بعد توقيع بدء العلاقات الدبلوماسية في 15 أكتوبر منذ عشر سنوات، ومع وجود أزمة النازحين السوريين في لبنان، كيف يمكن اليوم مقاربة العلاقات اللبنانية السورية، وإلى أين تتجه في المستقبل؟.

إيلاف من بيروت: في مثل هذا اليوم، أي في 15 أكتوبر من العام 2008، وقّع وزيرا الخارجية اللبناني فوزي صلوخ والسوري وليد المعلم في دمشق على إعلان بدء العلاقات الدبلوماسية بين البلدين. ومع وجود أزمة النازحين في لبنان، كيف يمكن مقاربة العلاقات اللبنانية السورية اليوم؟.

ملحّة إقتصاديًا
يؤكد المحلل السياسي والأكاديمي بشارة أبو زيد لـ"إيلاف" أن لبنان المنقسم على نفسه متضارب الرؤى بشأن إعادة تفعيل التواصل الرسمي مع سوريا، ففي حين يؤيد قسم كبير من اللبنانيين والقوى السياسية هذه العلاقات، ويعتبرونها ضرورة وحاجة لبنانية ملحّة اقتصاديًا واجتماعيًا وسياسيًا وأمنيًا أيضًا، يجهد فريق آخر في رفض هذه العلاقات وإعادة تفعيلها ويجعلون منها عقدة، سواء في تشكيل الحكومة أم في البيان الوزاري.

يتابع "على وقع السجال الداخلي حول ​العلاقات اللبنانية السورية​، توضع علامات الإستفهام حول ما تطرحه بعض القوى السياسية بالنسبة إلى رفض "التنسيق" مع دمشق أو "التطبيع" معها، لا سيّما في ظل المعاهدات الموقّعة بين الجانبين، التي لا تزال قائمة حتى اليوم، وهي تفرض على الدولتين، بحسب المادة الأولى من معاهدة "الأخوّة والتعاون والتنسيق"، العمل على تحقيق أعلى درجات التعاون والتنسيق بينهما في جميع المجالات السياسيّة والإقتصاديّة والأمنيّة والثقافيّة وغيرها بما يحقق مصلحة البلدين في إطار سيادة وإستقلال كل منهما".

إضافة إلى ذلك، هناك مجلس أعلى بين البلدين، يتشكل من رئيس الجمهورية، في كل من الدولتين المتعاقدتين، وكل من رؤساء مجلس النواب والحكومة ونائب رئيس الحكومة، إلى جانب العديد من اللجان الأخرى التي تضم المسؤولين في الدولتين، أي إن رئيس الحكومة المكلّف سعد الحريري​، الذي أعلن رفضه "التنسيق" مع دمشق، هو عضو في هذا المجلس.

14 آذار
رغم ذلك يؤكد أبو زيد أنه "في السابق، طرح ملف العلاقات اللبنانية السورية في أكثر من مناسبة، لكن في كل مرة كان يصطدم بالعديد من الإعتراضات المحلية، أبرزها من جانب قوى الرابع عشر من آذار، لا سيما تيار "المستقبل"، في حين كانت قوى الثامن من آذار من الداعمين له.

يضيف: "لا تزال قوى الرابع عشر من آذار عند مواقفها السابقة، حيث إن هذا الأمر غير مطروح على الإطلاق، لا سيما أنه ليست هناك حكومة سورية تحظى بالشرعية، للتنسيق معها، وتدعو إلى الإستمرار في طرح مسألة النازحين مع المجتمع الدولي. وبحسب 14 آذار، فإن "المناطق الآمنة لا يمكن أن تطلب من دمشق، فهؤلاء هاربون من نظامها، لكن من الممكن دعوة الأمم المتحدة إلى إقامة مخيمات في الداخل السوري أو على الحدود يعود إليها هؤلاء".

وتعتبر 14 آذار بحسب أبو زيد أن أزمة النازحين السوريين كان من الممكن معالجتها في البداية، فيما لو أقدمت الحكومة السابقة على تنظيم عملية النزوح ضمن مخيمات تتوافر فيها كل الشروط التي تمنع إستغلالهم وتحفظ الإستقرار اللبناني.

وبحسب 14 آذار، يتابع أبو زيد فإن "التنسيق مع الحكومة السورية الحالية يعني إعطاء شرعية لها، الأمر الذي قد تكون له تداعيات على الواقع اللبناني، بغضّ النظر عن الوفود التي تزور دمشق في الوقت الراهن. وتشير قوى 14 آذار بحسب أبو زيد إلى خطورة القيام بمثل هذه الخطوة بصورة منفردة، لا سيما أن غالبية الدول العربية تعارض هذا الأمر، لأنه في الأصل لا يمكن أن يتم البحث، بحسب 14 آذار، عن حل مع المسؤول عن المشكلة".

في المحصلة، يشير أبوزيد إلى أن قضية العلاقات اللبنانية السورية تراوح في مكانها منذ اليوم الأول لبدء الحرب السورية، ولم تدفع المخاطر "الإرهابية"، أو تخلي المجتمع الدولي عن مسؤولياته، قوى الرابع عشر من آذار إلى مراجعة حساباتها، على الرغم من أن الحديث عن إسقاط الرئيس السوري بشار الأسد بات من الماضي، ما يعني أن الأمور مرجحة إلى المزيد من التعقيد.
&