تتواصل التداعيات الناجمة عن الكلام الذي أطلقه بوش الأب بحق نجله جورج وبعض رموز إدارته، ففي حين سارع الأخير إلى إصدار بيان توضيحي، يبدو "جيب" الأكثر تضررًا من تصريحات والده.

عبد الإله مجيد: نادرًا ما ينتقد رئيس اميركي رئيسًا آخر في العلن، وخاصةً عبر كتاب يكشف فيه ما يكشف، والأندر فكيف ان كان هذا الرئيس والد رئيس آخر. هذه الاحتمالات لم تلتقِ ذات يوم في الولايات المتحدة إلا حين كُتبت سيرة حياة الرئيس جورج بوش الأب.
&
وهكذا بدأت جولة جديدة من "دراما آل بوش"، وهي ترتبط هذه المرة بالسياسة الخارجية في الغالب، وفي حين ان بوش الأب يتخذ موقفا مساندًا لنجله جورج، فإنه ينتقد نائب الرئيس في عهد الابن ديك تشيني، ووزير الدفاع، آنذاك، دونالد رامسفيلد، على تعاطيهما مع هجمات 11 ايلول (سبتمبر) 2001.&
&
انتقاد ورد
&
هذا ويشير الرئيس الأب الى ان خطاب نجله عام 2002، والذي&وصف فيه العراق وايران وكوريا الشمالية بأنها تشكل "محور الشر"، تتضمن اقوالًا "قد تثبت تاريخيًا ان لا طائل منها". فيما وصف رد فعل تشيني على الهجمات بأنه رد فعل "حمار حديدي"، ويقول ان رامسفيلد ابدى "عدم تواضع" وكان "متعجرفًا".&
&
ورفض متحدث باسم جورج بوش الأب الرد على طلب التعليق، ولكن جورج الابن اصدر بيانًا قال فيه: "أنا فخور بالعمل مع ديك تشيني ودونالد رامفسيلد، فان ديك تشيني قام بعمل رائع كنائب للرئيس، وكنتُ محظوظًا بوجوده إلى جانبي طوال فترة رئاستي، وكذلك رامسفيلد الذي قاد البنتاغون باقتدار، وكان وزير دفاع كفوء"، وأضاف: "أشعر بالامتنان للرجلين على حسن مشورتهما وتفانيهما في خدمة بلدنا وصداقتهما".&
&
وحصلت صحيفة واشنطن بوست على نسخة من سيرة حياة جورج بوش الأب بعنوان "القدر والقوة: الأوديسا الأميركية لجورج هربرت ووكر بوش" التي كتبها الصحافي جون ميتشام، وقد نُشرت بعض التفاصيل عن الكتاب في صحيفة نيويورك تايمز وقناة فوكس نيوز، التي تعد برنامجًا خاصًا عنه.
&
"جيب" المتضرر
&
ويأتي هذا الكشف في اصعب مرحلة يمر بها جيب بوش، الذي يطمح في ان يكون ثالث بوش يتولى رئاسة الولايات المتحدة، فأداؤه الهزيل في المناظرة الأخيرة بين المرشحين الجمهوريين، تسببت بتراجع شعبيته الى مستوى جديد من التدني في استطلاعات الرأي، فيما أبدى المانحون قلقهم، في المجالس الخاصة، من نضوب مصادر تمويل حملته الانتخابية.
&
وقالت بعض المصادر إن جيب بوش لم يقرأ الكتاب رغم المشاركة فيه، وبدا في فصل مهم عن دعم الأب لعمل نجليه في المجال السياسي، ان حاكم ولاية فلوريدا السابق يبدد الاعتقاد الذي كان سائدًا منذ فترة طويلة بين اصدقاء العائلة والمراقبين القريبين منها، بأنه الأول بين نجلي بوش الذي كان من المتوقع ان يُرشح للرئاسة ، قبل جورج.
&
وقال جيب بوش لكاتب سيرة والده: "إذا كنتُ أنا المقصود بأن أكون الأول فإن احدًا لم يخبرني بذلك ولم اتلق اشعارًا"، وأضاف: "العلاقة بين جورج والوالد هي علاقة وثيقة وحُبيّة الى حد لا يُصدق، وأنا لا اعتقد ان والدتي ووالدي يفكران بهذه الطريقة، ان هذا الابن أجدر من ذاك الابن. ولم اتحدث قط في هذا الشأن بالمعنى الحرفي للكلمة، ولا مرة واحدة، بل كانت مواضيع الحديث في عائلة بوش تدور حول العائلة والرياضة، وهذا كل شيء".&
&
وكان جيب بوش قد قال خلال جولاته الانتخابية: "لا استطيع ان أنكر الحقيقة الماثلة في اني أُحب عائلتي بل أُحب كل شيء عنها"، وكرر حبه لولده واحترام رأيه في مناسبات مختلفة.
&
وإذا عاد جيب بوش الى الحديث عن عائلته، سيتعين عليه ان يقف بين مصالح وولاءات متضاربة لوالده، الذي كان جمهوريًا معتدلًا ونصيرًا للعمل الدولي المشترك، وبين شقيقه "المحافظ الرحيم"، الذي كانت ادارته تعج بصقور المحافظين الجدد، الذين ما يزال العديد منهم ينشطون في سياسة الحزب الجمهوري، ويهدد ترجيحه كفة الأب أو كفة الأخ بإبعاد ناخبين يؤيدون هذا أو ذاك. & &
&
وتبدى التحدي، الذي واجه جيب بوش بشكل ساطع في شباط (فبراير)، عندما كشف عن فريق من مستشاري السياسة الخارجية يضم 21 عضوًا، غالبيتهم من المخضرمين الذين خدموا في ادارة والده أو ادارة شقيقه، وقد تعرض لانتقادات شديدة بسبب علاقته مع جيمس بيكر، وزير الخارجية الأسبق، المقرب من والده، ومع بول وولفوفيتز، نائب وزير الدفاع الأسبق في ادارة شقيقه. وتكرر الأمر في ايار (مايو)، عندما واجه جيب بوش صعوبة، على امتداد ايام، في ان يقرر ما إذا كان سيعلن الحرب على العراق استنادًا الى معلومات غير دقيقة قُدمت الى شقيقه.
&
السياسة الخارجية&
&
يتوصل كتاب ميتشام الى ان بوش الأب اتفق اخيرًا مع قرار بوش الابن غزو العراق واسقاط صدام حسين، واتفق معه جيب بوش ايضًا، الذي قال في مناظرة مؤخرًا ان شقيقه "حافظ على امننا" بعد هجمات 11 ايلول (سبتمبر)، وانه يعتبر ارسال قوات اضافية الى العراق عام 2007، عملًا من أعمال الشجاعة السياسية التي قلبت مجرى الحرب. &
&
وكان جورج بوش الابن قال، في كتابه الذي صدر العام الماضي، عن والده انه كان يتخذ قراراته في السياسة الخارجية بمفرده، وأضاف: "لم اسأل الوالد قط ماذا يجب ان افعل، بل كنا نحن الاثنين نعرف ان هكذا قرار يستطيع الرئيس وحده ان يتخذه، لكننا تحدثنا عن القضية، فخلال عطلة عيد الميلاد عام 2002 في كامب ديفيد، أطلعتُ الوالد على مستجدات استراتيجيتنا".
&