كان التقليد اليوناني القديم المعروف باسم "ايكيخيريا" يدعو الى هدنة خلال الألعاب الاولمبية للتشجيع على إشاعة بيئة سلمية وضمان مرور الرياضيين وغيرهم من الأشخاص ذوي العلاقة بأمان ومشاركتهم في الألعاب وتعبئة شباب العالم لقضية السلام. وتعود فكرة الروح الاولمبية الى بيير دي كوبرتان الذي بمبادرة منه عُقد مؤتمر باريس الرياضي الدولي في يونيو 1894. 

وشُكلت اللجنة الاولمبية الدولية في 23 يونيو 1894. وجرى الاحتفاء بأول دورة العاب اولمبية (اولمبياد) في العصر الحديث في اثينا عام 1896. وأُقيمت اول دورة العاب اولمبية شتوية في شاموني، فرنسا، عام 1924. 

واعترف الميثاق الاولمبي الصادر في 2 أغسطس 2015 بأن الروح الاولمبية فلسفة حياة تفتح طريقاً للعيش على اساس الفرح بالمجهود والقيمة التربوية للقدوة الحسنة والمسؤولية الاجتماعية واحترام المبادئ الأخلاقية الاساسية العامة. وبهذه الروح، فإن العمل من اجل السلام والتطور المتناغم للبشرية والتفاهم المتبادل والتضامن والصداقة والحفاظ على الكرامة الانسانية أهداف ذات جذور راسخة في الحركة الاولمبية. 

ولتحقيق هذه الأهداف تشجع اللجنة الاولمبية الدولية وتدعم المبادرات التي تجمع بين الرياضة والثقافة والتربية. وفي هذا السياق تقوم اليونسكو بدور محوري بوصفها الوكالة الرئيسية للتربية البدنية والرياضة بين وكالة الامم المتحدة لبلوغ هذه الغايات. 

وفي الحقيقة ان هذه الوكالة المتخصصة من وكالات الأمم المتحدة تساعد وتقدم مشورتها للدول الأعضاء التي ترغب في تطوير أو تعزيز نظامها التمريني في التربية البدنية. يضاف الى ذلك ان اليونسكو تقوم بدور السكرتارية للجنة الدولية الحكومية للتربية البدنية والرياضة.

ومن خلال التعاون مع اليونسكو يتواصل المجتمع الدولي مع المجلس الاستشاري الدائم للجنة الحكومية الدولية للتربية والرياضة واللجنة البارالمبية الدولية وصندوق الأمم المتحدة للطفولة "اليونسيف" وبرنامج الأمم المتحدة الانمائي وبرنامج الأمم المتحدة للبيئة ومكتب الاتفاق العالمي للأمم المتحدة وهيئة الأمم المتحدة للمرأة ومنظمة الصحة العالمية. كما تنتمي اليونسكو الى فريق العمل المشترك لوكالات الأمم المتحدة حول الأمراض غير المعدية. 

الجدير بالاهتمام في هذا السياق ان مجلس الأمم المتحدة لحقوق الانسان اصدر في اجتماعه في سبتمبر 2014 قراراً يطلب فيه من اللجنة الاستشارية انجاز الدراسة التي تتناول امكانات استخدام الرياضة والفكرة الاولمبية لتدعيم حقوق الانسان وتعزيز الاحترام العام لهما. وقُدمت الدراسة الى المجلس في عام 2015. 

وفي عام 2016 اصدر مجلس حقوق الانسان قراراً يشجع الدول على مكافحة التمييز في الرياضة وتمكين الجميع من ممارسة الرياضة بلا معوقات والتعاون مع اللجنة الاولمبية الدولية واللجنة البارالمبية الدولية في جهودهما لاستخدام الرياضة من اجل حقوق الانسان والتنمية والسلام والحوار والمصالحة. كما يشجع القرار على التوعية والتثقيف بحقوق الانسان. 

وفي 16 نوفمبر 2017 اصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قراراً يرحب بالتعاون بين الدول الأعضاء والمنظمة الدولية ووكالاتها المتخصصة وصناديقها وبرامجها لتعظيم امكانات الرياضة للمساهمة بقسطها في تحقيق اهداف التنمية المستدامة في اطار جدول أعمال 2030 للتنمية المستدامة.

وتنسجم الروح الاولمبية انسجاماً تاماً مع رؤية المملكة العربية السعودية 2030 التي تنظر الى الرياضة على انها من مقومات "سعادة المواطنين والمقيمين" التي تأتي على رأس اولويات المملكة.

وبعد التنويه بأهمية نمط الحياة الصحي والمتوازن في تحقيق حياة عالية الجودة والاعتراف بأن فرص ممارسة الرياضة كانت في احيان كثيرة لا ترتقي الى طموحات المملكة تشدد رؤية 2030 على "تشجيع المشاركة الواسعة والمنتظمة في الألعاب الرياضية والأنشطة الرياضية والعمل في شراكة مع القطاع الخاص لانشاء مرافق وبرامج اضافية مخصصة. وسيكون بمقدور المواطنين والمقيمين ممارسة رياضاتهم المفضلة في بيئة مثلى. ونطمح الى التفوق في الألعاب الرياضية وان نكون من بين الدول الرائدة في مجال رياضات مختارة إقليمياً وعالمياً". 

واطلقت الامارات ايضاً في عام 2010 رؤية 2021 التي تدعو فيها حكومة الامارات الى الانتقال نحو بناء اقتصاد متنوع اساسه المعرفة. وحددت الرؤية ايضاً هدف تحقيق انجازات رياضية في البطولات الاولمبية والبارالمبية واعتبرت هذا الهدف من مقومات تلاحم المجتمع والحفاظ على الهوية الوطنية. 

وتلتزم الامارات التزاماً ثابتاً بالمفهوم القائل ان الرياضة أداة قوية لمشاركة جميع مكونات المجتمع والمساواة بين الجنسين وتمكين الشباب. وعلى هذا الأساس فإن الامارات هي احدى الدول الثماني عشرة الأعضاء المنتخبة في اللجنة الدولية الحكومية للتربية البدنية والرياضة. يضاف الى ذلك ان اللجنة الوطنية الاولمبية في الامارات اعلنت ان ابو ظبي سترشح لتكون أول دولة في الشرق الأوسط وشمال افريقيا تستضيف الالعاب العالمية الصيفية للاولمبياد الخاص في عام 2019. 

ويهدف برنامج العمل الوطني لرؤية 2021 الى الارتقاء بالامارات لتكون من أفضل الدول في العالم على مؤشر التنمية البشرية وأكثر البلدان سعادة بحيث يفتخر مواطنوها بالانتماء الى الامارات. كما يضع برنامج العمل الوطني خطة طموحة لزيادة انجازات الامارات وأوسمتها في الالعاب الدولية والاولمبية. 

وتنظر الامارات والسعودية الى الرياضة على انها لغة عالمية وأداة قوية لتعزيز السلام والتسامح والتفاهم. وان قيمها الأصلية مثل العمل الفرقي والاحترام واللعب النظيف قيم مفهومة في سائر انحاء العالم ويمكن ان توظف لتدعيم التضامن والتلاحم الاجتماعي والتعايش السلمي. وتتمتع الرياضة بأفضليات فريدة لتعزيز السلام. 

آن الأوان لاستكشاف مجالات جديدة تعبر عن المصالح المحددة وتقلص من خلال الرياضة الاختلافات الحالية بين الشعوب التي تشكل مصدرا للنزاع والتوترات غير المبررة في مجتمعاتنا. ولتحقيق هذا الهدف من المهم التعاون مع اليونسكو في خدمة هذه الرسالة النبيلة بتحديد تلك الممارسات والدروس الايجابية المستخلصة في مضمار الرياضة والتنمية والسلام. 

ترجمة: عبد الاله مجيد