برلين: أعلن حزب الليبراليين الالمان مساء الاحد انسحابه من المفاوضات التي تجريها المستشارة انغيلا ميركل لتشكيل ائتلاف حكومي منبثق عن الانتخابات التشريعية، ما يعني فشل هذه المفاوضات التي استمرت اكثر من شهر.
وقال رئيس "الحزب الديموقراطي الحر" الليبرالي كريستيان ليندنر للصحافيين في برلين ان من "الافضل للمرء ان لا يحكم، عوضا من ان يحكم بطريقة سيئة"، معتبرا انه لم يكن بالامكان ايجاد "قاعدة مشتركة" مع المستشارة.
وأبدت المستشارة الالمانية انغيلا ميركل ليل الاحد الاثنين "اسفها" لفشل المفاوضات. ووعدت أمام صحافيين في برلين "بان تفعل كل ما بوسعها من اجل ادارة البلاد بشكل جيد خلال الاسابيع الصعبة المقبلة".
وكانت ميركل واصلت الأحد بذل جهود حثيثة لمنع انهيار مفاوضات تشكيل ائتلاف حكومي.
وأضعفت انتخابات سبتمبر الماضي الزعيمة المخضرمة وتركتها بدون غالبية مطلقة في البرلمان، مع تحول جزء من ناخبيها الى حزب "البديل من أجل المانيا" اليميني المتطرف بعدما اغضبتهم سياسة ميركل المتحررة تجاه اللاجئين.
واثبت القرار المثير للجدل بالسماح بدخول أكثر من مليون لاجئ سياسي منذ عام 2015 انه شكّل مجدّدًا حجر عثرة في وجه تشكيل ائتلاف بين احزاب من اليمين واليسار في الطيف السياسي الالماني.
وحاول حزب ميركل "الاتحاد الديموقراطي المسيحي" المحافظ وحليفه البافاري حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" ايجاد ارضية مشتركة مع الحزب الديموقراطي الحر القريب من عالم الاعمال والخضر.
وحدّد زعماء الأحزاب في البداية الساعة 18,00 (17,00 ت غ) من يوم الاحد موعدا للتوصل الى توافق، لكن المهلة مرت بدون تحقيق اي اختراق، ليُعلن لاحقا فشل المفاوضات. وكانت مفاوضات الخميس الماضي انتهت بدون التوصل الى نتيجة.
والقضايا الخلافية كثيرة وتبدأ من سياسة الهجرة الى البيئة والاولويات الضريبية واوروبا.
وكانت صحيفة "بيلد" الواسعة الانتشار كتبت في وقت سابق أنّ "الاخفاق في الافق"، في وقت تكهنت وسائل اعلام المانية بان الأحزاب يمكن ان تطلب مزيدا من الوقت لاستعراض خياراتها.
وفشل المفاوضات قد يعني عودة المانيا على الارجح الى صناديق الاقتراع مطلع 2018. في هذه الحال، ستجري الانتخابات من دون أن تكون ميركل على رأس الاتحاد الديموقراطي المسيحي.
وكانت النائبة عن الحزب المسيحي الديموقراطي يوليا كلوكنر قد حضّت المفاوضين "على العمل معا والخروج بنتيجة".
وبالنسبة إلى ميركل التي ظلّت لسنوات تُهيمن على النقاشات داخل الاتحاد الاوروبي، فإنّ هذا الاسبوع كان الأكثر اهمية في حياتها السياسية.
وقالت صحيفة بيلد "اليوم لا يتعلق فقط بـ(الائتلاف)، لكنّه ايضا يوم مصيري لأنغيلا ميركل. اذا فشلت في تشكيل ائتلاف، فإنّ منصبها كمستشارة في خطر".
وقال فرانك ديكير الخبير السياسي في جامعة "بون" لقناة البرلمان الالماني التلفزيونية "فينيكس"، إنّ "من مصلحة ميركل ولادة حكومة، لان اي فشل سيعني ايضا انتهاءها" سياسيا.
وكان استطلاع للرأي نشرت صحيفة "دي فيلت" نتائجه الاحد قد أظهر أنّ 61,4 بالمئة من الالمان يعتقدون انها لا تستطيع ان تبقى في منصبها إذا أخفقت في مفاوضاتها لتشكيل ائتلاف حكومي.
وتُجري ميركل منذ اكثر من شهر مفاوضات شاقة جدا بهدف تشكيل تحالف مع الحزب الليبرالي الديموقراطي ودعاة حماية البيئة (الخضر)، وهو تحالف لم يُختبر في المانيا من قبل.
وتشكّل سياسة الهجرة في المانيا عقبة رئيسية في المفاوضات، وتُعتبر موضوعا خلافيا منذ وصول عدد هائل من طالبي اللجوء الى البلاد.
ويسعى حزب "الاتحاد الاجتماعي المسيحي" الذي خسر في بافاريا امام "البديل من اجل المانيا" إلى أن يحدّ من وصول المهاجرين الى 200 ألف مهاجر سنويًا.
غموض سياسي
وقال الرئيس الألماني فرانك-والتر شتاينماير لصحيفة "فيلت ام سونتاغ" إنه "لا حاجة للبدء باجراء نقاشات تثير الذعر حول انتخابات جديدة". وأضاف ان "كل الأطراف على دراية بمسؤولياتهم. وهذه المسؤولية تعني عدم اعادة التفويض الى الناخبين".
ويبدو أن لا شهيّة لدى الناخب الالماني لاجراء انتخابات جديدة في حال فشلت المفاوضات بشكل نهائي، فقد اظهر استفتاء لـ"بيلد" ان 50% يعارضون اعادة اجراء انتخابات مقابل 47%.
ويُرجّح أن تبدأ الان مرحلة غموض سياسي كبير في المانيا واوروبا، إذ ينتظر شركاء برلين لمعرفة من سيعمل معهم على مشاريع انعاش الاتحاد الاوروبي ومنطقة اليورو والتي تُناقش منذ اسابيع.
التعليقات