في عددها الصادر الخميس أن أوباما وكاميرون سيتعهدان في بيان مشترك خلال القمة بدعم أوكرانيا ضد روسيا. ويدين البيان ما وصفه "بالضم غير القانوني ومن جانب واحد لشبه حزيرة القرم" وتهديد وحدة وسيادة أوكرانيا.

دول البلطيق
من جانبها، قالت (بي بي سي) إن الجمهوريات الثلاث السابقة في الاتحاد السوفياتي إستونيا وليتوانيا ولاتفيا تشعر بحالة من عدم الاستقرار نتيجة إصرار الرئيس الروسي فلاديمير بوتين على أن روسيا لديها الحق في التدخل للدفاع عن مصالح الناطقين بالروسية. وكان أوباما زار إستونيا صباح الاربعاء، وأكد لرئيسها أن إستونيا "لن تقف وحدها".

وحث أوباما الدول الأعضاء في الناتو على إرسال رسالة واضحة لدعم اوكرانيا في مواجهة ما وصفه "بالاعتداء الوقح" لروسيا. وقال أوباما إن صورة اوروبا موحدة ومسالمة اصبحت مهددة بوساطة محاولة روسيا اعادة رسم الحدود "بقوة السلاح". وفي اعقاب تلك التصريحات مباشرة اعلنت وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) عن ارسال 200 جندي إلى اوكرانيا للمشاركة في أجرأ تدريبات في الشهر الجاري. وتقدر الامم المتحدة عدد النازحين بسبب الصراع في اوكرانيا بمليون شخص في شرق البلاد.

ووزعت الدولة الإسلامية تسجيلا مصورًا يوم الثلاثاء يظهر عملية ذبح الصحافي الأميركي، وهو ثاني رهينة أميركية تقتل في غضون أسابيع ردا على الغارات الجوية في العراق.

وفحص مسؤولون أميركيون وبريطانيون التسجيل المصور الذي يظهر فيه ملثم يتحدث بالصوت واللكنة البريطانية نفسها التي تحدث بها الملثم الذي ذبح الصحافي الاميركي جيمس فولي في تسجيل آخر أذيع في 19 أغسطس/ آب. وخلصوا إلى أن التسجيل حقيقي. واستأنفت الولايات المتحدة غاراتها الجوية على العراق في أغسطس/ آب الماضي للمرة الأولى منذ انسحاب القوات الأميركية من العراق عام 2011 وقال أوباما إن الضربات الجوية أثبتت فعاليتها.

وفي الولايات المتحدة أدلى مسؤولون كبار بادارة أوباما بتصريحات تخللت تحذيرات الرئيس الاميركي للدولة الاسلامية. وقال نائب الرئيس جو بايدن اثناء ظهوره في مناسبة في نيو هامبشير "يجب ان يعلموا اننا سنتعقبهم حتى أبواب الجحيم الى ان يقدموا للعدالة. لان الجحيم هو المكان الذي سيستقر به مقامهم". وفي واشنطن وصف وزير الخارجية جون كيري اعدام سوتلوف بأنه صدمة قوية، وقال ان الولايات المتحدة استخدمت كل الادوات العسكرية والدبلوماسية والمخابراتية للافراج عن الرهائن في سوريا.

وقال كيري ان سوتلوف "أخذ منا بوحشية في عمل همجي من العصور الوسطى بوساطة جبان يتخفى خلف قناع". وقال "لقد قاتلنا هذا النوع من الهمجية والشر من قبل وصدقوني سنخوضه مرة اخرى". وأضاف "عندما يقتل ارهابيون في انحاء العالم مواطنينا فان الولايات المتحدة ستحاسبهم أيا كان الزمن الذي يستغرقه ذلك".

وقال البيت الأبيض يوم الثلاثاء إن أوباما سيوفد وزير الخارجية جون كيري ووزير الدفاع تشاك هيغل ومستشارته الخاصة لشؤون مكافحة الإرهاب ليزا موناكو إلى الشرق الاوسط "في المدى القريب لبناء شراكة إقليمية أقوى" في مواجهة مقاتلي الدولة الإسلامية. وقال أوباما "الذين يرتكبون خطأ إيذاء أميركيين سيتعلمون أننا لا ننسى، وأن ذراعنا طويلة وأن العدالة ستتحقق".

وأضاف "هذا لن يكون خلال أسبوع أو شهر أو ستة أشهر بسبب ما حدث من فراغ في السلطة في سوريا إضافة إلى العناصر التي تمرست على المعارك وخرجت من عباءة تنظيم القاعدة في العراق خلال الحرب العراقية... سيستغرق الأمر بعض الوقت قبل أن نتمكن من إجبارهم على التراجع".

&