تناولت صحف عربية بنسختيها الورقية والإلكترونية الجدل الدائر في لبنان حول نية عدد من الوزراء اللبنانيين زيارة دمشق لحضور مؤتمر لمناقشة "إعادة إعمار سوريا".
وانقسم مجلس الوزراء إلى فريقين، أولاهما يعارض الزيارة وما يصفه بفكرة "التطبيع" مع دمشق، وثانيهما ينتقد تلك المعارضة ويراها "سباحة ضد التيار" و"دفن للرأس في الرمال" حسب تصريحات بعض السياسيين أصحاب المواقف الداعمة للحكومة السورية.
"إعادة لبنان إلى سوريا"
يرى طوني عيسى، في الجمهورية اللبنانية، أن "اﻷزمة الناشئة اليوم، بسبب زياراتٍ يقوم بها وزراء حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحرّ لدمشق ليست سوى رأس جبل الجليد. بعد ذلك، هناك استحقاقاتُ كبيرة آتية".
يقول الكاتب: "واقعياً، الاعتباراتُ الخارجية لا الداخلية، هي التي ستتيح للبنان المقدارَ المطلوب من اﻻتصال مع نظام اﻷسد. وربما يريد عددٌ من القوى في الداخل إرسالَ تطمينات إلى الولايات المتحدة وقوى دولية أخرى، وعربية، مفادها أنها لن تنفتح على نظام اﻷسد على رغم اختلال التوازنات الداخلية لغير مصلحتها".
ويفتتح نديم قطيش مقاله في الشرق الأوسط اللندنية بالقول: "يجتهد حزب الله في الظاهر لإعادة بشار الأسد إلى لبنان، أو إعادة لبنان إلى سوريا الأسد".
ويقول الكاتب في ختام مقاله: "لا نجح حزب الله في استدراج الدولة اللبنانية إلى التنسيق مع جيش وحكومة الأسد، ولا نجح في انتزاع تكليف حكومي لبناني لزيارة وزيره إلى دمشق، ولا في الحقيقة هو معني بالأمرين".
ويقول سعد إلياس، في القدس العربي اللندنية "إن ثمة مأزقاً كبيراً تواجهه الحكومة قد يكون الأخطر منذ تشكيلها، وان التسوية التي قامت على أساسها الحكومة لجهة تحييد الملفات الخلافية وتحييدُ لبنان عن الأزمات التي يشهدها محيطه، في مقابل التفرّغ للشأن العام ولتحسين ظروف عيش المواطن، تتعرض لمحاولات كسر على يد أطراف الحكومة وتحديداً على يد حزب الله وحلفائه".
معارضة "التطبيع" مع دمشق
يستغرب إيلي القصيفي في المستقبل اللبنانية منطق حلفاء سوريا في لبنان لتبرير الزيارات التي سيقوم بها بعض الوزراء إلى سوريا للمشاركة في مؤتمر حول "إعادة إعمار سوريا".
يقول الكاتب إن هذه التنسيق يهدف إلى "تعويم النظام السوري ودفع الحكومة اللبنانية إلى التطبيع معه على الرغم من الانقسام العمودي حول هذه المسألة في لبنان، شعبياً وسياسياً".
وتقول جانا حويس في المستقبل: "لم تنفع حجج الضرورات السياسية والجغرافية والتاريخية في الدفع إلى إعطاء الحكومة اللبنانية موافقتها الرسمية علي التعاون المباشر ما بين الدولتين اللبنانية والسورية، كما لم تفلح محاولات استعطاف مشاعر الشعب اللبناني".
في السياق ذاته، تقول رلى موفق في اللواء اللبنانية إن "لبنان أصبح في الفصل الأخير من محاولات إلحاقه الكلي بالمواجهة الدائرة في المنطقة، وأن سياسة النأي بالنفس الرسمية عن مجريات الصراع الذي يشهده الإقليم قد تكون تلفظ أنفاسها الأخيرة".
تضيف أنه "إذا كان خروج بري من المنطقة الرمادية قد شكل إيذاناً ببداية مرحلة جديدة لحلفاء إيران، فإنهم يطرحون في الكواليس سؤالاً عن المدى الذي يمكن أن يذهب اليه الحريري في الكباش السياسي الآتي لا محالة".
كذلك ينتقد رضوان السيد في الشرق الأوسط اللندنية ما يصفه بمحاولات حزب الله اللبناني "بالسيطرة والغلبة".
ويشير الكاتب إلي أن "حزب الله يريد إعادة وصلهم (مسيحيو النظام) بنظام الأسد لإعادة المهجرين، والكسب من إعادة إعمار سوريا. همُّ الحزب السيطرة والمحور الإيراني ومصالحه".
ويشدد السيد على ضرورة "التفكير باستنقاذ الدولة والدستور والعيش المشترك، والسلام الوطني، والاستقلال الوطني".
"سباحة عكس التيار"
يقول محمد بلوط في الديار اللبنانية: "يصرّ فريق في لبنان على السباحة عكس التيار اليوم بعد ان تمكنت سوريا بالانتصارات التي حققها جيشها من احداث خرق في دائرة الحصار التي فرضتها عليها الولايات المتحدة وحلفاؤها".
ويشير بلوط إلى أن بلداناً عديدة غربية وعربية فتحت قنوات اتصال مع الحكومة السورية لمحاربة الإرهاب.
ويضيف أنه "إذا كان هذا هو الحال بالنسبة للتعاون الأمني بين الحكومة السورية وهذه الدول فكيف يجب أن يكون الحال بينها وبين لبنان الذي يتشارك معها في حدود تمتد شرقاً من الجنوب إلى الشمال عدا عن الحدود الشمالية؟
تقول منال أيوب في الصحيفة نفسها: "مهما كان اتّجاه الوزراء الذين قرّروا زيارة سوريا، هذا حقّ من حقوقهم... فكيف يمكن انتقادهم في حين أن البعض يزور قيادات عالميّة تعمل على تفكيك العلاقات الإقليمية؟".
وتضيف طارحةً عددا من التساؤلات أنه "في الشّكل، هذه الزيارة تقسّم البلد كما يقول البعض... لكن هل يمكن اعتبار أن الوطن "واحد موحّد" وغير مقسّم؟ كيف يمكن أن نتكلّم عن الانقسام، ومنذ زمن وهو موجود فيه؟"
التعليقات