عادت قضية الصحافي العراقي الذي قتل على يد ضابط كردي من الحرس الرئاسي إلى الواجهة، إثر معلومات عن نقل القاتل إلى أحد سجون اقليم كردستان أو محاولات جارية لنقله، ثم اطلاق سراحه.
بغداد: في الوقت الذي نفت فيه زوجة الصحافي العراقي محمد بديوي الشمري تنازلها عن قضية مقتل زوجها، رغم الضغوطات الكبيرة التي تتعرض لها، طالب المرصد العراقي للحريات الصحفية رئاسة الجمهورية العراقية بتقديم توضيحات حول ما نقلته وسائل إعلام محلية عن ضغوط تمارس من قبل الرئاسة وسياسيين وبرلمانيين أكراد لنقل الضابط المدان بقتل بديوي من سجنه في بغداد، حيث يقضي فترة محكوميته، إلى سجون كردستان، محذرًا من خطورة ذلك وإنعكاساته السلبية على وضع الصحافيين، وما قد يكون جزءًا من حملة لتسييس القضاء، في حين احتج العديد من الصحافيين على هذه الاخبار رافضين أي مساومة سياسية أو عشائرية.
زوجة القتيل: لن أتنازل
وأكدت ام الحسن زوجة الزميل الصحافي المقتول محمد بديوي الشمري لـ "إيلاف"، انها لن تتنازل عن دم زوجها الذي قتله ضابط في الحرس الرئاسي، وقالت: "لن اتنازل عن دمه مهما كانت المغريات والضغوطات، فليس من السهل أن اتنازل عن دم زوجي الشهيد الذي قتل بدم بارد، والذي يزورني كل يوم في الحلم، وهو يشير إلى رأسه المدمى ويقول إنه يوجعه، وهذا يعني رفضه للتنازل ولا بد للقاتل أن ينال جزاءه العادل".
أضافت: "لا يمكن أن أخضع للضغوط التي اتعرض لها يوميًا للتنازل من خلال اشخاص متنفذين وارفض مقابلة أي احد منهم وأرفض أي حديث في قضية التنازل، فكيف اتنازل عن دمه، وماذا اقول لاولادي، اعتقد انني سأجلل نفسي واولادي بالعار إلى يوم الدين".
وتابعت: "منذ اكثر من سنة وانا اطلب باعتباره شهيدًا، لكن لا جدوى رغم أن نوري المالكي رئيس الوزراء السابق قال انه شهيد، وانه ولي الدم في مقتله، الا أن الابواب اغلقت في وجهي، بل أن القضاء حكم عليه وفق المادة 405 وليس 404، وفي عيد الصحافة قبل ايام التقيت السيد حيدر العبادي رئيس الوزراء وشرحت له مظلوميتي فتعاطف معي وطلب من نقيب الصحافيين مؤيد اللامي رفع كتاب اليه بالطلب لاعتباره شهيداً، وانا بانتظار ذلك".
وختمت حديثها لـ "إيلاف" بالقول: "ارجو من الصحافيين ووسائل الاعلام أن يثقوا بأنني لن اتنازل عن دم محمد مهما كانت الضغوط وحتى لو اضطررت إلى أن اخذ اولادي واغادر العراق، واذا ما كان العفو العام سيطلق سراح القاتل فلن اقول سوى حسبي الله ونعم الوكيل ودمه في رقبة من اطلق القاتل، وليعرف الجميع أن فلوس الدنيا كلها لا تعادل طلة محمد على اولاده وبيته".
مرصد الحريات: نريد توضيحات
طالب المرصد العراقي للحريات الصحفية رئيس الجمهورية فؤاد معصوم بتوضيحات حول ضغوط لنقل قاتل صحافي عراقي إلى كردستان. وقال في بيان له يوم الاثنين: "يطالب المرصد العراقي للحريات الصحفية رئاسة الجمهورية بتقديم توضيحات حول ما نقلته وسائل إعلام محلية عن ضغوط تمارس من قبل الرئاسة وسياسيين وبرلمانيين أكراد لنقل الضابط المدان بقتل الزميل الصحافي محمد بديوي نهاية آذار (مارس) من العام الماضي من سجنه في بغداد، حيث يقضي فترة محكوميته، إلى سجون كردستان، ويحذر من خطورة ذلك وإنعكاساته السلبية على وضع الصحافيين، وما قد يكون جزءًا من حملة لتسييس القضاء ما زلنا نعتقد أنه لن ينجر لها تحت أي ضغط كان".
أضاف البيان: "المرصد العراقي للحريات الصحفية يحذر الساسة العراقيين، وحكومة السيد العبادي، ووزارة العدل من تبعات أي إجراء قد يؤدي إلى نقل قاتل بديوي إلى إقليم كردستان، أو الإفراج عنه لما له من نتائج سلبية على واقع الديمقراطية، والعمل الصحفي، ومشاعر المواطنين، وأسرة الزميل محمد بديوي".
وتابع: "المرصد العراقي للحريات الصحفية كان رفض محاولات النائب في البرلمان العراقي السيدة آلا طالباني للإفراج عن الضابط في الحرس الرئاسي، أو نقله إلى إقليم كردستان، كما رفض قيامها بزيارة تضامنية معه إلى سجنه في بغداد، وطالبها بزيارة إلى أطفال الصحافي القتيل والكف عن طريقتها المستفزة لمشاعر المواطنين العراقيين والزملاء من الصحافيين والفريق المساعد للصحافي القتيل الزميل محمد بديوي الذي قتل بدم بارد من قبل ضابط الحرس الرئاسي نهاية آذار (مارس) من العام الماضي".
القضاء: المؤبد للقاتل
وكان القضاء العراقي اصدر في 17 آب (اغسطس) 2014 حكماً بالسجن المؤبد بحق الضابط، الذي ينتمي إلى قوات البيشمركة الكردية المسؤولة عن حماية المنطقة الرئاسية في بغداد بتهمة قتل الصحافي العراقي محمد بديوي الشمري الذي قتل في 21 آذار (مارس) 2014.
وقال القاضي عبد الستار بيرقدار، المتحدث الرسمي باسم السلطة القضائية: "المحكمة وجدت في الادلة المتحصلة من القضية ما يكفي لتجريم المتهم، وقرار السجن المؤبد صدر وفق المادة 405 من قانون العقوبات العراقي".
واثارت القضية سخطًا واسعًا ضد قوات البشمركة الكردية في بغداد التي ينتمي اليها الضابط، وتنديدًا بما اعتبر استهتارًا من قوة غير نظامية ومطالبة بطردها من بغداد.
وكان الشمري، الحاصل على دكتوراه في الاعلام، يعمل استاذًا في كلية الاعلام بالجامعة المستنصرية، إلى جانب كونه مدير اذاعة العراق الحر، وهو اب لثلاثة ابناء اكبرهم لا يتجاوز عمره 12 عامًا.
رئاسة الجمهورية: ينال العقاب المستحق
وكانت رئاسة الجمهورية قد اصدرت بيانًا حينها تقدمت فيه بأحر التعازي لعائلة الفقيد ولزملائه وطلابه، وأكدت إدانتها للفعل الإجرامي مهما كانت ظروفه، "وهو فعل يتنافى مع جميع القيم التي تربى عليها أفراد اللواء الرئاسي وحرصوا من خلالها طيلة سنوات عملهم في بغداد على العمل المهني الملتزم باحترام الانسان كقيمة عليا، ونؤكد هنا أن الجاني سيتم تسليمه إلى القضاء العادل لينال العقاب المستحق".
وولد محمد بديوي في منطقة العزيزية بمحافظة الكوت (العراقية) في العام 1971، وهو حاصل على شهادة البكالوريوس والماجستير والدكتوراه من كلية الإعلام في جامعة بغداد. انضم للعمل في إذاعة "إذاعة العراق الحر" التي تبث من بغداد منذ العام 2003، وشغل منذ العام 2006 منصب مدير تحرير الإذاعة. له كتابان "التعطيش السياسي - تفصيل في مسألة المياه في العراق" و "تحولات الإسلام السياسي في العراق".
التعليقات