رأت غالبية من قرّاء "إيلاف" أن الاعلام الإلكتروني لا يسير نحو موت محتم، في وقت تتكرس فيه وسائل الاعلام الاجتماعي كمصدر للخبر الصحافي، وفرضت نفسها وسط انزواء واضح للاعلام التقليدي.

عبد الرحمن الماجدي من أمستردام: تتواتر التحذيرات من إعلاميين، لهم حضورهم الواضح في الصحافة الرقمية، بضرورة الانتباه للهزة الكبرى التي أحدثتها مواقع التواصل الاجتماعي وزلزلت الاعلام التقليدي واستفزت الصحافة الالكترونية قبل أن تترسخ واقعاً معاشاً له ثقله الكبير في الساحة الاعلامية، في وقت لم يستعد عدد ليس قليلاً من الاعلاميين العرب لدخول عالم الرقمية بشكل جدّي وبذهنية رقمية تجنبًا للاصابة بالانفصام الثقافي الذي يسببه دخول الرقمية بذهنية ورقية، اذ يصرّ سلفيو الورق على أبديته التي لن تكون الا على رفوف المتاحف، لأن حتمية التاريخ لا يمكن إيقافها.

فقد صيّرت فضاءات الاعلام الاجتماعي (Social Media)، التي تترجم عربياً بشكل غير دقيق الى مواقع التواصل الاجتماعي، الاعلام الى دولة لا تحدها حدود تكشف المستور خلف جدران متينة لكبار الساسة وصغار المواطنين بعد أن كانت الدول تمسك بالاعلام من أحد، أو كلّ أطرافه. وبات المواطن كاتبًا ومحررًا ومراسلاً وناشرًا وقارئًا في ذات الان بعد أن منت عليه عطايا ما بعد الحداثة بلئالئها الثمينة في فترة قصيرة حين ترسخت وسائل الاعلام الرقمي فالاجتماعي، تاركة الاعلام الورقي يتوكأ مكابراً حيناً وراكضاً لاهثًا حينًا آخر.

ولعل أهم ما يميز الاعلام الاجتماعي هو التفاعلية التي توفر للمواطن الحرية في كتابة ونشر ما يشاء. ولم تعد لوكالات الأنباء الرسمية أهمية بجانب تغريدات يدلي بها وزير أو نجم أو معارض لتتلقفها وسائل الاعلام بسرعة يغيب فيها السبق لأحد على آخر، حيث كسر الاعلام الاجتماعي معايير السبق الصحفي المتعارف عليها، فحلت تلك الفضاءات الرقمية (الاعلام الاجتماعي) محل وكالات الأنباء بسرعة برقية لا تضاهى.

هزتان كبيرتان

من خلال نظرة تأريخية للتطورات الرقمية، تبين الحتمية التي تسير اليها وسائل الاعلام، وهي تشهد هزتين كبيرتين بوقت متقارب، حيث يرى استاذ الصحافة في جامعة اربد في الأردن&الدكتور عصام سليمان موسى أن الابجدية التي انطلقت كثورة قبل نحو 3 آلاف سنة، تلتها ثورة الطابعة في القرن التاسع عشر، التي وقف بالضد منها شيخ الاسلام في الدولة العثمانية، مفتيًا بأنها رجس من عمل الشيطان! ثم تلتها ثورة الراديو فالتلفزة ثم الرقمية التي من أبرز وسائلها الكمبيوتر والهواتف الذكية والتواصل الاجتماعي والطباعة الرقمية ثلاثية الابعاد إلى سيارة غوغول ذاتية الحركة. ويرى أن كل ثورة من هذه الثورات قلصت من احتكار السلطة، فثورة الابجدية قلصت سلطة رجال الدين، وثورة الراديو اقترنت بالحقوق المدنية ورسخت الثقافة الشفاهية. ويتساءل موسى عن مدى بقاء العرب مستهلكين للتكنولوجيا، وهل سيصبحون صانعين لها؟ وهل نستطيع حجب فيض المعلومات في عقر دارنا؟ مستغربًا من مواصلة بعض الأنظمة باختراق أجهزة مواطنيها والتجسس عليهم.

الاعلام الاجتماعي هو مستقبل الاعلام في العالم، على الرغم من نظرات الريبة التي ينظر بها كهول وشيوخ الاعلام التقليدي للشباب، أرباب هذه الثورة الرقمية التي من لحق بها نجا، ومن تخلف هلك في عمله الذي ربما بذل نصف عمره أو كله فيه!

لكن هل كل هذه السطوة للسوشال ميديا تعني تجاوز وسائل الاعلام الرقمي، التي تهرول نحو الموت المحتّم، كما يرى الزميل عثمان العمير ناشر "إيلاف" رائدة الاعلام الرقمي عربياً؟

ربما ستكون الموثوقية هي القصبة التي ستتمسك بها هذه الصحف الرقمية، معتمدة على ما تزخر به وسائل الاعلام الاجتماعي من خزين متلاطم من الاحداث الطازجة، التي يمكن خلق منها مادة خبرية طازجة أيضاً، الأمر الذي سيطيل عمر الصحف الرقمية أكثر، قبل التحول الى وسائل إعلام اجتماعي كحتمية تأريخية.

الغريب أن رواد الاعلام الالكتروني يتحدثون عن قرب موته، فيما بعض شيوخ الاعلام التقليدي يصرون على أبديته!

كانت "إيلاف" بمناسبة بلوغها سن الـ 15 عاماً طرحت على متصفحيها سؤالاً&عن&هرولة الاعلام الرقمي الى موته، حيث رأى 65% (724) منهم أنه لايهرول الى موته المحتم، وخالفهم ما نسبته 21% (240) ورأت نسبة ثالثة باحتمال ذلك، حيث بلغت نسبة هؤلاء 14% (152) من المتصفحين الذين شاركوا بالاجابة على سؤال استفتاء "إيلاف"، وبلغ عددهم 1116.
&