تطورت ترسانة كوريا الشمالية الصاروخية عبر العقود الماضية من صواريخ بدائية تطلق بواسطة قطع المدفعية مستقاة من تصاميم استخدمت في الحرب العالمية الثانية الى صواريخ متوسطة المدى بامكانها اصابة اهداف في المحيط الهادئ.
ويبدو ان جهود كوريا الشمالية الأخيرة تتركز على انتاج صواريخ بعيدة المدى قد يكون بإمكانها ضرب اهداف في البر الأمريكي.
فمنذ عام 2012، شوهد نوعان من الصواريخ العابرة للقارات (وهما KN-08 و KN-14) في الاستعراضات العسكرية التي تجريها بيونغيانغ بشكل دوري.
يعتقد ان لصاروخ KN-08 ذي المراحل الثلاث، والذي يطلق من ظهر ناقلة محورة، مدى يتجاوز 11,500 كيلومتر.
أما الصاروخ KN-14، فيبدو انه صاروخ ذو مرحلتين يبلغ مداه نحو 10 آلاف كيلومتر.
ولم يتم اختبار أي من الصاروخين بعد، ولكن الصور التي نشرت مؤخرا تشير الى ان اختبارات محركات الصاروخين جارية على قدم وساق، كما تشير الى اجراء اختبارات على درع حراري لرأس نووي قد يركب على الصاروخ مستقبلا.
ولكن يعتقد، ورغم هذا التقدم، ان كوريا الشمالية ما زالت تفتقر الى القدرة على استهداف مدينة ما بشكل دقيق بصواريخها العابرة للقارات، كما يعتقد انها تفتقر الى القدرة على انتاج رأس نووي من الصغر بحيث يمكن حمله بواسطة الصواريخ التي تمتلكها.
لماذا تصر بيونغيانغ على انتاج الصوارخ عابرة القارات؟
ينظر الى الصواريخ الباليستية العابرة للقارات على انها رمز للتعبير عن القوة إذ انها تتيح للبلد الذي يملكها تصويب قوة نارية هائلة على اعدائه رغم وجودهم على الطرف الآخر من الأرض.
والمبرر الرئيسي والحقيقي لانفاق المال والوقت والجهد على تطوير هذه الصواريخ هو استخدامها لحمل الأسلحة النووية.
خلال الحرب الباردة، سعى الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الى التوصل الى سبل مختلفة لحماية صواريخهما وايصالها الى اهدافها. وكانت هذه الصواريخ مخبأة في صوامع خاصة أو محملة على شاحنات ضخمة أو على متن غواصات تجوب المحيطات.
من الجدير ذكره ان كل الصواريخ العابرة للقارات مصممة حسب مفاهيم متشابهة، فهي عبارة عن صواريخ متعددة المراحل ذات وقود صلب او سائل وتحمل رؤوسا حربية الى الفضاء الخارجي.
بعد وصول هذه الرؤوس الحربية - وهي قنابل هيدروجينية عادة - الى الفضاء الخارجي، تعود الى الى الغلاف الجوي للأرض وتنفجر فوق هدفها المحدد أو عليه مباشرة.
وبعض الصواريخ العابرة للقارات مزودة بأكثر من رأس نووي، مما يسمح لها بضرب عدة أهداف في وقت واحد وخداع أنظمة الدفاع الصاروخي.
إبان الحرب الباردة، كان مدى الصواريخ العابرة للقارات وتهديدها الماثل من أسس مبدأ "الدمار الشامل المشترك ( MAD)" الذي كان سائدا آنذاك.
ينظر الى هذا المبدأ على أنه ساعد في استتباب السلام لأن أي من الطرفين لم يمكنه من الانتصار في حرب نووية دون تكبد خسائر هائلة.
تاريخ برنامج كوريا الشمالية الصاروخي
بدأت كوريا الشمالية برنامجها الصاروخي بصواريخ "سكود"، ويقال إن أول شحنة من هذه الصواريخ وصلتها في عام 1976 عن طريق مصر. وبحلول عام 1984، كانت بيونغيانغ تنتج نسختها من هذه الصواريخ تحت اسم "هواسونغ."
وكان لهذه الصواريخ مدى أقصى يبلغ نحو الف كيلومتر، وكان بامكانها حمل رؤوس حربية تقليدية وكيمياوية وربما حتى بيولوجية.
طور الكوريون الشماليون صواريخ "هواسونغ"، وانتجوا صواريخ "نودونغ" ذات مدى يبلغ 1300 كيلومتر.
وفي تحليل نشره في نيسان / ابريل 2016، قال المعهد الدولي للدراسات الاستراتيجية إن بامكان هذه الصواريخ المطورة "ان تضرب كل كوريا الجنوبية واجزاء كبيرة من اليابان."
واصلت كوريا الشمالية تطوير قدراتها الصاروخية، ففي عام 2016 طورت صاروخ "موسودان" الذي يبلغ مداه حوالي 2500 كيلومترا (حسب المخابرات الاسرائيلية) أو 3200 كيلومترا (حسب وكالة الدفاع الصاروخي الامريكية). وتقول مصادر أخرى إن مدى هذا الصاروخ قد يصل الى 4000 كيلومتر.
وحصل تطور آخر في آب / أغسطس 2016، عندما اعلنت كوريا الشمالية انها اختبرت صاروخا "ارض ارض متوسط الى بعيد المدى" يطلق من الغواصات يدعى "بوكغوكسونغ."
وأطلق نموذج آخر من هذا الصاروخ من قاعدة أرضية في شباط / فبراير 2017.
التعليقات