رأت غالبية قراء "إيلاف" المشاركين في الاستفتاء الاسبوعي أن تهديم تنظيم "داعش" لآثار العراق عمل همجي يهدف إلى تدمير معالم حضارة وادي الرافدين الضاربة في القدم، والتي تجسدها هذه الآثار.

لندن: شارك في استفتاء "إيلاف" الاسبوعي، للاجابة على سؤالها في ما اذا كان تدمير تنظيم "داعش" لآثار العراق همجياً أم دينياً أم نفسياً، 3533 قارئًا توزعت إجاباتهم بشكل متفاوت حول أسباب هذا التدمير الذي طال حضارة وادي الرافدين خلال الايام القليلة الماضية.

ورأت غالبية القراء المشاركين في الاستفتاء وعدد افرادها 2182 قارئا شكلت نسبتهم 62 بالمائة من المجموع الكلي للذين أبدوا آراءهم أن ممارسة "داعش" بتهديم الآثار همجية لا تمت إلى الحضارة والتاريخ بصلة وانما كانت تعبر عن فعل انطلق من خلفيات متخلفة لم تكترث بما تمثله هذه الآثار من فخر للبشرية التي انجزتها تجسيدًا لحضارة سادت ودول بادت ظلت شواخصها تفتخر على مر التاريخ بما انجزه الاجداد.

ولذلك فقد حمل العراق المجتمع الدولي مسؤولية تدمير تنظيم "داعش" لآثاره التاريخية نتيجة تقاعسه عن اتخاذ اجراءات فاعلة، ودعا مجلس الأمن إلى عقد جلسة طارئة للوقوف بجدية لحماية آثاره.

وحذر بأن جرائم التنظيم ستستمر وتطال مواقع أثرية أخرى بسبب تباطؤ دعم المجتمع الدولي للعراق الذي ساهم بتشجيع الإرهابيين على إقتراف جرائم تدمير آثار متحف الموصل ومدينتي الحضر ونمرود التاريخيتين المدرجتين على لائحة التراث العالمي، والتي يضرب تاريخها في عمق التاريخ إلى حقبة قبل الميلاد.

التدمير لم يكن لأسباب دينية أو نفسية&

وبعكس الغالبية التي ارجعت تدمير آثار العراق إلى همجية "داعش"، فإن مجموعة اصغر بلغ عدد مصوتيها 1047 قارئًا شكلت نسبتهم 30 بالمائة من مجموع المشاركين في الاستفتاء قد رأت أن الدافع لتدمير هذه الآثار وراءه أسباب دينية.

ويبدو أن هذه المجموعة من القراء قد اقتنعت بتبريرات "داعش" لدوافع تدميره للآثار، والتي أشار فيها إلى أنّ "الاصنام" التي دمرها هي "أوثان لأقوام في القرون السابقة كانت تُعبد من دون الله".

وأضاف بأن "ما يسمى بالآشوريين والأكّاديين (وهما حضارتان قديمتان في منطقة بلاد ما بين النهرين ما بين الألف الأول والثاني قبل الميلاد) وغيرهم كانوا يتخذون آلهة للمطر وآلهة للزرع وأخرى للحرب يشركون بها بالله ويتقربون إليها بشتى أنواع القرابين".

اما المجموعة الثالثة التي رأت في تدمير "داعش" للآثار سبباً نفسياً فقد شكلت الاقلية بين المجموعات الثلاث التي افصحت عن آرائها، حيث قال 304 قراء شكلت نسبتهم 8 بالمائة فقط من المجموع الكلي للمشاركين في الاستفتاء الاسبوعي ولم تكن وراءه دوافع دينية أو همجية.&

وكان تنظيم "داعش" قام في الثامن من الشهر الحالي بتفجير وتجريف مدينة الحضر الأثرية جنوب مدينة الموصل وسرقة العملات النقدية القديمة منها. وقال شهود عيان إن "عناصر "داعش" قاموا بتفجير مدينة الحضر الأثرية وتجريف المواقع الآثرية بالجرافات والآليات الثقيلة وسرقة العملات القديمة الذهبية والفضية التي كانت محمية في سراديب بتلك المنطقة.

وقبل ذلك في 26 شباط (فبراير) الماضي، أقدم عناصر "داعش" على تدمير آثار مدينة النمرود بواسطة الآليات الكبيرة والجرافات& في خطوة جديدة لمحو جميع الآثار التي تعكس حضارة وتاريخ الموصل. وقال شهود عيان إن "عناصر التنظيم جلبوا معهم الآليات الكبيرة وقاموا بتدمير آثار مدينة النمرود الأثرية الواقعة إلى الجنوب الشرقي من مدينة الموصل".

وكانت مدينة نمرود مركزاً مهماً للدولة الآشورية منذ حكم الملك الأشوري شلمنصر الأول (1373 ـ 1244ق.م)، ثم أهملت لحين تولي عرش الامبراطورية الأشورية من قبل آشور ناصر بال الثاني (883 ـ 859ق.م) وقد عمد هذا الملك إلى جعل مدينة نمرود عاصمة عسكرية للدولة الآشورية فشيد فيها المباني والقصور منها القصر المعروف باسم (القصر الجنوبي الغربي)، فضلاً عن معبد (نابو) وبنى له قصراً جديداً بالقرب منه، كما عمل على تجديد هذه المدينة وأعتنى بزقورتها التي تعد من أهم زقورات العصر الآشوري.

وازاء ذلك، فقد طالبت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونيسكو" مجلس الأمن الدولي بعقد اجتماع طارئ عقب نشر تنظيم "داعش" شريط فيديو يظهر تحطيمه آثارًا بمتحف الموصل. وقالت مديرة "يونيسكو" إيرينا بوكوفا إن "هذا الاعتداء هو أكبر بكثير من أن يكون مجرد مأساة ثقافية، إنه أيضا شأن أمني يغذي الطائفية والتطرف العنيف والنزاع في العراق".