إيلاف من دبي: في سياق الموجة العالمية المتصاعدة لمكافحة الأخبار الملفقة، خرج مارك زوكربرغ، مؤسس موقع فايسبوك للتواصل الاجتماعي، معلنًا عن عزمه تطبيق تحديثات كبيرة على خوارزميات منصة موقعه، الهدف منها إظهار المزيد التفاعلات الاجتماعية ذات المغزى التواصلي الإنساني، بدلاً من محتوى إخباري لا يتعلق بمستخدم فايسبوك بشكل مباشر، وذلك على صفحته الشخصية، ضمن ما يسمى "آخر الأخبار" أو "نيوز فيد".
أخبار أقل
أعلن زوكربرغ عن نيته الإبقاء فقط على الأخبار التي يثق بها مجتمع فايسبوك. وقال في منشور على حسابه الشخصي إنه يريد خفض حجم الأخبار الظاهرة في تحديثات الأخبار على الموقع إلى 4 في المئة بدلًا من 5 في المئة كما هي الآن.
كانت ردة الفعل الأولى على هذا الإعلان تحفظ المؤسسات الإعلامية والشركات الإعلانية التي وجدت في صفحات فايسبوك شيه المجانية ظالتها في الوصول إلى أكبر عدد ممكن من العملاء المفترضين، من دون أن يكلفها ذلك مالًا كثيرًا، حتى لو اضطرت أحيانًا إلى نشر إعلان مدفوع في صفحات الموقع.
رد خبراء في التواصل الاجتماعي قرار زوكربرغ إعادة شبكته للتواصل الاجتماعي إلى المبدأ الأساس الذي قامت عليه، أي إقامة مجتمع "شيكي" تواصلي، ردّوه إلى اعترافه نفسه بأن تعليقات مستخدمي فايسبوك وشكواهم من مزاحمة منشورات صفحات الشركات والعلامات التجارية ووسائل الأنباء منشوراتهم الخاصة وسعيهم إلى التواصل.
وبحسب هؤلاء الخبراء، تؤثر تحديثات فايسبوك الأخيرة في طريقة وصول الأخبار والمقالات الإخبارية إلى الشريحة المستهدفة، من خلال منعها من البروز في صدارة الـ "نيوز فيد" الخاص بالمستخدم، ما يتيح المجال أكثر ليرى هذا المستخدم مشاركات أفراد عائلته وأصدقائه والمقربين إليه.
الموثوقة فقط
في قراره هذا، فرّق مؤسس فايسبوك بين المواقع الإخبارية التي يتابعها القرّاء أنفسهم، وتلك التي تحظى بالثقة بشكل عام بين جمهور مجتمع الفيس بوك، وتلك التي لا مصدر واضح لأخبارها، لافتًا إلى أنه بهذا التحديث التعديلي لن يخفض عدد منشورات الأخبار المعروضة، بل سيزيل الأخبار التي لا مصدر لها فحسب، وذلك بحسب استطلاع آراء المتابعين.
قال زوكربرغ في منشوره إن العالم اليوم مليء بالمعلومات الملفقة والمواد المثيرة للنعرات المختلفة، "وتمكّن وسائل التواصل الاجتماعي مستخدميها من نشر المعلومات بطريقة أسرع من السابق، وإن لم نواجه هذه المشكلات سريعًا، فإننا سنتحول إلى أبواق نضخم المشكلة ونعزز التلفيق. وهنا تكمن أهمية تقديم أخبار موثوقة تساهم في بناء قاعدة مشتركة".
ونسبت وكالة أسوشيتد برس إلى إدارة موقع فايسبوك قولها إنه الأولوية ستكون لمصادر الأخبار التي تعتبر جديرة بالثقة في الولايات المتحدة، ثم في دول العالم أجمع، لافتةً إلى أنها استطلعت آراء عينة متنوعة ذات تمثيل عالي من مستخدمي الولايات المتحدة، وستبدأ قريبًا في اختبار أولويات مصادر الأخبار الـ "جديرة بالثقة".
قال زوكربرغ: "فكرنا في طلب المساعدة من خبراء خارجيين، لكنهم قد يتخذون قرارًا بعيدًا من تقويمنا لا يحل مشكلة الموضوعية. أو فكرنا أن نسألك أنت، بصفتك جمهور فايسبوك، ومراجعتك أنت ستحدد تصنيف الأخبار التي تمر في صفحتك".
وبحسب الوكالة نفسها، الناشرون الذين سيحصلون على نقاط أقل في الاستطلاعات، سيواجهون خفضًا كبيرًا في نشر أخبارهم على صفحات فايسبوك.
رابحون وخاسرون... ولكن!
توقع مراقبون أن يكون عدد الخاسرين من هذه الخطوة كبيرًا، وأن تكون المؤسسات الإعلامية التقليدية التي تتمتع بحضور إعلامي موثوق من بين الرابحين.
فهذا التعديل في شريط أخبار فايسبوك دون سابق سيشكل ضربة قوية لوسائل إعلامية كثيرة تعول كثيرًا على شبكات التواصل الاجتماعي لنشر أخبارها. حتى أن بعض المراقبين يقول إن هذا التغيّر المفاجئ في نهج إعلامي وإعلاني رسا سنوات قد يزعزع الأنموذج الاقتصادي المعتمد في عدد لا بأس به من الوسائل الإعلامية التي تعتمد تمامًا على نشر محتواها الإعلامي في صفحات مستخدمي فايسبوك، وتجني الأموال من إعلانات تنشرها على المواقع الإلكترونية المختلفة، وفي صدارتها شبكات التواصل الاجتماعي.
يضيف الخبراء إن خطوة زوكربرغ هذه لن تمر بلا ضرر على وسائل الإعلام "التقليدية" و"الموثوقة" التي تنشر جزءًا من محتواها الإخباري على فايسبوك لزيادة حضورها الشعبي، فهذه ستتكبد خسائر لا يمكن تحديدها بعد جراء حرمانخا من إيرادات إعلانية طائلة، ما سيضطرها إلى وقف تعاونها مع فايسبوك، على الرغم من أنه أكبر شبكة تواصل اجتماعي اليوم، خصوصًا أنها تعرضت لصفعة حين أتاح فايسبوك خاصية "المقالة الفورية" (إنستنت آرتيكلز) للمحررين كي ينشروا مقالاتهم مباشرة على منصته بعائدات إعلانية قليلة.
في الجانب الإعلاني، ثمة خبراء يرون في قرار زوكربرغ خطيئة مميتة، لأنه سيحرم فايسبوك من إعلانات تمثل نحو 95 في المئة من إيراداته السنوية، خصوصًا اليوم، في وقت يُتهم فيه الموقع باتهامات تشوه صورته، منها تحيزه ضد المواقع الإخبارية المحافظة، والتسبب بحالات إدمان رقمية مختلفة.
- آخر تحديث :
التعليقات